هل سيكون هذا العام صعبا أم سهلا من الناحية الاقتصادية؟ يقولون إذا أردت أن تتنبأ فتنبأ كثيرا، (لعل وعسى يصدق أحد تنبؤاتك)، وبناء عليه، فما يلي توقعاتي بالنسبة لما سيحدث في الاقتصاد في هذا العام بناء على مزيج من المشاهدات الميدانية، والتوجهات القائمة، وما نستقرئه من كتاب التكليف السامي للحكومة الحالية والتزام الحكومة به.
من المتوقع أن تنحسر موجة عدم منح التسهيلات التي مررنا بها في العام 2009، وبناء عليه سيعود الإقراض والاستثمار والاستهلاك، خاصة وأن الضغوط ما تزال على البنك المركزي والبنوك للمشاركة بوجه أفضل في نمو وتنمية الأردن وتفعيل المركزي لصلاحياته التي ينص عليها قانونه، وخاصة المواد 43-46.
ومع تزايد السيولة، أو عرض النقد بين أيدي القطاع الخاص (وليس لدى البنوك أو المركزي أو القطاع العام)، سينشط الطلب وتبدأ الأسعار في قطاع الأراضي والعقارات بالارتفاع، بعد أن حققت معدلات تراجع هائلة في 2009. وسيعزى أحد أسباب التضخم لاستمرار سعر صرف اليورو مقابل الدولار حول 1.43 (أو 102 قرش تقريبا بالنسبة للدينار)، مما سيرفع من أسعار السلع الأساسية ومنها أسعار الطاقة والمشتقات النفطية، خاصة إذا استمرت وتيرة التعافي البطيء في معدلات النمو في أميركا.
بالنتيجة فالأردن، الذي يتمتع بنعمة كونه اقتصادا على هامش العولمة، وبما أنه دولة مستوردة وليس من صانعي التيارات الاقتصادية العالمية، سيعود (ولو جزئيا) إلى زمن الغلاء المستورد، ولكن معدلات الغلاء لن تكون بأي شكل شبيهة بما عانينا منه في 2007 وجزء من 2008 بل إلى غلاء يتراوح بين 5-6 %.
ومع بدء العودة للحراك الاقتصادي، ستعود معدلات البطالة إلى التراجع عن نسبة 14 % وربما سنشهد عودة إلى معدلات 12 %، خاصة إذا بدأ المستهلك والمستثمر بالتفاؤل، وترك التشاؤم لمن يحب التشاؤم والخمول. وسيؤدي التفاؤل والحراك الاقتصادي الداخلي الأنشط من العام الماضي، واستمرار ارتفاع أسعار النفط إلى عودة التحويلات من الخارج في النمو على الرغم من تباطؤ اقتصاد دبي في 2009،
الطفرة النفطية ستؤدي إلى المزيد من تدفق الاستثمارات الأجنبية، وستقود الدول الباعثة للاستثمارات كل من السعودية، والكويت والعراق كما في السابق، خاصة إذا ما تحركت الحكومة الحالية بشكل استراتيجي وحسب كتاب التكليف. كما سيرتفع دخل الأردن من السياحة نتيجة ذات الأسباب، ومن الجدير بأن دخل الأردن تراجع بأقل من 1 % في 2009 عن 2008 والذي كان عاما خاصا. وبذلك كان قطاع السياحة الأقل تضررا، وبرأيي نتيجة للتفاعل الجيد والنشط لوزارة السياحة مع المتغيرات العالمية.
سترتفع بعض صادراتنا نتيجة رخص سعر صرف الدينار، وتحسن الطلب عالميا على المواد الخام كالبوتاس والفوسفات في حين ستستمر صادرات المناطق المؤهلة بالتراجع، ولكن ليس بسرعة 2009 حيث كان الهبوط 20 %. كما ستستمر صادراتنا من الأدوية في التراجع نتيجة تشجيع العديد من الأسواق التقليدية العربية لصناعات الأدوية فيها. وفي الوقت ذاته سيعود العجز التجاري إلى الارتفاع مع ارتفاع أسعار الواردات التي تفوق ضعف الصادرات.
بالنتيجة، أتوقع أن يصل معدل النمو الحقيقي بين 5 و6 % بدلا من 3 % الذي شهده الاقتصاد في العام الماضي، العام الذي خلقنا فيه أزمتنا الاقتصادية الخاصة بعد أن كان العالم قد بدأ بالتعافي. أما بالنسبة للموازنة، فاسألوا الحكومة، أو نوستراداموس. وكل عام والأردن وأنتم بخير.