ثمن تذويب الهوية الفلسطينية؟

 

من سخرية السياسية أنه في ظل الدعم الغربي غير المحدود لتوسيع رقعة الاستيطان اليهودي في فلسطين المحتلة والتقدم بخطى حثيثة نحو تهويد كل القدس الشريف تمضي دولة الاحتلال العنصري قدما على صعيد قديم جديد يرمي إلى محو الهوية الوطنية الفلسطينية، في حين يتسابق بعض الفلسطينيين والعرب لمد يد السلام والمحبة لهذا الكيان، ومن موجات التنكيل المتوالية على الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1948، مشروع قانون "المواطنة والولاء" الذي أطلقه وزير الخارجية المتطرف أفيغدور ليبرمان في دعايته الانتخابية والذي ستبحثه اللجنة الوزارية لشؤون القانون والدستور الأسبوع المقبل.

اضافة اعلان

 وبذلك تمضي المؤسسة الإسرائيلية في طرح القوانين العنصرية التي تستهدف فلسطينيي الداخل، وتضييق الخناق عليهم، ويأتي ذلك في ظل غضب عارم واستياء شديد في أوساط فلسطينيي الداخل بعد إقرار مشروعي قانونين عنصريين من اللجنة الوزارية ذاتها التي صادقت قبل أيام على مشروع قانون يحظر على فلسطينيي الداخل إحياء ذكرى النكبة، وقانون آخر ضد حرية التعبير عن الرأي.

ويمنح مشروع القانون الذي قدم أيضا في الدورة السابقة، وزير الداخلية، صلاحية سحب مواطنة من لا يؤدي الخدمة العسكرية أو المدنية بمعنى أخر طرد الفلسطينيين من فلسطين المحتلة عام 48 وإعادة تهجيرهم في وقت يتزايد الحديث فيه في أروقة الكنيست الإسرائيلي عن كون الأردن الوطن البديل للفلسطينيين، وتلك القوانين التي يجري طرحها تؤكد أن المخطط الصهيوني لن يتوانى للحظة واحدة عن تحقيق أهدافه في التخلص من الفلسطينيين عبر تهجيرهم وكذلك عبر إذابة هويتهم الوطنية التاريخية لمصلحة هذا المشروع.

ومشروع القانون إن اقر فهو يهدف في ذات الوقت إلى تذويب الهوية الوطنية الأردنية وبالتالي يضرب الكيان الصهيوني عصفورين بحجر واحد؛ التخلص من الفلسطينيين والأردنيين على حد سواء، في وقت تتزايد فيه التصريحات الرسمية وغير الرسمية وكذلك مشاريع القوانين التي تدعو لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن.

مشروع القانون الجديد قدمه رئيس لجنة القانون والدستور البرلمانية "دافيد روتيم"، من حزب يسرائيل بيتينو، وحسب اقتراح روتيم "كل من يطلب الحصول على مواطنة إسرائيلية، أو إصدار بطاقة هوية في وزارة الداخلية سيكون ملزما بالتوقيع على تصريح ولاء حسب النص التالي: "أنا ألتزم بأن أكون مخلصا لدولة إسرائيل كدولة يهودية صهيونية ديمقراطية، ولرموزها وقيمها"، فضلا عن ذلك سيطلب منهم التعهد بأداء الخدمة العسكرية أو المدنية!

وكان حزب "يسرائيل بيتينو" ورئيسه أفيغدور ليبرمان ركزا الدعاية الانتخابية على موضوع "المواطنة والولاء"، ورفع شعار "لا مواطنة من دون ولاء"، وتعهد الحزب حينذاك بطرح مشروع قانون يلزم فلسطينيي الداخل بأداء "قسم الولاء لإسرائيل".

وها هو الحزب الذي حصل على 15 مقعدا في الكنيست يترجم برنامجه الانتخابي على أرض الواقع، في كنيست ذات أغلبية يمينية متطرفة تعكس أهواء الجمهور الإسرائيلي الذي يميل بشكل مطرد نحو التطرف.

ويشرح دافيد روتيم الذي يقيم في إحدى مستوطنات الضفة الغربية القانون: كتلة "يسرائيل بيتينو" تعهدت بالعمل على الدمج بين المواطنة والولاء. وهذا القانون هو مرحلة من اشتراط الحصول على المواطنة والالتزام بالخدمة العسكرية أو المدنية"، فما هو الذي سيحدث عندما يرفض الفلسطينيون في الداخل المحتل مثل هذه القوانين الرامية لنسف ما بقي من هويتهم الوطنية ؟ وأين سيذهبون إذا ما صادقت اللجنة الوزارية على مشروع قانون روتيم الذي  سيطرح للتصويت في الهيئة العامة للكنيست الأسبوع المقبل.

 ما هو السيناريوالذي سيحمله المستقبل القريب لفلسطينيي الداخل وهل ستشهد المنطقة موجات تهجير جديدة للفلسطينيين؟

[email protected]