تقرير: تدهور واسع في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

001
001

سماح بيبرس

عمان- قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقرير حديث له بعنوان "الأردن: تدهور واسع في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية" أنّ الأردن وخلال السنوات الأخيرة الماضية شهد أزمات أثرّت في حقوق المواطنين الاقتصاديّة والاجتماعيّة.

اضافة اعلان


وتتضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الظروف الاجتماعية والاقتصادية الأساسية اللازمة للعيش بكرامة وحرية، وتتعلق بالعمل والضمان الاجتماعي والصحة والتعليم والغذاء والماء والسكن والبيئة الصحية.


وأوصى التقرير بضرورة وضع خطة عمل عاجلة تتناول الأولويات الرئيسية لإنقاذ الوضع الاقتصادي في الأردن، ووقف الانتهاكات التي من شأنها مصادرة الحقوق التي لا غنى عنها للمواطنين الأردنيين.


ووفقا للتقرير فإنّ المملكة شهدت خلال السنوات الماضية عدة أزمات اقتصادية واجتماعية، من بينها تراجع النشاط الاقتصادي، وتفاقم تداعيات فيروس كورونا وتراجع المساعدات المالية المقدمة للاجئين في المملكة، والفساد والتهرب الضريبي، اضافة الى تزايد الدين العام.


وقد أثرت هذه الأزمات على تمتع الأفراد والكيانات بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية المكفولة في القوانين المحلية والدولية ذات الصلة. مشيرا الى أنّ السياسات الحكومية أثّرت "في بعض الأحيان بشكل مباشر على حق الأردنيين في العيش بكرامة والعمل والصحة والتعليم والمياه وتكوين النقابات"


وذكر التقرير أنّه خلال 2020 تسببت جائحة فيروس كورونا في انكماش الاقتصاد الأردني بنسبة 1.6 ٪ بسبب الاضطرابات التجارية والتراجع غير المسبوق في السياحة الدولية.


كان هذا الانكماش هو الأول في ثلاثة عقود، بحسب تقرير المرصد الاقتصادي الأردني ربيع 2021. وبلغ الدين العام الأردني المستحق العام الماضي نحو 26.499 مليار دينار أردني (37.3 مليار دولار) بزيادة نحو 10.6 ٪ مقارنة بالديون المستحقة في 2019 والبالغة نحو 23.9 مليار دينار أردني (33.7 مليار دولار).

أما بالنسبة للقطاع الصحي، فمعظم المستشفيات العامة تعاني من نقص في العاملين، وبالتالي تقدم خدمات منخفضة الجودة، وهو ما يمكن حسمه في ظل تكرار الوفيات في المستشفيات بسبب سوء الخدمات المقدمة للمرضى، خاصة في الحالات الطارئة.

ولعل أبرز مثال على ذلك حادثة مستشفى السلط في مارس 2021، عندما توفي سبعة مرضى بكوفيد- 19 بعد دخول المستشفى. نفد الأكسجين.

على الرغم من كونه جزءًا مهمًا من الاقتصاد الأردني، إلا أن عائدات قطاع السياحة تراجعت خلال العام الماضي، بسبب حظر السفر والإغلاق بهدف احتواء فيروس كورونا. وتراجعت الإيرادات بنسبة 76 ٪ لتصل إلى 1.4 مليار دولار. في غضون ذلك، من المتوقع أن ترتفع هذه النسبة بسبب انتشار الوباء في البلاد.


وأشار الى أنّ تحويلات المغتربين هي أيضا واحدة من أهم موارد النقد الأجنبي للأردن. لكن تفشي فيروس كورونا عالميا أثر على هذه التحويلات، حيث انخفضت بنسبة 9.1 ٪ في العام 2020 لتصل إلى نحو 3.24 مليار دولار، بحسب البنك المركزي الأردني.

وألمح الى أنّ هجرة المستثمرين وإغلاق المرافق الاقتصادية تمثّل تحديًا كبيرًا للاقتصاد الأردني، فخلال العامين الماضيين، هاجر المستثمرون الأردنيون إلى مصر بشكل جماعي آخذين معهم حوالي 70 مصنعاً، بينما وقفت الحكومة الأردنية "مكتوفة الأيدي أمام هذا التطور الخطير".


تعود هجرة المستثمرين إلى عدة أسباب أهمها البيروقراطية الواضحة في الإجراءات الحكومية فيما يتعلق بإصدار التراخيص، والرسوم والضرائب المرتفعة وغياب الاستقرار في التشريعات والقوانين المتعلقة بالاستثمار، بحسب التقرير.

هذه الأزمات وفقا للتقرير تسببت في ارتفاع معدل البطالة إلى 25 ٪ هذا العام، وقفزت بين الشباب (الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و25) من 40.6 ٪ في العام 2019 إلى نسبة غير مسبوقة تبلغ 50 ٪ في نهاية الربع الأخير من 2020.


كما تعد أزمة المياه من الأزمات التي تشغل الأردنيين بشكل كبير، حيث تعتبر المملكة من دول العالم الفقيرة بالمياه بسبب موقعها الجغرافي الذي يضم العديد من المناطق الجافة والصحراوية وتواجه البلاد عجزًا مائيًا يزيد على 450 مليون متر مكعب سنويًا. لذلك، فإن نصيب الفرد من المياه يشكل أقل من 0.8 ٪ من الحصة العالمية.


اعتماد الأردن الكبير على المياه الجوفية (حتى 56 ٪) يعمق أزمة المياه، بالإضافة إلى انخفاض هطل الأمطار وانخفاض كمية المياه السطحية.


كما يعاني الأردن من انتشار العنف المجتمعي خاصة في العام 2020 الذي شهد تفشي جائحة فيروس كورونا وفرض إجراءات حظر وإغلاق، حيث سجلت مديرية الأمن العام 1129 جريمة خلال العام مع زيادة جرائم القتل والعنف الأسري ضد المرأة بشكل ملحوظ.


وأخيراً، كانت أزمة النقابات من أكبر الأزمات التي عانت منها الدولة خلال العامين الماضيين. أغلقت الحكومة نقابة المعلمين الأردنيين في 25 تموز 2020، بعد احتجاج المعلمين على عدم صرف مكافأة مالية لهم في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة في البلاد. الخلاف بين الحكومة والنقابة لا يزال مستمرا.

وبالإضافة الى ذلك ظهرت أزمة نقابة الأطباء الأردنيين خلال نفس الفترة بعد أن علقت الحكومة نظام الحوافز المتفق عليه مع النقابة، والذي تضمن حوافز طبية وبدلات تنقل وقد دفع هذا مجلس نقابة الاطباء إلى الاستقالة احتجاجا على ذلك.
وأوصى التقرير بضرورة الحد من انتشار عمالة الأطفال، وتفعيل القانون الذي يمنع الأطفال دون سن 16 عاما من العمل، ومعاقبة كل من يشغل طفلا والالتزام بالاتفاقيات الموقعة بشأن عمل الأطفال، مع التأكيد على أنّ على الحكومة إعداد برامج خاصة للمتسربين لإعادة دمجهم في المدارس، وتعزيز أدوار المتابعة للهيئات الرسمية في المراقبة وتبادل المعلومات بين أجهزة الدولة ذات الصلة مثل وزارتي العمل والتعليم.
وقال التقرير إنّ حجم الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها الدولة، والتي يترتب عليها انتهاكات لحقوق الإنسان، كبير جدًا، ولهذا يجب على الحكومة وضع سياسة وطنية للتعامل بفعالية مع هذه الأزمات، خاصة تلك المتعلقة بالفقر والبطالة والعنف المجتمعي.
كما أكد على ضرورة "وقف الانتهاكات التي تحد من حرية العمل النقابي" والغاء القرارات التعسّفية المتعلقة بالإيقاف والتقاعد غير القانوني للمعلّمين.
ودعا التقرير المجتمع الدولي الى تكثيف المشاريع الداعمة، مثل اليونيسف ومنظمة الأغذية والزراعة ومنظمة العمل الدولية، للحد من الفقر والبطالة وعمالة الأطفال.
كما أكد أنّ على المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة، أن يلعب دوره الكامل، من خلال مؤسساته المتخصصة، في الإشراف على التنفيذ السليم للاتفاقيات الدولية الملزمة المتعلقة بتوزيع المياه من نهر الأردن وحوض اليرموك لتأمين المياه للمواطنين
يشار الى أنّ التقرير يستند إلى حوالي عام من البحث والتوثيق، بما في ذلك العمل الميداني الذي أجراه فريق الأورومتوسطي في الأردن من حزيران (يونيو) 2020 حتى نهاية آب (أغسطس) 2021.
وقد قام فريق العمل بإجراء مسح عشوائي للأطفال المنخرطين في عمالة الأطفال في عمان ومحافظتي إربد والزرقاء. كما تمّ اجراء 16 مقابلة ميدانية مع مواطنين عشوائيين يعانون من سوء الأوضاع الاقتصادية، وقدمت المقابلات معلومات مفصلة عن أسباب وتأثيرات الأزمات، وكذلك سياسات الدولة لمواجهة هذه الأزمات.