أخبار محليةالغد الاردني

تقرير أممي يدق “ناقوس الخطر” من تحول الأراضي إلى مصدر رئيس للكربون

تداعيات تغير المناخ قد تعصف بالأمن الغذائي في دول كثيرة

فرح عطيات

عمان- دق تقرير أممي “ناقوس الخطر” حول الكيفية التي تحولت بها الأراضي في الأردن ودول العالم الى مصدر رئيس للكربون “بسبب التدهور المنهجي للتربة، وقطع الغابات، والتصحر، والممارسات الزراعية غير المستدامة، والحد من التنوع البيولوجي، ما يهدد الأمن الغذائي والبيئة بخطر كبير”.
وحذر التقرير، الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) مطلع الشهر الحالي، من “تعرض الأمن الغذائي في الأردن ودول العالم لخطر متزايد بسبب تداعيات تغير المناخ غير المسبوقة”.
وجاء في التقرير، الذي حصلت “الغد” على نسخة منه، أن “أكثر من 500 مليون شخص يعيشون في المناطق المتأثرة بالتآكل المرتبط بتغير المناخ، ما يتطلب التزام الدول بما فيها الأردن بالاستخدام المستدام للأراضي للمساعدة في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة قبل فوات الأوان”.
و”يعاني الأردن حاليا من حدة الطقس بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، وسيبقى الأمر كذلك، وبدأت بوادره بالظهور بشكل أمطار وميضية كالتي شهدها فصل الشتاء الماضي، وعبر موجات الحر والجفاف المتكررة”، وفق الخبيرة في الشأن البيئي صفاء الجيوسي.
لكن “هطول الأمطار الوميضية”، لا يعني من وجهة نظر الجيوسي أن ” كميات المياه في الأردن سترتفع بل على العكس تماما، إذ أن حدتها ستنخفض نتيجة التغير المناخي”، مشددة على أن “مكافحة التصحر، ووضع قوانين ملزمة لحماية البقعة الخضراء القليلة أصلا بالأردن، عبر منع قطع الأشجار وزيادة نسب التشجير سيعزز من خصوبة التربة”.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، وفقها، بل أن “تلك الخطوة ستزيد من نسب تخزين الكربون في التربة والكتلة الحيوية من جهة، وتعزيز الإنتاجية الزراعية من جانب آخر، وهذا يندرج ضمن خطط التخفيف والتكيف مع التغير المناخي”.
وتشير التوقعات المستقبلية العالمية للتغيرات المناخية إلى أن الأردن، سيقع في دائرة زيادة درجة الحرارة بين 3 الى 4 درجات بين 2071 الى 2100، وأن معدل هطول الامطار سيتراجع بنسبة تقدر بـ 5 %.
ومن آثار التغير المناخي المتوقعة، حصول “نقص في إنتاجية المحاصيل الزراعية، وتغير في خريطة التوزيع الجغرافي لها، وزيادة معدلات التصحر، والتقليل من إمكانية زراعة المناطق الهامشية نتيجة زيادة الحرارة، إضافة الى انقراض العديد من مكونات النظام الحيوي الطبيعي الذي تحتاج اليه العملية الزراعية، وكذلك زيادة نسب الأمراض والآفات التي تصيب النبات والحيوان”، وفق مدير عام اتحاد المزارعين محمود العوران.
وتؤدي أيضا تلك الانعكاسات ، بحسب العوران، الى إثارة “مخاوف المزارعين من الاستمرار في العملية الزراعية، والخشية من تعرض مزارعهم لموجات الجفاف، والتي قد تدفع العديد منهم الى الهجرة من الريف الى المدن، نتيجة عدم قدرتهم على سداد الالتزامات المالية المترتبة عليهم”.
ومن اجل معالجة التحديات التي تواجه المزارعين، اقترح العوران “وضع اتفاق دولي اكثر فاعلية لمعالجة ظاهرة الانحباس الحراري، وانشاء صندوق عالمي لدعم استمرار المزارعين في العملية الإنتاجية، ومساعدتهم على التكيف مع تاثيرات تلك الظاهرة”، داعيا في الوقت نفسه الى “اقامة شبكة عالمية أو اقليمية للإنذار المبكر بأحوال الطقس، واستنباط سلالات واصناف زراعية مقاومة للتقلبات المناخية، الى جانب نقل وتوطين التقنيات والمعارف المتصلة بمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري”.
لكن “الجهات الرسمية المعنية في قضايا التغير المناخي على المستوى الوطني ما تزال غير قادرة على تحقيق تقدم ملموس في القطاعات الأكثر تأثرا بتلك الظاهرة”، وفق رئيس اتحاد الجمعيات البيئية (الاتحاد النوعي) عمر الشوشان، لافتا الى أن القطاع الزراعي والمرتبط بشكل مباشر في الأمن الغذائي، ما زال “يعاني من الأعباء الاقتصادية، والتحديات التقنية في مقاومة التغير المناخي، التي غالبا ما يتحملها المزارع والمواطن على حد سواء، دون مساعدة فنية ومالية من الحكومة”.
وشدد الشوشان على أن “الأنظمة البيئية تتعرض بشكل يومي لاعتداءات مستمرة دون فهم قيمتها وعلاقتها في عملية التوازن الطبيعي، الذي يؤثر بشكل مباشر على صحة وغذاء المواطن”.
وبرأيه فإن “الأردن يعتبر من أكثر الدول التي تشهد توترا في الموارد المائية، ولم نر أي استعداد رسمي حقيقي لوضع حلول طويلة الأمد، في ظل الصراعات الإقليمية التي ناقصت من حصة الفرد من المياه بشكل سريع جدا”.
ومن وجهة نظره “ليس هناك أي مجال للمماطلة في التخطيط، والتنفيذ الحكيم والمستدام للموارد الطبيعية التي تتدهور بشكل غير مسبوق، خاصة في ظل غياب الإرادة السياسية الواضحة، والقوية لحماية البيئة وعناصرها المتنوعة، وتوفير القدرات الفنية والمالية اللازمة لتنفيذ السياسات والخطط الوطنية التي ما زالت حبيسة أدراج الحكومات المتعاقبة”.
وأشار، تقرير (IPCC) إلى أن” تحسين إدارة الأراضي يمكن أن يسهم في معالجة تغير المناخ، ولكنه ليس الحل الوحيد، إذ ان خفض انبعاثات غازات الدفيئة من جميع القطاعات يعد أمرًا ضروريًا إذا ما أريد أن يظل الاحترار العالمي أقل درجتين مئويتين”.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock