تسخين ملف حقوق الإنسان

بالفعل، وكما ذهبت بعض مؤسسات المجتمع المدني، سيشكل تعيين الأمير زيد بن رعد على رأس المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التي تقود جهود الأمم المتحدة وتعد أكبر ذراع مدافعة عن حقوق الإنسان في العالم، تحديا حقيقيا للحكومة الأردنية. لكن بالنظر إلى الوجه الآخر، فربما يشكل هذا الأمر فرصة ثمينة للمجتمع والدولة الأردنيين لإعادة ترتيب أوراق ملف حقوق الإنسان، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن وضع حقوق الإنسان في الأردن ليس بالحرج، وهو من بين أفضل الدول في المنطقة، في الوقت الذي توجد فيه قضايا وملفات تحتاج إلى المزيد من المصارحة والعمل الجاد على الأرض.اضافة اعلان
قضايا حقوق الإنسان في الأردن لا يمكن أن تنحصر في ملف حقوق المرأة. ومن غير الموضوعي أن يبقى عنوان ملف حقوق الإنسان لدينا مرتبطا مباشرة بقضية المرأة وحدها. ثمة مطالب نسوية بتعديلات تشريعية منصفة، وأخرى مرتبطة ببعض المطالب صوتها مرتفع بفعل نشاط النخب النسوية على مدى الأعوام الماضية. وثمة إنجازات تمت، وأخرى التزم بها الأردن الرسمي، وآخرها في الاستعراض الدوري الشامل لحالة حقوق الإنسان في الأردن العام الماضي. وثمة قضايا ومطالب نسوية نخبوية تحول دونها عوائق اجتماعية ومحددات ثقافية، وليست الإرادة السياسية.
علينا إدراك أن قضية حقوق الإنسان هي الأساس المتين لكل شيء يمكن أن يبنى عليه وأن يستمر، وهي الأساس المتين للعبور بالدولة والمجتمع والأفراد نحو حياة أطول وأفضل بكرامة، وهي أساس التنمية والديمقراطية والعدالة والمساواة  ونوعية الحياة والمستقبل؛ ومن دون حقوق الإنسان ستبقى الإنجازات معلقة في الهواء. لذا، فإلى جانب قضية المرأة وحقوقها، والتي تحولت للأسف في آخر ثلاثة عقود إلى موضة عالمية، هناك مصفوفة طويلة من الحقوق التي نحتاج أن نفعل بشأنها الكثير. ودعونا نخرج من زاوية المقارنة التقليدية مع السيئين في المنطقة، وحتى في العالم؛ فحقوق الإنسان لا تتجزأ، وليست انتقائية ولا موسمية.
الإنجازات يحميها الناس حينما يستشعرون حقوقهم ويدركونها. وعلينا أن نرفع الصوت حول أولوية الحق في التنمية وحقوق المجتمعات المهمشة. وأن نُخرج الوعي العام من سردية الأقل حظا والأقل رعاية، فننقل أحوال تلك المجتمعات إلى المربع الصحيح، وهو مربع حقوق الإنسان. فالحق في الوصول إلى الخدمات العامة هو حق أساسي، كما أن الحق في عدالة التنمية مسألة أساسية تمس المرأة والرجل. وربما يكمن الكثير من حقوق المرأة في إنجاز الحق في عدالة التنمية.
ثمة قائمة طويلة من الحقوق التي تحتاج إلى مراجعة؛ تبدأ من حقوق البشر، ولا تنتهي بحقوق الشجر والبيئة. ولكن من المفترض أن يتم تطوير حزمة محدودة من القضايا المركزية لا تزيد على خمس، تصبح برنامج عمل المجتمع الأردني خلال فترة الرئاسة الأردنية لمفوضية حقوق الإنسان، من بينها حقوق المرأة، والحق في التنمية، وحرية التعبير، ومحاربة الفساد.