تقرير: 1600 قتيل مدني بقصف التحالف للرقة في 4 أشهر

بيروت - أدى القصف الجوي والمدفعي للتحالف الدولي بقيادة واشنطن على مدينة الرقة في شمال سورية خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من الهجوم عليها عام 2017، بمقتل أكثر من 1600 مدني، وفق تقرير نشرته منظمة العفو الدولية أمس.اضافة اعلان
وقالت مستشارة الاستجابة للأزمات لدى المنظمة دوناتيلا روفيرا "الكثير من القصف الجوي لم يكن دقيقاً وعشرات الآلاف من الضربات المدفعية كانت عشوائية" على مدينة الرقة التي تم طرد تنظيم "داعش" منها في تشرين الاول(أكتوبر) 2017.
ونشرت منظمة العفو الدولية مع شريكتها مجموعة "آيروورز" لرصد هذه النتائج، بعد أشهر من البحث الميداني وتحليل مكثف للبيانات، بما في ذلك مسح إلكتروني لصور عبر الأقمار الاصطناعية شارك فيه ثلاثة آلاف متطوع عبر الإنترنت.
وحضت المنظمتان في التقرير غير المسبوق الدول الرئيسية في التحالف الدولي بقيادة واشنطن على ابداء المزيد من الشفافية ازاء القصف الذي نفذه التحالف خلال الهجوم على المدينة التي شكلت منذ العام 2014 المعقل الأبرز لتنظيم "داعش" في سورية حتى طرده منها.
وأطلقت قوات سورية الديموقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية، منتصف العام 2017 هجوماً واسعاً على المدينة بدعم من التحالف انتهى بطرد التنظيم منها في تشرين الأول (أكتوبر) 2017.
وتسبب الهجوم بمقتل أكثر من 1600 مدني وفق التقرير، اعترف التحالف بمقتل 159 شخصاً منهم فقط، وفق منظمة العفو.
وقالت روفيرا إن "قوات التحالف دمّرت الرقة، لكنها لا تستطيع محو الحقيقة". ودعت المنظمتان "قوات التحالف الى وضع حد لانكارها حصيلة القتلى المروعة في صفوف المدنيين والدمار الناتج عن هجومها في الرقة".
وأوضحت أن أسباباً عدّة تفسّر ارتفاع حصيلة القتلى بين المدنيين، بينها فشل أجهزة الاستخبارات والرصد واستخدام أسلحة غير مناسبة.
وقدّرت المنظمة العام الماضي نسبة الدمار التي لحقت بالرقة بثمانين في المئة، بما يشمل المدارس والمستشفيات والمنازل الخاصة. وتحدثت عن وجود 30 ألف منزل دمرت بالكامل و25 ألفاً تعرضت للدمار.
ولا تزال عودة السكان إلى المدينة خجولة جراء الدمار بعد عام ونصف من انتهاء المعارك، بينما تستمر عمليات انتشال جثث القتلى من مقابر جماعية. وتم مؤخراً العثور على مقبرة تضم ما يصل إلى 3500 جثة على مشارف المدينة، تعد الأكبر في المحافظة.
وتمّ في حالات كثيرة وفق روفيرا استهداف أبنية في الرقة إثر مراقبة عن بعد غير كافية، ما أسفر عن مقتل عائلات بأكملها كانت لا تزال تعيش أو تحتمي فيها.
وقالت لوكالة فرانس برس "لو توفرت مراقبة كافية لتلك الأبنية… لكان من الممكن اكتشاف نمط الحياة المدنية" فيها.
وأوضحت روفيرا التي قامت طوال أشهر بزيارة مواقع تم قصفها في الرقة، بعد سيطرة قوات سورية الديموقراطية، أن اختيار التحالف للأسلحة كان مشكلة أيضاً، مرجحة أن يكون ذلك "يتعلّق بالمال".
وشرحت "يوجد صواريخ، ثمنها أغلى، إلا أن نطاق تأثيرها أقلّ، لكن التحالف غالباً ما كان يستخدم قنابل قديمة من طراز أم كاي التي تهدّم المبنى بأكمله وهذه ثمنها أقلّ بكثير".
وانتقدت منظمة العفو، ومقرها لندن، اللجوء المكثف إلى المدفعية خلال معركة الرقة، والتي تباهى مسؤول عسكري أميركي بأن معدل استخدامها من قبل بلاده كان الأعلى منذ حرب فيتنام. وشددت على أنه "مع وجود هامش خطأ يزيد عن مائة متر، فإن استخدام مدفعية غير موجهة معروفة بعدم دقتها، على نطاق واسع في مناطق مأهولة بالسكان، يُعدّ هجمات عشوائية".
وتمّ التحقّق من حصيلة قتلى المدنيين عبر موقع إلكتروني تفاعلي، يتضمن صوراً ومقاطع فيديو لمنازل مدمرة وأسماء العائلات التي قُتلت وروابط بيانات تم جمعها من مصادر متعددة.
وبين الأدوات التي تمّ استخدامها مشروعاً يدعى "سترايك تراكرز" أي متعقبو القصف، عمل فيه متطوعون عبر الانترنت من 124 دولة، تمكنوا من تحديد 11 ألف مبنى تم تدميره في الرقة من خلال التدقيق في محتوى أكثر من مليوني صورة مأخوذة عبر الأقمار الاصطناعية.
وقالت منظمة العفو الدولية إن "العديد من الحالات التي وثقتها يمكن أن ترقى إلى حد انتهاكات القانون الإنساني الدولي وتستدعي المزيد من التحقيق".
وحضّت أعضاء التحالف، خصوصاً الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، على إنشاء آلية تحقيق مستقلة وإنشاء صندوق لتعويض الضحايا المدنيين.
وغالباً ما ينفي التحالف الدولي الذي بدأ شن ضرباته ضد التنظيم في سورية والعراق المجاور صيف 2014، تعمّد استهداف مدنيين. وأكد التحالف رداً على سؤال لفرانس برس أنه يحقق في تقارير تُقدّم إليه من جهات عدة، بينها منظمة العفو، مشدداً على احترامه القانون الدولي الإنساني.
وقال المتحدث باسمه سكوت راولينسن "يأخذ التحالف كل الاجراءات الممكنة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين" مضيفاً "نوجه ضربات دقيقة بعد رصد متعمّق".-(ا ف ب)