ثلاث جامعات طبية.. الترياق الضروري للتزاحم

من الإنصاف عدم المبالغة بالخوف من قرار مجلس الوزراء، المتضمن الموافقة على إنشاء ثلاث جامعات طبية خاصة، فمن المعلوم أن لمثل هذه القرارات إيجابيات وسلبيات، وإن كان في هذه الحالة، الإيجابيات أكثر. إن إنشاء ثلاث جامعات طبية خاصة، سيعود بالنفع الكثير على الوطن والمواطن، خصوصًا إذا ما علمنا بأنه سيتبع ذلك، إنشاء مستشفى جديد، يتبع لإحدى الجامعات، مع ما يرافق ذلك من توظيف الكثير من الأردنيين، كإداريين أو فنيين أو أعضاء هيئة تدريس، ناهيك عن أنها ستعمل على «إحياء» المناطق القريبة من البناء الجامعي.. أي بمعنى ثان حلقة متكاملة، الجميع سيستفيد منها. كما أن هناك شرطا يستوجب ضرورة تزويد تلك الجامعات بأعضاء هيئة تدريس من جامعات مرموقة عالميًا، الأمر الذي يُسهل من عملية الارتقاء بتخصص الطب، بالإضافة إلى تخصيص كل جامعة 20 بالمائة من النفقات التشغيلية للابتعاث بجامعات عالمية، ما يعود بالنفع على أبنائنا الأردنيين. لكن يجب التنبه إلى نقطة غاية في الأهمية إن لم تكن أهم ما في هذا الموضوع، والتي تتمحور حول ألا يكون إنشاء تلك الجامعات على حساب النوعية والجودة، وإذا ما صدقت وزارة التعليم العالي بأنها «لن تتخلى عن أي شرط من الشروط قيد أنملة»، فإنه من المؤكد أن يكون هناك جدوى أكاديمية وأخرى اقتصادية. إن أحد مقومات نجاح هذه الجامعات، أن تكون سمتها الأساسية «الاختصاص»، بمعنى أن تكون متخصصة فقط بمجال الطب بأنواعه المختلفة، فعندما يكون هناك جامعة متخصصة في حقل معين، فإنه من المؤكد أنها ستنجح نجاحًا منقطع النظر. ولنا في جامعة العلوم والتكنولوجيا، خير برهان، ففي بداية تأسيسها، في الأول من شهر أيلول العام 1986، كانت متخصصة بمجالي الطب والهندسة فقط، وكانت ناجحة بامتياز، ولكن وبعد فترة من الوقت، أصبحت تُدرس الكثير من التخصصات، ما أفقدها خاصية «التميز»، وإن كانت حتى كتابة هذه السطور، تُعتبر من الجامعات الناجحة والمرموقة، ولكن ليس كما كانت في السابق. وللأسف، نستطيع القول بأن جامعة البلقاء التطبيقية، التي تأسست العام 1997، والتي كان يُراد لها أن تتخصص بالتعليم التقني والمهني، «فشلت» نوعًا ما، أو كي أكون منصفًا، لم تحقق التميز والنجاح، اللذين وجدت من أجلهما. وبالنسبة للرأي القائل، بأن إنشاء جامعات طبية جديدة، سيؤثر سلبًا على خريجي تخصص الطب، وقد لا تحقق شروط الاعتماد العام، فيبدو أن ذلك غير منطقي، فعندما يتم تطبيق الشروط بحذافيرها، مع متابعة ومراقبة، وتغليط أو تشديد العقوبات، على الجامعات التي تُخل بالشروط، فإنه حتمًا ستكون هناك نتائج إيجابية، وللأطراف كلها، فضلًا عن أن القطاع الخاص لديه قدرة أفضل من القطاع العام، في تحقيق الأهداف المنشودة. أما ما يُقال بأنه سيكون لدى الأردن، الآلاف من خريجي الطب، فرغم صحة هذه المقولة، إلا أننا يجب ألا ننسى بأن عدد سكان المملكة في تزايد مستمر، فقبل أعوام كان عدد سكان الأردن لا يتجاوز الـ5 ملايين نسمة، والآن أصبح نحو 7 ملايين شخص، بالإضافة إلى حوالي ثلاثة ملايين ما بين لاجئ ومقيم وغير ذلك. ومعلوم أن كثرة خريجي الطب، والتي يحلو للبعض أن يُطلق عليها «معضلة»، كانت استثنائية للعام الدراسي الماضي، والتي كان سببها الرئيس ارتفاع معدلات شهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي) إلى مستويات جنونية.. لكن ليس كل عام تكون المعدلات مرتفعة بهذا الشكل، وبالتالي لا يمكن أن يتم القياس عليها!. ثم لن يكون مثل ذلك الرقم، أي أعداد خريجي الطب، جدًا مرتفع، فحاليًا يوجد ما يقارب من 4 آلاف طالب وطالبة يدرسون الطب بالجامعات الأردنية.. فحسب تأكيدات وزير التعليم العالي محي الدين توق، فإن الجامعات الثلاث الجديدة ستستقبل 1200 طالب وطالبة خلال الأعوام الدراسية الستة المخصصة لدراسة هذا التخصص، 40 % فقط أردنيين، أي 480 طالبا وطالبة فقط.. وبالتالي يكون عدد طلبة الطب في الأردن تقريبًا 4500 خلال الأعوام الستة التي تلي إنشاء تلك الجامعات.اضافة اعلان