تكهنات الأردنيين برئيس الحكومة القادم

تزداد وتيرة التكهنات بمن سيشكل الحكومة القادمة التي ستخلف حكومة الدكتور عمر الرزاز خاصة بعد تراجع فرص خيار التمديد للمجلس وبالتالي إطالة عمر الحكومة لإكمال برنامجها الأمر الذي يبدو أنه أصبح من الماضي، التسريبات لا تغيب عن أحاديث النخب السياسية والإعلامية ويمتد التنبؤ لشريحة واسعة من المواطنين ترتفع وتنخفض بورصة الأسماء حسب مدى القرب والبعد من الشخصية المرشحة دون الاستناد لفكرة القدرة والكفاءة على مجابهة الظروف السياسية والاقتصادية الأصعب في عمر الدولة التي تستعد لاستقبال مئويتها الأولى بأكبر مديونية في تاريخها وأزمات إقليمية معقدة.اضافة اعلان
الطامحون للجلوس مكان رئيس الوزراء الحالي كثر بمن فيهم بعض الأسماء المستجدة في فريقه والتي يعلن بعضها صراحة أنهم يهيئون أنفسهم لذلك عبر أدوات مختلفة، الترويج يزداد كلما اقتربت نهاية الدورة الأخيرة من عمر المجلس النيابي وموعدها الدستوري في الثلاثين من شهر نيسان إذا ما لم يحدث طارئ واستجدت ظروف تستدعي حل المجلس ورحيل الحكومة مثلاً كالخلاف على اتفاقية الغاز قبل ذلك التاريخ وهو احتمال ضعيف ولكنه وارد.
يتضح عدم وجود توجه رسمي لفتح الدستور وتعديل البند الثاني من المادة 74 والتي تقول بأن على الحكومة التي تحل البرلمان أن تستقيل حكماً خلال أسبوع ولا يجوز تكليف الرئيس المستقيل بتشكيلها. وهو ما حصل مع حكومة الدكتور فايز الطراونة وحكومة الدكتور عبد الله النسور في حين رحلت حكومة الملقي على وقع احتجاجات الرابع دون التمكن من حل البرلمان والاستقالة وإن كان الرئيس الملقي ينفي ذلك ويصر على أن استقالته جاءت من باب الرغبة بتمكين رئيس آخر من إنجاز المهمة الأساسية وهي برنامج التصحيح الاقتصادي وقانون الضريبة وهو ما جرى فعلاً.
الراجح لدى دوائر صنع القرار على ما يبدو الاكتفاء بالتعديلات التي جرت في نيسان /2016 إبان حكومة الدكتور عبد الله النسور والتي تضمنت حصر صلاحيات تعيين رئيس هيئة الأركان المشتركة ومدير المخابرات العامة ومدير الدرك بالملك مباشرة دون تنسيب رئيس الوزراء وإلغاء الحظر المتعلق بمنع حاملي الجنسية المزدوجة من تولي الموقع الوزاري وعضوية مجلس الأمة واستمرار الحكومة في حال وفاة رئيسها.
خلال واحد وعشرين عاماً من المملكة الهاشمية الرابعة تشكلت ثماني عشرة حكومة ترأسها اثنا عشر رئيسا وكان الدكتور عبد الله النسور الذي شكل حكومتين الأكثر مكوثاً في الدوار الرابع إذ بلغت مدة ترؤسه للحكومة أربعة وأربعين شهراً في حين كانت حكومة الدكتور فايز الطراونة الانتقالية التي جاءت بعد الاستقالة المباغتة لحكومة الدكتور عون الخصاونة الأقل بواقع خمسة أشهر ونصف؛ عملية الاختيار لكل من هؤلاء كانت محكومة بظروف ثقة الملك بالدرجة الأولى بقدرتهم على إدارة الوضع الداخلي والتعاطي مع التطورات الإقليمية وخاصة بعد الربيع العربي، وهنا يلحظ المتابع أن كثيراً من التنبؤات والترويج كانت تذهب أدراج الرياح.
غالباً رؤساء الحكومات يتمنون المكوث في الموقع أطول مدة ممكنة ويقدمون مبررات كثيرة أهمها أنهم بحاجة للوقت الكافي لإنجاز برنامجهم وهذا مشروع في السياسة، لكن الأصل أن تسير الأمور في نسقها الطبيعي والدستوري وهذا فيه مصلحة للدولة داخلياً في حرصها على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وهي رسالة إيجابية للناس، وخارجياً في استمرار إظهار صورتها بأنها ماضية بالسير قدماً في الإصلاح السياسي واحترام الفصل بين السلطات، وطالما أن الحكومات تؤكد أنها تعمل بمؤسسية فمن سيخلفها يكمل برنامجها.
من يقرأ حجم التحديات والمصاعب التي يحملها هذا العام يدرك أن الرئيس القادم مهما كانت قدراته وامكانياته وتجربته بانتظار ظروف صعبة على مستوى الداخل والاقليم فالقصة تتجاوز حدود الطموح الشخصي وإن كان مباحاً.