تواطؤ في جرائم الحرب: تحالف بريطانيا العسكري غير المعلن مع إسرائيل

Untitled-1
Untitled-1
ترجمة: علاء الدين أبو زينة مارك كيرتيس – (ميدل إيست آي) 7/12/2018 في أواخر الشهر الماضي، قام وزير التجارة الدولية البريطاني، ليام فوكس، بزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وتعهد بزيادة حجم التجارة والاستثمار بين البلدين، الذي وصل مسبقاً إلى رقم كبير هو 9 مليارات دولار. وفي حين أن أكثر من 230 فلسطينياً قتلوا وجرح آلاف آخرون على يد القوات الإسرائيلية منذ آذار (مارس)، فإن روابط لندن مع تل أبيب تصبح أكثر قوة باطراد. ومع ذلك، لا أستطيع أن أعثر على مقالة واحدة في الصحافة البريطانية "السائدة"، والتي تتحدث عن عمق سياسات المملكة المتحدة الداعمة لإسرائيل. ويسمح هذا التعتيم الإعلامي لبريطانيا بمواصلة دعم العدوان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة مع إفلات من العقاب. الأسلحة كالمعتاد في العامين 2016 و2017، عندما كانت تيريزا ماي رئيسة للوزراء، باعت المملكة المتحدة ما تعادل قيمتها 402 مليون جنيه إسترليني من المعدات العسكرية لإسرائيل، بما فيها مكونات طائرات قتالية، ودبابات، وطائرات من دون طيار وأجهزة اتصالات عسكرية. وعندما زار الأمير وليام إسرائيل في أواخر حزيران (يونيو)، وافقت المملكة المتحدة على منح رخص بتصدير نحو 34 نوعاً من المعدات المتصلة بالشؤون العسكرية إلى إسرائيل. صدر التفويض بهذه الصادرات من الأسلحة بينما كان الفلسطينيون يخاطرون بأرواحهم في تظاهرات مسيرة العودة الكبرى عند السياج العازل بين غزة وإسرائيل. وكان نحو 33 طفلا من بين أولئك الذين قُتلوا، إلى جانب أكثر من 24.000 جريح فلسطيني. وقد تعرض العشرات من الناس إلى بتر أطرافهم، بما في ذلك 15 طفلاً، في حين قالت الأمم المتحدة أن 1.200 مريض سوف يحتاجون إلى عمليات طويلة الأمد لإعادة بناء إطرافهم. لكن الكثير من الخدمات غير متوفرة في غزة بينما يعاني نظام الرعاية الصحية هناك مع التدفق الهائل للإصابات. وبحلول نهاية تشرين الأول (أكتوبر) وافقت السلطات الإسرائيلية على 74 فقط من أصل 335 طلباً لتصاريخ خروج للجرحى الفلسطينيين المحتاجين إلى الرعاية خارج غزة. أظهرت وثائق كشف النقاب عنها إدروارد سنودن في العام 2014 أن وكالة الأمن القومي الأميركية كانت تزود نظيرتها الإسرائيلية، وحدة استخبارات الإشارات "سيجينت" الإسرائيلية (المعروفة أيضاً باسم الوحدة 8200) ببيانات تستخدم لمراقبة واستهداف الفلسطينيين. وهناك شريك رئيسي لكلتا الوكالتين، والذي تبين أنه مركز التجسس البريطاني المعروف باسم "مركز الاتصالات الحكومية" GCHQ، والذي كان يغذي الإسرائيليين ببيانات مختارة يجمعها من مراقبة الاتصالات. وفي العام 2009، خلال عملية "الرصاص المصبوب" العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي خلفت نحو 1.400 قتيل، بمن فيهم 344 طفلاً، تضمن ذلك التعاون تقاسم المعلومات عن الفلسطينيين. "شراكة قوية" هل تفعل المملكة المتحدة ذلك الآن؟ في العام الماضي، قال روبرت هانيغان، المدير المنصرف لمركز الاتصالات الحكومية البريطاني أن منظمته لديها "شراكة قوية مع نظرائنا الإسرائيليين في مجال استخبارات الإشارات"، و"إننا نبني شراكة ممتازة في المجال السيبراني مع مجموعة من الهيئات الإسرائيلية". وفي وقت سابق من هذا العام، أصبح هانيغان رئيساً لمؤسسة Blue Voyant Europe، وهي مؤسسة للأمن السيبراني، والتي يدير عملياتها –من بين آخرين- نائب قائد سابق للوحدة 8200 الإسرائيلية، ورئيس وحدة سابق في وكالة الأمن الإسرائيلية "شين بيت". وثمة لاعب رئيسي آخر في المؤسسة، هو الوزير البريطاني السابق، اللورد مانديلسون، الذي يترأس المجموعة الاستشارية لمؤسسة بلو فويانت. أصبح الأمن السيبراني مجالاً رئيسياً للتعاون البريطاني-الإسرائيلي. ويلاحظ تقرير جديد أصدرته مجموعة الضغط البريطانية الإسرائيلية، بيكوم، أن "التعاون على مستوى الحكومات بين المملكة المتحدة وإسرائيل في مجال الأمن السيبراني قوي، وقد وصفه مسؤول بريطاني رفيع بأنه ‘علاقة من الطراز الأول’". وأضاف التقرير أن "هناك علاقات عمل وثيقة بين وكالات الأمن السيبراني في البلدين وتعاون مميز في تطوير استراتيجياتهما الأمنية القومية". وفي دليل دامغ على اعتماد بريطانيا على قطاع الأمن السيبراني الإسرائيلي، يقول التقرير أنه بما أن المصارف البريطانية الرئيسية هي زبائن للعديد من الشركات الإلكترونية الإسرائيلية، فإن "الغالبية الساحقة من التعاملات الرقمية والتجارة الإلكترونية بالبطاقات الائتمانية في المملكة المتحدة تتلقى الحماية بشكل أساسي من التقنيات الإسرائيلية". علاقات عسكرية متعمقة كما هو موثق في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" في حزيران (يونيو)، فإن علاقات المملكة المتحدة العسكرية مع إسرائيل كثيفة، وتغطي مجالات مثل التعاون البحري وتوفير المكونات للغواصات الإسرائيلية المسلحة نووياً. لكن الافتقار إلى تحقيقات استقصائية صحفية عنى ظهور القليل من التفاصيل عن الكثير من البرامج. في أيلول (سبتمبر) كشفت الحكومة البريطانية عن تعاون في مجال التدريب العسكري بين البلدين. وجاء ذلك في أعقاب أخبار تحدثت في العام 2016 عن أن طيارين عسكريين بريطانيين كان من المقرر أن يتدربوا على يد شركة تملكها شركة "أنظمة إلبيت" الإسرائيلية للأسلحة. والتعاون في مجال التدريب قائم منذ وقت طويل: في العام 2011، كُشف النقاب عن أن الجنود البريطانيين كانوا يتدربون في إسرائيل على استخدام الطائرات من دون طيار التي "تم اختبارها ميدانياً على الفلسطينيين" خلال حرب العام 2009 في غزة. وما تزال العقود تتهاطل. ففي وقت سابق من هذا العام، وافقت وزارة الدفاع في المملكة المتحدة على عقد بقيمة 52 مليون دولار لشراء تطبيق لإدارة ميدان المعركة من فرع "أنظمة إلبيت" في المملكة المتحدة، بينما اختارت وزارة الدفاع البريطانية الشركة الإسرائيلية المتخصصة في الدروع، بلاسان، لتصميم وإنتاج الحماية المدرعة للفرقاطات البريطانية الجديدة "طراز 26" التي صنعتها شركة "أنظمة بي. إيه. إي" في غلاسكو. وفي مؤتمر حزب المحافظين في تشرين الأول (أكتوبر)، اصطفت شخصيات حكومية رفيعة في حدث استضافته مجموعة "أصدقاء إسرائيل المحافظون" للدفاع عن التصرفات الإسرائيلية في المناطق المحتلة. وقال وزير الدفاع غافين وليامسون: "في مجال الدفاع، تعمل بريطانيا وإسرائيل معاً بشكل وثيق. هناك رابطة حقيقية". تسهيل العنف الإسرائيلي بالمثل، قال ليام فوكس لنتنياهو أثناء زيارته إلى إسرائيل: "إنني أتطلع إلى علاقة تجارية واستثمارية أكثر تطوراً وطموحاً مع إسرائيل بينما نعمل معاً بشكل أوثق في المستقبل". ورد نتنياهو: "بريطانيا في الحقيقة هي أكبر شريك تجاري لنا في أوروبا... ونحن نقدر الصداقة، ونقدر آفاق المستقبل". يواصل فوكس ووليامسون استراتيجية رئيستهما، تيريزا ماي، التي كانت قد قالت عن إسرائيل: "أريد أن أبني أقوى وأعمق علاقة ممكنة بين بلدينا". ومع ذلك، فإن حقيقة ما يعنيه ذلك في الممارسة –خاصة عندما يتعلق الأمر بالدعم البريطاني العسكري والاستخباراتي لإسرائيل، وكيف يقوم ذلك بتسهيل العدوان الإسرائيلي- لا تحظى بالتغطية ببساطة في وسائل الإعلام البريطاني. وكلما طال أمد ذلك أكثر، كلما كان أسهل على إسرائيل أن تواصل ارتكاب جرائمها مع إفلات من العقاب. *مؤرخ ومحلل للسياسة الخارجية البريطانية والتنمية الدولية، ومؤلف ستة كتب، آخرها النسخة المنقحة من كتابه "شؤون سرية: تواطؤ بريطاني مع الإسلام المتطف". *نشر هذا الموضوع تحت عنوان: Colluding in war crimes: Britain's unreported military alliance with Israelاضافة اعلان