تشخيص ملكي

حديث جلالة الملك لمجلة ديرشبيغل الالمانية فيما يتعلق بالازمة القائمة يقدم تشخيصاً ووصفاً يجب ان يكون اساساً للرؤية وادارة المسائل. الحديث الملكي اشار الى قضيتين هامتين؛ الأولى ان المسار العام للحركة الاسلامية معتدل محب للسلام، وحين يكون اي جسم سياسي او اجتماعي يحمل مساراً معتدلاً محباً للسلام فهذا يعني ان العلاقة مع الدولة ليست تناقضاً حتى لو طرأ اي اختلاف او خلاف، وربما على الذين ذهبوا بعيداً في مواقفهم وطالبوا بما يفهم على انه حيثيات او حل للجماعة ان يعيدوا قراءة انفسهم وفق الرؤية الملكية. ففرقٌ كبير بين رفض موقف للإسلاميين او خطأ مارسه بعض النواب وبين التنظير لحالة طلاق او استئصال للحركة او اعادة هيكلة علاقتها مع الدولة.

اضافة اعلان

اما الامر الثاني فهو الحزم في النظرة الى الارهاب وقتل المدنيين وعدم التسامح مع هذه الظاهرة وضرورة اتخاذ موقف واضح في ادانة قتل المدنيين واستهداف المنشآت، ويفترض ان لا يختلف اثنان على هذا الامر. فمن يقبل ان يقتل طفل او امرأة او رجل، او ان تدمر مؤسسة رسمية او خاصة، ومن يبرر ان تصبح الشوارع والمساجد والمدارس والفنادق مأوى للمتفجرات سواء في الاردن او غيره؟

نظرياً نحن جميعاً في الاردن نرفض الارهاب وقتل المدنيين، وحينما حدثت تفجيرات عمان الارهابية وقفنا جميعاً في صف امن الاردن واستقراره، وخرجت المسيرات المنددة بالارهاب بما فيها يافطات حملت شعارات الاسلاميين، وهذا التوافق يفترض ان لا يضيعه البعض تحت اي مبرر، وعلى بعضنا ان لا يمارس خلطاً بين ادانة الارهاب والحق المشروع لمقاومة المحتل.

فالنقاش حول الارهاب وقتل المدنيين دانه الجميع، فلماذا لا يعاد ترتيب الموقف، اما حق المقاومة للمحتل في فلسطين والعراق فليس مطروحاً للنقاش لانه مسلمة وبديهية. لكن خلط الامور يجعل رفض الارهاب يعني ادانة المقاومة، ولهذا لا بد من فك ارتباط بين الامرين، وليؤكد الجميع على مواقفهم التي تجعل من قتل الابرياء والتفجيرات ارهاباً وتجعل من صانعيه ارهابيين بغض النظر عن اسمائهم. المشكلة فكرية وليست مع شخص او تنظيم، والقتل والتفجيرات مهما كان مبررها ومصدرها فهي ارهاب وفاعل الارهاب ارهابي، اما الخلط فهو سبب الازمة.

وبناء على ما سبق هل يمكن التوافق على مسار لتجاوز الازمة وفق المعطيات التالية:

1- التأكيد على رفض الارهاب والعنف الذي يمس المدنيين والابرياء، وان امن الاردن ودماء شهداء تفجيرات الفنادق امر لا يجوز الاختلاف حوله او اللجوء للتبريرات او التلاعب بالمصطلحات.

2- التأكيد على ما ورد في حديث جلالة الملك بأن الحركة الاسلامية جزء من الدولة وان مسارها العام معتدل محب للسلام، وتجاوز كل تحريض على الحركة الذي دفع بالبعض للمطالبة بإخراجها من الاطر الشرعية للدولة، فالحركة جزء من الدولة تعمل في ظل القانون والدستور وثوابت الدولة.

3- عدم الخلط بين حق المقاومة المشروع لاي محتل، وبين رفض الارهاب وقتل المدنيين والابرياء. قد يكون للبعض مصلحة شخصية في استخدام لغة التصعيد واغلاق الطريق امام الصوت المعتدل، لكن علينا جميعاً ان نذهب في مسار يحفظ الثوابت ويقلل الخسائر، فمن السهل ان نعمق الازمات، لكن العقلاء فقط يستطيعون حلها.

[email protected]