آخر الأخبارالسلايدر الرئيسيالغد الاردني

تساؤلات حول جدية مكافحة التحرش

رانيا الصرايرة

عمان – ما ان حلت الذكرى السنوية الثانية لاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190، بشأن مكافحة العنف والتحرش في عالم العمل، حتى نشطت منظمات مجتمع مدني بحملات، تطالب الأردن بالتوقيع عليها.
وبرغم إطلاق عدة حملات وتذكير بجهود مواجهة وضمان مساءلة مرتكب التحرش في مكان العمل، سيظل السؤال بشأن مصداقية الإجراءات المضادة للتحرش، وهل ما نزال بحاجة لتطوير سياسات مكافحتها، في وقت ما تزال فيه الضحية ونتيجة “القصور التشريعي وثقافة العيب والوصمة الاجتماعية التي تلاحق النساء”، تحرمهن من العمل، بإعطائهن “الحق بتركه” بدلا من معاقبة المتحرش.
مكتب المنظمة في الأردن، وبالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة والاتحاد العام لنقابات عمال الأردن واللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، اطلقوا أمس، حملة (نحو بيئة عمل آمنة خالية من العنف والتحرش).
الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، دعا الحكومة للمصادقة على الاتفاقية، مؤكدا دورها بمعالجة شاملة للعنف في بيئة العمل، لتوفير بيئة عمل آمنة لكلا الجنسين.
وبين في تقرير له أمس، أن الاتفاقية تمثل إطارا حقوقيا توافق عليه ممثلو أطراف الإنتاج (عمال، أصحاب عمل، حكومة)، للانطلاق بعدها لتطوير سياسات وبرامج وآليات عمل، لتطبيق ما جاء في الاتفاقية على أرض الواقع.
وأشار الاتحاد إلى أن تعرض عاملين وعاملات للعنف أو التحرش، خرق لمعايير العمل اللائق، ما يجعل بيئة العمل غير آمنة، ويؤثر سلبا على الإنتاجية ويؤدي لانسحاب المرأة من سوق العمل، وضعف مشاركتها الاقتصادية.
ودعا لتعزيز سياسات وبرامج مكافحة العنف في بيئة العمل، كحل يتضمن تعزيز مشاركة المرأة الاقتصادية، وعدم انسحابها من سوق العمل.
وأكد رئيس الاتحاد مازن المعايطة، تمسك النقابات العمالية بإيجاد بيئة عمل حاضنة للمرأة، وتضمين قضية العنف ضدها باتفاقيات العمل الجماعي بين النقابات واصحاب العمل، لافتا إلى أن نقابتي الصناعات الغذائية، والغزل والنسيج، وقعتا عقود عمل جماعي، نصت على “مكافحة العنف والتحرش والتمييز”.
كما أكدت رئيس النقابة العامة للعاملين في الصناعات الغذائية بشرى السلمان، الاستمرار بإدماج قضية العنف في بيئة العمل، ضمن اتفاقيات العمل الجماعي.
واشارت السلمان إلى أن النقابة تبذل جهودها، لتعزيز ثقافة عمالية لنبذ العنف والتحرش والتمييز في العمل، عبر أنشطة متنوعة تتضمن ورشا تدريبية لرفع الوعي بهذه القضية.
ودعت أصحاب العمل، سيما في قطاع الصناعات الغذائية، لاتخاذ تدابير وآليات للقضاء على العنف بأشكاله كافة في بيئة العمل.
دراسة “ظاهرة التحرش في الأردن 2017″، الصادرة عن اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، أظهرت أن 10.5 % من ضحايا التحرش في العمل، تخلوا عن وظائفهم، وأن أكثر الفئات التي ترتكب أفعال وسلوكات التحرش في العمل هم من الذكور بنسبة 29 %، يتلوهم المراجعون الذكور بنسبة 22 %، فالإداريون الذكور 12 % والمديرون الذكور 11.6 %”.
جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن”، دعت الحكومة أيضا، للمصادقة على الاتفاقية، خصوصا وأن إجراءات عديدة لوزارة العمل مؤخرا، أكدت أن الإرادة السياسية حاضرة عبر السياسات الحكومية
ولفتت “تضامن” الى عدم امكانية وجود إجراءات ذات مصداقية ومستدامة لصالح المساواة بين الجنسين في أماكن العمل، دون اتخاذ إجراءات حقيقية وفعالة، تتصدى لظاهرتي التحرش الجنسي والعنف في العمل، وضمان بيئة عمل لائقة وصديقة للأسرة والمرأة، وتبني تشريعات وسياسات مناهضة لهذه الظاهرة من جهات حكومية وخاصة ومجتمع مدني.
كما أظهرت الدراسة، أن أكثر أشكال التحرش الجنسي، في أماكن العمل انتشاراً هو التحرش اللفظي (51.6 % من أفراد العينة المتحرش بهم في أماكن العمل)، تلاه التحرش الإيمائي (51.5 %)، فالتحرش الجسدي (37.4 %)، والتحرش الإلكتروني (35.8 %)، وأخيراً التحرش النفسي (35.3 %). وكانت نسبة انتشار التحرش الجنسي في أماكن العمل بأشكالة كافة، بين أفراد العينة (42.3 %).
ويقصد بالتحرش الجنسي في مكان العمل، وتعاني منه النساء أضعاف مما يعانيه الرجال منه “القيام بإيحاءات جنسية غير مرحب بها، تؤدي إلى بيئة عمل عدائية، أو عندما يعتبر الطرف الذي يتلقى هذه الإيحاءات، بأنها منافية للأخلاق، أو أن رفضها سينعكس سلباً، أو قد يُعتبر بأنه سينعكس سلبا على ظروف العمل الحالية أو المحتملة”. وتعتبر العاملات المنزليات من أكثر الفئات التي تتعرض للتحرشات الجنسية.
وقالت (تضامن) إن ضحية التحرش الجنسي “قد تترك عملها، وفي حال استمرارها به تعاني من أضرار مقرونة بالوظيفة أو الترقية أو إعادة التوظيف أو استمرارية الوظيفة، ويكون لرفض الإيحاءات الجنسية وقع سلبي على ظروف العمل، عندما يصبح عرض العمل أو شروطه أو الترقية أو إعادة التوظيف أو استمرارية الوظيفة، رهناً بقبول الشخص للإيحاءات الجنسية غير المرغوبة، أو بمدى احتماله لها”.
ولفتت الى عدة أسباب تعمل معا، وتحد من مواجهة التحرش الجنسي في العمل، أهمها: القصور التشريعي وثقافة العيب والوصمة الاجتماعية التي تلاحق النساء، ولهذا فإن عدد الشكاوى المقدمة لمديرية التفتيش بوزارة العمل حول التحرش محدودة جدا، كما أن القانون الحالي وفي حالة ثبوت التحرش، يعاقب صاحب العمل أو من يمثله، ويخرج من نطاق العقاب زملاء وزميلات عمل، أو عملاء، ويحرم النساء المتحرش بهن من العمل في حال تقديم شكاوى، اذ اعطاهن الحق بترك العمل، ولم يعمل على وقايتهن وحمايتهن، مع الحفاظ على عملهن.
وتقترح “تضامن” من أجل مكافحة التحرش في العمل، تعديل قانون العمل لتجريم هذا السلوك، وتعريفه وتحديد أشكاله، بحيث يعاقب من يرتكبه، أكان صاحب عمل أو زميل أو عميل من الجنسين، ويضمن الوقاية والحماية للنساء العاملات، وتدريب المفتشين بوزارة العمل على كيفية رصد حالات التحرش ومتابعتها وتوثيقها، وإنشاء قاعدة بيانات تسهم بالتخطيط والتنفيذ لبرامج مكافحته مستقبلاً.
وأكد اهمية زيادة البرامج التوعوية والتثقيفية بشأن التحرش بالعاملات، وتسهيل وصولهن الى مراكز تقديم الخدمات المساندة، كالاستماع والإرشاد والمساعدة القانونية، وتبني استراتيجية واضحة الأهداف والوسائل لمكافحة التحرش في العمل، ودعم برامج إشراك الرجال والشباب في مكافحته، وتعزيز دور وسائل الإعلام بإبراز قضيته ومخاطره النفسية والصحية للمتحرش بهن، والأخلاقية والتربوية للمتحرشين، والأسرية بالنسبة للمجتمع.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock