تونس: المال السياسي تحت مجهر الرقابة خشية تأثيره على الانتخابات

تونس - كان شبح المال السياسي والمخاوف مخيما من إمكانية التأثير على أصوات الناخبين على أول انتخابات برلمانية تونسية جرت أمس، بعد كتابة الدستور الجديد وهي محطة طال انتظارها لإنهاء المرحلة الانتقالية المؤقتة.اضافة اعلان
وشارك في الانتخابات عدد من رجال الأعمال، بعضهم تحوم حوله شبهات باستخدام المال بطرق خفية يصعب تعقبها، من أجل ضرب عصفورين بحجر واحد، هما شراء ذمم الناخبين، والإفلات من الرقابة الحكومية التي تحجر هذه الممارسات.
وأوكل القانون لدائرة المحاسبات (جهاز رقابي حكومي) مهمة مراقبة تمويل الحملة الانتخابية للمرشحين. وبإمكان هيئة الانتخابات أن تلغي فوز قائمة انتخابية إذا بينت دائرة المحاسبات أنها تجاوزت سقف الإنفاق الذي يخوله قانون الانتخابات.
ومن بين رجال الأعمال التونسيين الذين وُجهت إليهم اتهامات بإغراء الناخبين بالمال للتأثير على اختياراتهم في هذه الانتخابات، سليم الرياحي، مؤسس الحزب الوطني الحر ذي التوجه الليبرالي والرئيس الحالي للنادي الأفريقي، أحد أبرز فرق كرة القدم بالبلاد.
والرياحي هو أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، وقد تقدم بقائمة تضم 123 ألف تزكية من الناخبين وهي أعلى قائمة تزكيات يقدمها أي مرشح، لكن بعض المراقبين شككوا في نزاهتها واتهموه بتزوير جزء من التزكيات.
ويواجه الرياحي سيلا كبيرا من الاتهامات في تونس تارة بعلاقته الوطيدة مع النظام الليبي السابق وتبييض الأموال، وتارة أخرى بتكوين ثروة مالية طائلة من مصادر غير مشروعة، وسعيه إلى السيطرة على القرار السياسي والتأثير على الانتقال السياسي.
ولم يتسن الحصول على رد من الرياحي على الاتهامات الموجهة إليه في هذا الصدد، غير أنه استنكر في تصريحات صحفية سابقة ما اعتبرها حملة تشويه ممنهجة ضد شخصه وحزبه من خلال ترويج الإشاعات.
ويؤكد الرياحي أن مصادر ثروته تعود لنشاطه في مجالات النفط والعقارات والاستثمار في بورصة لندن، مؤكدا أن جميع أمواله تخضع للمراقبة المالية وأنه لم توجه له أي تهمة فساد أو إثراء غير مشروع.
وبشأن اتهامه باستخدام المال السياسي لشراء ذمم الناخبين، أكد أن حزبه لم يتجاوز سقف الإنفاق المالي الذي يسمح به القانون الانتخابي، مشيرا إلى أنّ الأطراف التي توجه له هذه الاتهامات "تخاف نجاح حزبه الذي اكتسب شعبية واسعة".
وبعيدا عن هذا المثال، عبرت أوساط سياسية عن مخاوفها من تأثير المال السياسي وشراء الأصوات في نتائج الانتخابات التي تعتبر مصيرية للبلاد. ويقول زعيم حزب الإصلاح والتنمية، محمد القوماني، إن إغراء الناخبين بالمال "كان حاضرا بقوة".
ويضيف للجزيرة نت أن لديهم مخاوف من أن يلعب المال الفاسد دورا مؤثرا في توجيه أصوات الناخبين، مؤكدا أن حزبه اكتشف خلال احتكاكه بالناخبين في الحملة الانتخابية أن "بعض رجال الأعمال والأحزاب وزعوا أموالا لشراء الأصوات".
بدوره يخشى زعيم "حركة وفاء"، عبد الرؤوف العيادي، من تأثير المال السياسي على أصوات الناخبين ونتائج الانتخابات، مشيرا إلى أن بعض المرشحين للانتخابات "حققوا ثروة بطرق غير مشروعة ويسعون لشراء ذمم الناخبين للنفاذ لمراكز القرار السياسي".
أما المنسق العام لجمعية "مراقبون" التي تراقب عملية الانتخابات، رفيق الحلواني، فيؤكد أن شبهة استخدام المال السياسي موجودة في الانتخابات، مؤكدا أن "المال السياسي قادر على توجيه أصوات الناخبين وتغيير نتائج الانتخابات".
وذكّر بإمكانية هيئة الانتخابات إلغاء فوز قائمة انتخابية يثبت أنها قامت بتجاوزات للضوابط القانونية للانتخابات، وكشف أن منظمته بصدد إعداد تقرير مفصل بشأن التجاوزات المتعلقة بتمويل الحملة الانتخابية لتقديمها لهيئة الانتخابات.
يذكر أنّ رئيس هيئة الانتخابات شفيق صرصار، كشف -في جلسة حوارية أمام رباعي الحوار الوطني مؤخرا- أن الهيئة سجلت عددا من التجاوزات في الحملة الانتخابية، بعضها ذو طابع مالي، دون أن يوضّح وجود استخدام المال لشراء الأصوات.- (الجزيرة نت)