تقرير: لا تعاون مائيا في "الشرق الأوسط"

جانب من نهر الأردن في منطقة الأغوار - (أرشيفية)
جانب من نهر الأردن في منطقة الأغوار - (أرشيفية)

إيمان الفارس

عمان - حذر تقرير دولي متخصص من الكلف "الباهظة" والناجمة عن عدم التعاون بشأن المياه في منطقة الشرق الأوسط خاصة بالأردن وسورية ولبنان والعراق وتركيا، فضلا عن قطاع غزة.اضافة اعلان
وركز التقرير، الصادر عن مجموعة الاستبصار الاستراتيجية مؤخرا بعنوان "كلفة عدم التعاون بشأن المياه - أزمة بقاء في الشرق الأوسط"، على ستة محاور رئيسة تمثلت في تلف البنية التحتية للمياه، ومشاريع البنية التحتية للمياه غير المكتملة، والتأثير على الرعاية الصحية، وتأثير الدمار والتصحر على الزراعة، والتكاليف البشرية - الهجرات القسرية ولاجئي المياه.
وتناول التقرير الذي جاء في 40 صفحة باللغة الانجليزية، أحداثا بارزة في صراعات الشرق الأوسط التي تشمل المياه، منبها من عدة آثار سلبية تعرض لها المهجرون نتيجة النزاعات المسلحة في مناطقهم، الى جانب الآثار التي تحملتها الدول المستضيفة من حيث انخفاض حصص المياه في عدد من دول المنطقة.
وفيما يتعلق بالمملكة، ذكر التقرير أن حصة الفرد من المياه انخفضت من 88 لترا - 66 لترا يوميا نتيجة لتدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن.
وأوضح أن الأردن تعرض خلال العامين 1999-2000 لحالة من الجفاف، حيث تضرر معظم سكان الريف وصغار المزارعين الذين يبلغ عددهم 180 ألف مواطن من تلك الحالة، فيما واجه نحو 4.7 مليون شخص من تراجع مستويات الأمن الغذائي.
وأكدت المديرة التنفيذية لمجموعة الاستبصار الاستراتيجية، ومقرها الهند، آلمز فتح الله في افتتاحية التقرير، ضرورة أن "تساهم الحقائق التي يشير إليها التقرير في إقناع الحكومات والمجتمع المدني والمنظمات الدولية في الشرق الأوسط والعالم أجمع للتفكير جديا في هذه المأساة الكبرى".
وأشارت الى أن "التعاون المائي ما يزال ممكنا لعكس اتجاه الأحداث الجارية في الشرق الأوسط والعودة إلى روح العام 2010، والبناء على ما تم تحقيقه لتعزيز التعاون في مجال المياه والغذاء والبيئة"، محذرة من نتائج غياب التعاون في الأعوام الخمسة الماضية والتي أثبتها التقرير من حيث مديات الخسارة في المحاصيل الزراعية وانخفاض فرص الحصول على المياه، وتدمير البنية التحتية، وتأثيرها على الصحة وفقدان سبل العيش.
وفي المحور المتعلق بتأثير الدمار على التصحر والزراعة، أدرج التقرير الحالة الأردنية، حيث واجهت المملكة خلال العام 1999-2000، تحديا يتعلق بإنتاج منخفض للغاية من الحبوب ولم يتمكن من تغطية سوى 1 % من احتياجات السكان، إضافة الى انخفاض إنتاجه من القمح بنسبة 90 %، لافتا إلى تكلفة الزراعة الأردنية بسبب الأزمة السورية وصلت إلى 30 مليون دولار في العام 2012.
وحول محور مشاريع البنية التحتية غير المكتملة للمياه، حاول التقرير تقييم ورصد عدة مشاريع "لم تذهب لأبعد من الخطط على الورق ولم يتم استكمالها بعد"، خلال أعوام، من ضمنها: خط أنابيب مياه السلام بين كل من تركيا، سورية، الأردن، فلسطين، دول الخليج، بكلفة تقديرية مبدئية بلغت نحو 21 مليار دولار أميركي العام 1986، ولم يتم إنشاؤه حتى الآن.
وأشار الى أن الكلفة المقدرة لمشروع البحرين (الأحمر- الميت) بلغت حوالي 900 مليون دولار على مدى ثلاثة أعوام، فيما قدرت كلفة مشروع سد الصداقة بين تركيا وسورية، المطروح منذ العام 2012 نحو 28.5 مليون دولار.
وفي محور التأثير على الرعاية الصحية، لفت التقرير إلى أنه إلى جانب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمياه والصرف الصحي والناجمة عن الحرب الأهلية، والجفاف المتفشي في العقود الماضية، تفاقمت الأوضاع الصحية للمواطنين في منطقة الشرق الأوسط، مع عواقب وخيمة على المدى الطويل، مدرجا أمثلة من دول كل من سورية، والعراق، ولبنان، وغزة.
ففي سورية، "بلغ عدد حالات الإصابة بإسهال حاد المسجلة نتيجة للموارد المائية الملوثة 200 ألف، وفق التقرير الذي استعرض ايضا انتشار الأمراض التي تنقلها المياه مثل التهاب الكبد الوبائي (أ) والتيفوئيد.
أما في العراق، فذكر التقرير "تفشي وباء الكوليرا العام 2015، حيث ساد الاعتقاد بأنه ناجم عن التلوث وانخفاض مستويات المياه في نهر الفرات، فيما سجلت حالات مبلغ عنها من أمراض الغذاء والتي تنتقل عن طريق المياه في لبنان".
أما في غزة، فقد سجل التقرير حالات عديدة لتضرر مستشفيات كبرى، 27% منها مغلق بسبب الضرر أو انعدام الأمن، و24 مركز رعاية صحية من أصل 97 ابتدائي كان مغلقا.
وفيما يتعلق بتأثير الدمار على التصحر والزراعة، بين التقرير تعدد تكاليف الصراع على القطاع الزراعي وانعكاسات خسارة واضحة في الإنتاج بسبب الجفاف وعدم انتظام المياه والكهرباء خاصة في العراق وسورية، حيث اتخذت الحرب الأهلية في سورية وقطاع غزة، لتؤثر سلبا على البنية التحتية للمياه والري وتؤثر مباشرة على الإنتاج.
ولخص التقرير هذه الانعكاسات بانخفاض الإنتاج الزراعي، ورداءة المواد الغذائية، وفقدان المياه الصالحة للزراعة، متناولا أمثلة في كل من سورية، العراق، غزة، وتركيا، والأردن.