تقارير طي النسيان!

«على الرغم مما حققه الأردن في المؤشرات الكمية في التعليم، إلا ان هناك حاجة ملحة للعناية بالجوانب النوعية وما تعلق منها بطرق التدريس التي تقوم بشكل أساسي على التلقين، كما ما تزال هناك نسبة من الطلبة (حوالي ثلث الطلبة) تنهي الصف الرابع ولا تتقن كفايات التعلم الأساسية في القراءة والكتابة والحساب، الأمر الذي يتطلب تطوير المناهج والكتب المدرسية لتتناسب مع احتياجات الطلبة التعليمية وتحسين أساليب التدريس والقيام بتدريب نوعي متخصص للمعلمين والمعلمات.اضافة اعلان
ويبدو جليا من تحليل نتائج الطلبة الأردنيين في الاختبارات الوطنية والاختبارات العالمية ونتائج امتحان شهادة الثانوية العامة أنّ تحدي نوعية التعليم هو التحدي الأبرز مما يتطلب الاستمرار في الجهود المبذولة لتطوير التعليم مع ضرورة تبني استراتيجيات تطويرية غير تقليدية، لا تركز فقط على تحسين وتطوير مدخلات التعليم (من أبنية ومرافق ومناهج وتدريب معلمين وغيرها) إلى استراتيجيات أكثر فعالية تنقل التطوير إلى غرفة الصف وعلى مستوى المدرسة وتركز على مراقبة الأداء.»
هذا ما جاء في التقرير الوطني الثاني للأهداف الانمائية للألفية 2010 تحت عنوان «الوفاء بالعهد وتحقيق الطموحات»، وذلك في اطار أبرز القضايا الأساسية التي لا بدّ من التعامل معها لضمان تحقيق الأردن التام لأهداف التعليم للجميع بحلول العام 2015.
انتهى العام 2015، ومرّ على هذا التقرير ما يقارب العشر سنوات، والسؤال الأهم هو هل ما يزال ثلث الطلبة ينهون الصف الرابع وهم لا يتقنون كفايات التعلم؟! هل كانت العشر سنوات التي عبرت منذ اصدار هذا التقرير كفيلة أن تجعلنا نتجاوز هذه المعلومة التربوية التي تنطوي على قدر لا يستهان به من الأهمية والخطورة في آن واحد.
إنّ العبث في الأوراق القديمة والتقارير التي مضى عليها زمن وأكثر تنبئنا بأننا نضع أيدينا على الجرح، لذا يطالعنا سؤال آخر لماذا وفي ظل وجود دراسات وتقارير متخصصة عمرها عشر سنوات وأكثر لم نر سياسات تُبنى وهي تضع نصب أعينها هذه الأرقام وتلك الحقائق؟ أسئلة ليس الهدف منها انتقاد جهة ما بقدر ما هي تساؤلات مشروعة حول قضايا نشخصها وندرك أبعادها ونراها تتفاقم كلّ يوم وتأخذ أشكالًا جديدة.
التقرير ذاته المشار إليه أعلاه-والذي سبقته تقارير أو دراسات كثيرة وتبعه كذلك من التقارير والدراسات ما هو أكثر- وفي معرض تناوله للقضايا والشواغل الأساسية التي لا بد من التعامل معها لضمان تحقيق الاردن التعليم التام للجميع أشار أيضا إلى الحاجة إلى تحسين بيئات التعلم المادية وحل الإشكاليات المتعلقة بالارتفاع الملحوظ في الكثافة الصفية وزيادة نسبة التسرب لأسباب اقتصادية تدفع الطلبة الذكور بشكل خاص للانخراط بفرص العمل المتاحة لمساعدة أسرهم، وضرورة التوسع في البرامج الموجهة للطلبة ذوي الإعاقة مع التركيز على استراتيجية دمجهم في مسار التعليم العام، وضرورة ربط بيانات الفئة العمرية 6-15 سنة المتوفرة في دائرة الأحوال المدنية بقاعدة بيانات الطلبة لهذه الفئة في وزارة التربية والتعليم لتحديد الأطفال الذين هم خارج التعليم.
جميع هذه التوصيات وأكثر يحق لنا جميعا أن نقف ونسأل ونتساءل لماذا لم تتحقق بحلول العام 2015 كما كان مقررًا، ولماذا تعدو السنوات لتتجاوز العام 2015 دون معالجة جذور المشكلة ووضع السياسات والبرامج اللازمة والكفيلة بتجاوز ما ذكر أعلاه أو على أقل تقدير تجاوز جلّه؟
يحق لنا أن نتساءل ومن واجب أطفالنا علينا أن نسأل لماذا ترحل تحدياتنا في قطاع التعليم المدرسي عامًا بعد آخر ليتوارثها جيل بعد جيل والداء والدواء نكتبهما في تقاريرنا ودراساتنا؟ وعلى ماذا تُبنى السياسات والبرامج والخطط؟ وأخيرًا لماذا نضع التقارير والدراسات العلمية المنهجية إذا كنا سنطويها طي الكتمان أو النسيان؟!.