هاشم نايل المجالي
الإدارة الحكيمة تقف دوماً على مسافة واحدة من الجميع مهما توسعت ثقوب الغربال أو تقلصت، فلن تحجب شعاع المتميزين بالأداء باخلاص وفهم واضحين وضوح الشمس، والإدارة الحكيمة عندما تقف على مسافة واحدة من الجميع فهذا لا يعني انها تساوي بين الصالح والطالح بل هي تقف على بعد واحد من الصالحين المخلصين، وترفض كل فاسد مهما كانت مسافته قصيرة. واما أصحاب الوفاء والانتماء والاخلاص فانهم يقفون مع قيادتهم اينما كان موقعهم السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي وعلى مسافة واحدة فلا يمكن ان تتم المساواة بين من قام بعمله بكل إخلاص ونزاهة مع من سرق ونهب، ولا يمكن ان نكافئهم بنفس المرتبة ونفس المستوى فهذا حتما مخالف للعقل والدين والمنطق.
والمجرب الذي تم تجربته في أي مهام ومسؤوليات من حيث الأداء والنزاهة وثبت فشله فيجب ان لا يجرب مرة اخرى، وهذا ما ينتهجه الحكماء والعقلاء، اما الفاشل المجرب والفاسد السيئ فانه من المفترض ان لا يجرب مرة اخرى، وهذا أمر لا يحتاج الى فتوى شرعية فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فعبارة المجرب لا يجرب عبارة واضحة لا تقبل التأويل ولكنها تقبل التحليل، فهناك من هو على قدر المسؤولية الاخلاقية والمهنية وهناك من هو عكس ذلك لكنه يبحث عن منصب حد الاستماتة ليحتمي به، يعتبره بمثابة قلعة تحميه بعد أن بلغت الروح الحلقوم من كشف فساده فلقد اصبحوا تحت الشمس مكشوفين للجميع، وجديد ذو خبرة وكفاءة ونزاهة خير من عتيق عديم الضمير.
كذلك الأمر للناخبين وآلية اختيار الصالح منهم بدل الطالح والفاشل الذي لم يحقق مطالب ورؤية قاعدته الانتخابية ولم يكن على قدر من المسؤولية، فعلى القواعد الشعبية تغيير قناعاتها واساليبها بالتعامل مع هذه النخب المجربة وحتى لا تكون بمثابة هزيمة للوعي يتحملون نتائجها السلبية لاحقا وان لا يبقى المواطنون العوبة بأيديهم وفق حساباتهم فقط.
وحتى لا ندمر العملية التشريعية والرقابية بمجموعة من الاشخاص لا يستحقون هذا المنصب فلقد اصبح لهؤلاء الأشخاص زبانيتهم المسوقين لهم دوما في الانتخابات على انهم يعرفون مفاتيح المجتمع وآلية التعامل مع المحتاجين والمعوزين بالمال الفاسد، فالإصلاح يجب أن يبدأ بتغيير النهج الشعبي لاختيار الأصلح والأكفأ، وإذا كانت الشعارات الشعبية تطالب بالإصلاح واختيار الأفضل والاكفاء فليبدأ الإصلاح والتغيير من القواعد الشعبية ايضا وعدم الرضوخ للوعود والمغريات المضللة.. والتجربة خير مثال على ذلك.