"تمرد".. ما يرتبه المصريون للثلاثين من حزيران

ناشط مصري يجمع التواقيع لحركة "تمرد" - (أرشيفية)
ناشط مصري يجمع التواقيع لحركة "تمرد" - (أرشيفية)

جيمس زغبي - (ميدل إيست أونلاين) 18/6/2013
ترجمة: عبد الرحمن الحسيني
يصادف يوم 30 حزيران (يونيو) الحالي الذكرى السنوية الأولى لتنصيب محمد مرسي رئيساً لمصر. وهو أيضاً الموعد الذي حدد لخروج مظاهرات في طول البلاد وعرضها للاحتجاج على قيادة مرسي التي تصبح أكثر سلطوية بازدياد والدور الذي تلعبه حركته؛ الإخوان المسلمون، في مصر ما بعد التحرير.اضافة اعلان
ويدعى هذا الجهد المنظم ليوم 30 حزيران "تمرد". ووفق آخر التقارير، فقد جمع المنظمون نحو 15 مليون توقيع على التماسات تؤيد حركة احتجاجهم، وهم يعقدون في هذه الأوقات اجتماعات تنظيمية تحضيراً لليوم الكبير. وثمة توقعات كبيرة جداً بأن تكون حركة "تمرد" نسخة تعيد أحداث تغيير النظام في كانون الثاني (يناير) من العام 2011.
يبقى قيد الانتظار رؤية ما إذا كانت هذه الحركة ستنجح أو تفشل، لكن ما يعكسه نجاحها المبكر هو حقيقة أن حكومة مرسي غائصة راهناً في مشكلة عميقة. فقد وجد استطلاع للرأي استكمل مؤخراً أجراه معهد زغبي لخدمات البحوث مع 5029 راشداً مصرياً، أن مرسي وحكومته وحزبه عانوا من خسارة درامية في حجم الدعم والشرعية.
قبل عام من الآن، ورغم انتخابه من جانب أغلبية قليلة من المقترعين المؤهلين، منح معظم المصريين لمحمد مرسي مزية الشك -حيث قالت نسبة 57 % إن فوزه كان إما "تطوراً إيجابياً" أو "نتيجة لانتخاب ديمقراطي، ويتوجب احترام النتائج".
واليوم، نجد أن ذلك الدعم هبط إلى 28 %، وأنه يأتي كله تقريباً من أولئك الذين يقرنون أنفسهم بحزب الإخوان المسلمين. ومع ذلك، ورغم هذه القاعدة الضيقة من الدعم، فإن الرئيس وحزبه يمسكون راهناً بمعظم الروافع الخاصة بسلطة صنع القرار، التنفيذية والتشريعية، ويستخدمونها للتحامل على الصحافة والمجتمع المدني ومعظم أشكال التعبير عن الاستياء. وبالإضافة إلى ذلك، ثمة إشارات مقلقة تتعلق بالتدخل المفرط من جانب الرئاسة. وكنتيجة لذلك، تعرب نسبة تتجاوز 70 % من الناخبين عن القلق من "نية الإخوان المسلمين أسلمة الدولة، والسيطرة على السلطات التنفيذية".
ما ينجم عن استنتاجات دراسة معهد زغبي هو صورة لمصر بعد التحرير في أزمة، وحيث الناخبون منقسمون على نحو معمق. ويظهر الاستطلاع أن مجموعات المعارضة الرئيسية (جبهة الخلاص الوطني وحركة 6 أبريل) مجتمعتين تتمتعان بقاعدة دعم أكبر نوعاً ما مقارنة مع الأحزاب الحاكمة. وتستطيع المعارضة الادعاء بأنها تحظى بثقة 35 % من السكان الراشدين، رغم أن جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي أدوا أفضل منها في تنظيم الانتخابات. أما النسبة المتبقية من المواطنين، والتي تصل إلى حوالي 40 %، ومع أنها تحمل وجهات نظر مشابهة لتلك التي تتبناها المعارضة، فإنها تبدو وأنها لا تنطوي على أي ثقة في أحزاب المعارضة في مصر. ويشكل المواطنون المصريون من هذه الفئة "أغلبية ساخطة".
من الممكن مشاهدة خسارة الثقة في الحكومة في ردود المستطلعة آراؤهم على كل سؤال وجهته دراسة معهد زغبي؛ حيث أعربت أغلبية جامحة من المصريين عن عدم موافقتها على مرسي والإخوان المسلمين، وعن عدم رضاها عن سياساتهم وأدائهم في: صياغة مسودات وتبني ما يرونه عملية صياغة دستور فوضوية؛ والفشل في توفير فرص اقتصادية وخدمات تمس الحاجة لها، أو في ضمان الحريات الشخصية وإبقاء البلد آمناً. وفي كل واحدة من هذه المناطق، ثمة حوالي الربع من الناخبين يعربون عن درجة معينة من تأييد ممارسات الحكومة، بينما تعرب نسبة ثلاثة أرباع الناخبين عن عدم تأييدها. وفي كل الحالات، يأتي الدعم للحكومة وعلى نحو حصري تقريباً من أولئك الذين يقترنون بالإخوان المسلمين، بينما يجمع باقي المواطنين تقريباً على عدم التأييد.
ما يكشفه ذلك بوضوح تام، هو أن المعارضة لمرسي تعاني من أزمة في القيادة والتنظيم. ومن بين الشخصيات التسع المصرية القائمة التي شملها استطلاع معهد زغبي (بمن فيهم كل أولئك الذين خاضوا الانتخابات الرئاسية و/أو يقودون أحزاباً سياسية معارضة)، لا ينظر إلى أي أحد منهم على أنه يحظى بالمصداقية من جانب أكثر من ثلث الناخبين، وحيث ينظر الربع فقط إلى بعضهم على أنهم جديرون بالثقة. وينظر فقط إلى باسم يوسف، صاحب النقد الهجائي التلفزيوني الساخر الذي اتهمته الحكومة وأدين بإهانة "الرئاسة والإسلام" على أنه جدير بالثقة من جانب معظم المصريين.
بينما يسيطر الانقسام على الكثير من استنتاجات الاستطلاع، فإن هناك مناطق قليلة يمكن إيجاد إجماع فيها. ولعل من اللافت أن الرئيس الراحل أنور السادات نال تصنيفات عالية من كل المجموعات -الإسلاميين والمعارضين العلمانيين والممتعضين. ومما ينطوي على دلالة أكبر هو حقيقة أن الجيش يتوافر على تصنيفات تأييد قوية من كل الأطياف والأحزاب -94 % كتصنيف إجمالي كلي، تلاه قريباً منه في الترتيب النظام القضائي. وفي بعض الأوقات، كانت هاتان المؤسستان تقومان بدور الفصل الذي يخفف من ميل الرئاسة نحو الإفراط في السلطوية. ولكن، بينما تحب أغلبية من الداعمين لأحزاب المعارضة والساخطين أن يلعب الجيش دوراً أكبر، فإنه ليس هناك دعم كلي قوي للتدخل العسكري في الشؤون المدنية.
ما الذي يتوجب عمله تالياً؟ يجب إجراء انتخابات فورية لانتخاب برلمان جديد، والتي تحظى بدعم الأحزاب الإسلامية. لكن هذه الفكرة تلقى الرفض من جانب معظم المصريين الآخرين، حيث تقول غالبية كبيرة إنها لا تعتقد أن الانتخابات الجديدة ستكون نزيهة أو شفافة. أما المعارضة وغالبية الناخبين، فيحبذون بشدة إلغاء الدستور. لكن هذا التوجه يلقى الرفض من جانب داعمي الأحزاب الإسلامية الرئيسية.
أما الاقتراح الوحيد الذي يحظى بشبه دعم وإجماع من كل المجموعات، فهو إقامة "حوار وطني حقيقي" -رغم أنه يبقى قيد الانتظار ما سيجلب هذا الحوار من إنجاز على ضوء الاستقطاب القائم في مصر راهناً.
وهكذا، وبعد عام من انتصار محمد مرسي، ما تزال مصر تعيش في أزمة. فالاقتصاد محطم، وحقوق الإنسان تتعرض للانتهاك، ويسيطر حزب تدعمه الأقلية على السلطة في دولة متشظية على نحو معمق. وإلى داخل هذه الحلبة، تدخل حركة "تمرد" ومحاولتها توحيد المعارضة وتنظيم الساخطين، في جهد آخر مسعى من أجل تفعيل التغيير الذي تمس الحاجة إليه. ويبقى قيد الانتظار رؤية ما الذي سيجلبه يوم 30 حزيران (يونيو) الحالي. ولكن، وبغض النظر عن المحصلة، فإنه سيكون يوم زخم في التطور السياسي المعاصر في مصر.


*واشنطن ووتش: عمود أسبوعي يكتبه رئيس المعهد العربي الأميركي جيمس زغبي، مؤلف كتاب "الأصوات العربية: ماذا يقولون لنا ولماذا يهم".
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Tamarrod: Egyptians Organizing for June 30th