تشخيص يوجع القلب

قدم أربعة من التربويين والخبراء المرموقين تشخيصا تفصيليا لواقع قطاع التعليم في الأردن، أدل وصف له بأنه تشخيص يوجع القلب حقا.
المتحدثون الأربعة في مؤتمر"أجندة الأردن: 2018" الذي نظمه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية هم، وزير التربية والتعليم عمر الرزاز، والعين هيفاء النجار الخبيرة التربوية، ورئيس الجامعة الأردنية د.عزمي محافظة، ورئيس مجلس أمناء الجامعة الأميركية د. فكتور بلة.اضافة اعلان
تمعنوا في المقتطفات السريعة من حديث الأساتذة الأربعة. د.الرزاز: "الحاكمية في التعليم والمدرسة مفقودة وهناك انفصام في واقعنا؛ كثير من التعليم وقليل من التعلم".
المربية النجار: "فقدنا تنافسيتنا التعليمية مع العالم لأننا فقدنا الحلم.الحلم أصبح متصلا بالريع وفقدنا مشروع التفكير النقدي والعقلاني وسلمت المنظومة التعليمية لتحالف ضرب العقلانية".
د. المحافظة: "الجامعات الأردنية ليست مستقلة، والاستراتيجية الوطنية للموارد البشرية لم تحقق شيئا في عامها الأول. ألف برنامج بكالوريوس منسوخة عن بعضها. نسب القبول في الجامعات تصل إلى 85 % من خريجي الثانوية ومعظمها في تخصصات مشبعة".
د. البلة: "نظام المساءلة والحاكمية مفقود في التعليم. السياسات والأنظمة غير واضحة وغير مكتوبة، ما يعني أن المخرجات ستبقى غير واضحة".
لم أتمكن من حضور هذه الجلسة الثرية من المؤتمر واعتمدت على تقرير الزميل هيثم حسان في صحيفة "الغد" لمعرفة مجرياتها.
ما يوجع القلب فعلا أن هذا التشخيص لواقع التعليم في الأردن ليس جديدا بالمرة. لقد قيل عشرات المرات في العقدين الأخيرين، وأعدت لإصلاحه أكثر من خطة واستراتيجية، لكن ما يبدو من كلام "الأربعة" أننا نراوح في نفس المكان منذ ذلك الوقت.
لاشك أن هناك تحسنا قد طرأ على الوضع القائم، لكن ليس إلى الحد الذي يمكن معه القول إننا أنجزنا المطلوب أو حتى نصفه.
استراتيجية الموارد البشرية التي أقرت العام الماضي تشكل أفضل دليل عمل يمكن الاعتماد عليه لإصلاح قطاع التعليم في غضون عشر سنوات. بيد أننا لم نتمكن حتى الآن من خلق الأجماع اللازم حولها، ولا التطبيق الواجب لكل بنودها وفق جدول زمني ملزم.
المتحدثون الأربعة أصحاب قرار في مواقعهم، لكنك تشعر وأنت تطالع كلامهم أنهم محبطون وبلا حيلة. هل الواقع أفضل قليلا من تقديراتهم؟ ربما، لكن المشكلات التي أشاروا إليها قائمة بالفعل ولا تحتاج لمن يدلنا على مكانها.
منذ سنوات ونحن نسأل لماذا لايتوقف هذا النهج في القبول الجامعي؟ الآلاف من الطلبة يلتحقون سنويا بتخصصات أكاديمية راكدة، فيتخرجون بعد أربع سنوات ليلتحقوا بقوائم العاطلين عن العمل. ما الذي يمنع الجامعات الرسمية العريقة من إعادة هيكلة تخصصاتها واستبدالها ببرامج تقنية ومهنية يحتاجها سوق العمل؟
85 % من الناجحين يلتحقون بالجامعات؟! هذا لايحصل في أكبر الدول وأكثرها تطورا. الجامعة الأردنية على سبيل المثال، قدرتها الاستيعابية لاتزيد على عشرين ألف طالب بينما يجلس على مقاعدها اليوم حوالي 45 ألف طالب!
في كل سنة تتباهى لجنة القبول الموحد بإعلان عدد المقبولين وشمول جميع الناجحين في التوجيهي بقوائمها، وهى لا تدرك الكارثة التي ستحلّ بهذه الأفواج في المستقبل.
متى ننتهي من مرحلة التشخيص وندخل عهد الإصلاح لقطاع التعليم؟