تصميم أميركي على مكافحة إيران

اسرائيل هيوم

بقلم: دان شيفتن

اضافة اعلان

من الصعب المبالغة في اهمية الميل الذي رسمه في بداية الاسبوع وزير الخارجية الاميركي بومبيو، في موضوع استئناف عقوبات الامم المتحدة ضد ايران والتي يوشك موعدها على الانتهاء في الشهر المقبل. ليس المهم هو تفعيلها في الساحة الدولية، بل التصميم الذي يظهره الرئيس ترامب في كفاحه ضد النظام في طهران. الخطوة نفسها اشكالية من ناحية قانونية، وستخترق، على نحو شبه مؤكد، ليس من روسيا والصين فقط، بل وايضا من حلفاء مزعومين للولايات المتحدة – بريطانيا، فرنسا والمانيا. فالاوائل معنية بان تبيع لايران السلاح (الصين معنية بالنفط ايضا)، والاواخر متحمسة لعقد الصفقات معها، ولا سيما بالمواد وبالمعلومات التي تستخدم لانتاجها. لقد كانت عقوبات الامم المتحدة متبعة حتى توقيع الاتفاق النووي في العام 2015. وقيد مفعولها، كجزء من الاتفاق، حتى تشرين الاول(اكتوبر) 2020. وتسعى الولايات المتحدة لان تعاقب الايرانيين على خرقه، رغم أنها هي نفسها انسحبت منه في ايار(مايو) 2018. رغم أن الولايات المتحدة لن تحظى بتأييد القوى العظمى الاخرى، فإن العقوبات الجديدة ستضيف مدماكا هاما لتلك التي فرضت قبل سنتين، واضرت شديد الضرر باقتصاد وبتعاظم قوة ايران. في المرحلة السابقة حاول الاوروبيون تقويض السياسة الاميركية وتعويض ايران اقتصاديا عن خطوات ترامب، ولكن خوف شركات اقتصادية رائدة في اوروبا من الضرر الذي قد يلحق باعمالها في السوق الاميركية وفي المنظومات البنكية جعلت الوعود الاوروبية تظهر كأدوات فارغة.
يعرض منتقدو ترامب الخطوات ضد ايران في منظور الانتخابات القريبة المقبلة، كمحاولة لان يثبتوا لمؤيديه المحافظين تصلبه. كل مرشح، وهو على نحو خاص يجند بالفعل كل أمر حتى في هذا السياق؛ ولكنهم يتجاهلون ما يبدو كمركز الثقل في سياسته: من الميل الثابت، المقنع والناجع جدا، للكفاح من اجل اضعافها. المرة تلو الاخرى يتجاهل بعضهم الفرق بين بعض التصريحات المتقلبة وبين الثبات في خطواته في هذا المجال. ليس مؤكدا ان ينجح او حتى ان يحاول بجدية، صياغة مذهب مرتب. ولكنه خطواته تقع المرة تلو الاخرى في مكانها المناسب في اطار سياسي واضح. يتعلق هذا بالعثور على التهديد الاساس من ايران على الاحتياجات الاستراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها، وبالوسائل الناجعة للتصدي لهذه التهديدات. ان التهديد الاساس من جانب الثورة الايرانية هو الهيمنة على الشرق الاوسط. فسيطرة ايران – بواسطة فروعها، انظمة تأتمر بإمرتها او مباشرة من طهران – على النفط، المفترقات الاستراتيجية وربما ايضا على المركز الاسلامي في مكة ستغير الموازين الاستراتيجية الى ابعد من المنطقة وستؤثر في الساحة الدولية. كان ينبغي لاوروبا ان تكون قلقة اكثر من الاخرين، ولكنها تسمح، المرة تلو الاخرى لميلها التصالحي ان يشوش تفكرها الاستراتيجي.
لقد حققت تطلعات الهيمنة الايرانية في العقد الاخير حالة من الزخم، في اجتماع نادر لعناصر الضعف الشديد للعرب وثماني سنوات من ولاية رئيس "اوروبي" مصالح في البيت الابيض. لم يرغب اوباما في أن يفهم بان السلاح النووي هو الاداة لحصانة النظام وتآمراته الاقليمية، وليس الهدف، واختار التركيز عليه، في ظل شرعية ضمنية، وحتى تأييد غير مقصود، للخطر الاساس. ولهذا فقد سلم بالتآمر، تجاهل الصواريخ بعيدة المدى، وافق على وسائل رقابة واهنة وفتح على مصراعيه الباب امام المقدرات الاقتصادية الحيوية للسياسة العدوانية للملالي في طهران.
يريد ترامب ان يخرج معظم جنوده من الشرق الاوسط. هذا جيد لاسرائيل ولحلفاء الولايات المتحدة العرب، شريطة أن يضعف، في نفس الوقت، ايران اقتصاديا ويدعم الحلفاء في المجالات التي يمكن للقوة العظمى أن تلقي فيها بوزنها الخاص. يمكن لهذا ان يردع تدخلا من قوى عظمى اخرى، من اعطاء اسناد سياسي (مثلا، منع اضرار الامم المتحدة) ومنح مساعدة اقتصادية، تكنولوجية وعسكرية (باستثناء المشاركة المكثفة للجنود). كما أنه يمكنه، وقد اثبت ذلك مؤخرا عمليا، ان يشجع، برعايته، شراكات استراتيجية بين الدول التي تخشى الهيمنة الايرانية (وفي سياق آخر – التركية). السؤال هو ما الذي تحتاجه المنطقة – رؤى منعشة من السلام والديمقراطية، أم مبنى يقترح احتمالات جيدا للتصدي للمخاطر الاساسية التي تربض لها. كانت لاوباما خطابات باعثة على الالهام. بل انه حصل على انجازاته الخطابيه جائزة نوبل للسلام. أما ترامب فلديه تصميم يعمل في صالح اسرائيل.