تنمر مجتمعي على الأنثى

حالة الغضب حول بشاعة اي جريمة قتل سواء كانت الجريمة وقعت على انثى او رجل او طفل امر طبيعي وتتسق مع انسانيتنا، بيد انه لا يجوز المرور عن تلك الجرائم التي وقعت مرور الكرام، اذ باتت كلمة (كفى) لا تعبر عن هول حالة التنمر المجتمعي بحق الأنثى بشكل عام. الحقيقة ان هناك مجتمعا ذكوريا يمارس كل ذكوريته بحق الانثى، وما يزال هذا المجتمع يرى بعين واحدة دون الأخذ بحقوق نصف المجتمع الآخر، ولذا فإن حالة النكران لا تكفي والهروب من المسؤولية المجتمعية لا يمكن ان توصلنا لحل، كما ان التغاضي عن أسباب هذا الامر لن تصلنا لمجتمع ايجابي معتدل ومتوازن. الحقيقة التي نعانيها اليوم ان جزءا كبيرا من المجتمع ذكوري، ومارس تنمرا على السيدات سواء كن وزيرات او نائبات او معلمات، او سيدات عاديات او ناشطات، كما اننا بين فينة واخرى نشهد تنمرا على سيدات عاملات، وسيدات عابرات في الشارع العام، يتعرض احيانا سواء بطرق مباشرة او غير مباشرة من خلال خدش آذانهن بألفاظ سوقية وغير محترمة . لا أقول ان السيدات في الدول الاخرى يعشن في مدن فاضلة ولكن الامر المهم الذي يتوجب مكاشفة انفسنا فيه هو أهمية وجود قوانين رادعة وإرادة حكومية جادة لمعالجة الأمور، فما قالته مؤخرا جمعية معهد تضامن النساء الأردني (تضامن) بأن الأردن شهد ارتفاعا في جرائم القتل الأسرية بحق الإناث، حيث وصل عددها الى 21 جريمة منذ بداية 2019، وبارتفاع نسبته 200 % مقارنة مع ذات الفترة من العام 2018، حيث وقعت 7 جرائم قتل أسرية بحق النساء والفتيات خلال أول 10 أشهر من العام 2018. إنكار ما يجري لا يفيد، ومحاولات البعض إشاحة الوجه او التشكيك بأي تحرك مجتمعي مناصر للمرأة يضع مليون علامة سؤال حول أولئك الذين يَرَوْن الديمقراطية والحريّة من الباب الذي يسمح لهم دخوله ويؤمن مصالحهم، ويتعاملون مع المرأة بنفس الآلية في عصر الظلام عندما كانت وظيفة المرأة الوحيدة في الحياة هي تدليع زوجها وتربية الأولاد والحمل، ولا يسمح لها بالخروج من باب منزلها، فالبعض منا في خلفية عقله يريد المرأة بهذا الشكل المهين وغير الانساني، ورغم مساحيق التجميل التي يستخدمها البعض لتزيين مواقفهم من المرأة الا ان تلك المساحيق مزيفة وتظهر بشاعة وجوههم عند أدنى منعطف، وقد ظهر جليا حالة إنكار للظاهرة، وبالتحديد العنف الأسري وظهر سلوك وبيئة معادية للنساء بشكل عام. المؤسف ان الأمم المتحدة أعلنت العام 2016 عن فشل جميع دول العالم في القضاء على العنف ضد النساء، وأكد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول استعراض وتقييم مدى تنفيذ الدول الأعضاء للاستنتاجات المتفق عليها بشأن إزالة ومنع جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات، والذي عرض العام 2016 خلال اجتماعات الدورة الستين للجنة أوضاع المرأة في الأمم المتحدة، أكد على حقيقة أن جميع دول العالم بدون استثناء فشلت في القضاء على العنف ضد النساء ومنعه، وهذا يعني ان العنف غير مرتبط بدين معين بقدر ارتباطه بعادات وسلوكيات مجتمعية بتوجب التعامل معها وحلها. المشكلة اننا وبعد ما يقرب لأربع سنوات من التقرير يتعزز لدينا العنف الاسري والعنف ضد النساء ولم نتقدم في هذا الجانب قيد انملة، وتعاظمت لدى البعض منا حالة الإنكار، كما ارتفع منسوب العنف الاسري، فضلا عن ارتفاع وتيرة التنمر المجتمعي على الأنثى بشكل عام.اضافة اعلان