تعديل وزاري تصحيحي

سلامة الدرعاوي ها هو التعديل الوزاري الرابع على حكومة الدكتور بشر الخصاونة بعد عام من تشكيلها، ولعل "التصحيح" أفضل وصف لهذا التعديل من الناحية الاقتصاديّة. خيارات الرئيس هذه المرّة كانت أكثر عمقا من سابقاتها بكثير، وبات واضحاً أن الخصاونة هذه المرّة أكثر خبرة ودراية بمعرفة الأشخاص والملفات التي يمكن أن يديرها وفق أولويات المرحلة والتي تنصب أساساً على التشغيل والاستثمار، مع المحافظة على السياسة الماليّة التي حققت استقراراً في وضع استثنائي بسبب تداعيات كورونا. استلام يوسف الشمالي لوزارة الصناعة والتجارة وهو أمينها السابق لفترة طويلة جداً اختيار موفق للغاية لأسباب عدة أبرزها أن الشمالي يتمتع بخبرة ومعرفة فنية بكافة أمور الوزارة وكواليسها ويمتلك علاقات عميقة مع القطاعات الاقتصاديّة المختلفة، ويعي جيدا مشاكلهم اليومية والاستراتيجية ويحظى بقبول القطاع الخاص بشكل كبير. دخول المهندس خيري عمرو للحكومة وزيراً للاستثمار؛ يعتبر فعلا "ضربة معلم"، فالأخير شخصية اقتصاديّة رفيعة المستوى، وتمتلك رؤية واضحة في المجال الاقتصاديّ والاستثماريّ، مستندا بذلك على معرفة وخبرات نوعية طويلة على مدى عقود من العمل في أهم وأكبر المؤسسات الاقتصاديّة العالميّة والمصرفية، ناهيك عن أنه شخصية تمتلك الجرأة في اتخاذ القرار وسرعة الحل ومن أنصار محاربة البيروقراطية السلبية للعمل اليومي مع القطاع الخاص الذي ينظر إليه باعتباره المحرك الرئيسي للتنمية والنموّ والتشغيل. أما وزير العمل الجديد نايف استيتية، فهو ليس بجديد عن التوظيف والتشغيل والتدريب، بالعكس هو قريب جدا من تلك البرامج ومساهم في بعضها من خلال مركز تطوير الأعمال الذي أسسه منذ سنوات طويلة، وله ارتباطات وثيقة مع برامج التمويل الدولية والمانحين، مما مكنه بالانخراط ببرامج تشغيل وتوظيف وتدريب وتأهيل في الكثير من المشاريع المختلفة خاصة في المحافظات. عودة الوزير السابق الدكتور صالح الخرابشة وزيرا للطاقة التي كان وزيرا لها قبل أعوام قليلة رسالة مهمة لمستثمري القطاع بإعادة التوازن الإيجابي في العلاقة بينهم وبين الحكومة والتي شهدت في الفترات الماضية مدا وجزرا أثرت بشكل سلبي على شكل الاستثمار في القطاع. اقتصاديا سيكون أمام الفريق الاقتصادي الجديد تحديات كبيرة خاصة في التنسيق فيما بينهم وتوحيد الرؤية الاقتصادية لهم بالوصول إلى هدف محدد هو مكافحة البطالة من خلال رفع معدّلات النموّ الاقتصاديّ، والتي تتطلب اليوم تحركا حكوميا سريعا نحو تحفيز بيئة الأعمال المحليّة، ودعم القطاعات الاقتصاديّة المختلفة، وخلق مزيد الوسائل الكفيلة بدعم القطاع الخاص وتقليل كلف الإنتاج عليه وزيادة تنافسيته. أكبر تحدٍ سيكون أمام الفريق الاقتصادي هو خلق تفاهم مشترك فيما بينهم في كيفية تحفيز الأعمال والمشاريع وجذب الاستثمارات والمحافظة على القائم منها لتمكينه من الاستمرارية والتوسّع، فهناك متطلبات من مؤسسات دولية بخصوص الحد من الإعفاءات في قانون الاستثمار، مما يتطلب تحديدا أمام وزير الاستثمار الجديد إعداد قانون يقدم تسهيلات وحوافز للمستثمرين بشكل يحقق القيمة المضافة للاقتصاد، ويربط ما بين تلك الحوافز والتشغيل للأردنيين. التعديل الوزاري الرابع هو رسالة واضحة باستمرارية السياسة الماليّة على شكلها الراهن، ودعم السير في توثيق العلاقات مع المانحين والمؤسسات الدوليّة، وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليان، إضافة إلى مواصلة الجهود الرسميّة في تطوير المتحصلات الضريبية ومكافحة التهرّب الضريبيّ والجمركي على حدٍ سواء. فرصة مهمة أمام حكومة الخصاونة في تعديلها الرابع لتثبت للشّارع والقطاعات المختلفة بأنها باتت اليوم أكثر قربا وفهما لاحتياجاتهما التنمويّة، وللتحديات التي يفرضها الواقع الاقتصاديّ الصعب.اضافة اعلان