جذب الاستثمار وسياسة "تعا ولا تيجي"

أستعمل اسم إحدى اغنيات فيروز عنوانا ليعبر عن عدم استقرار الاستراتيجية الرسمية حيال المستثمر من خارج الأردن، واستذكر من فترة قريبة جدا عندما كانت أقلام تتجاوب مع بعض السياسيين والناشطين وكذلك المسؤولين حول انفلات أسعار الاراضي والعقار في المملكة.

اضافة اعلان

وبحسب تلك الاقلام وآراء الناشطين، كان البلد يتعرض للبيع للمستثمرين، خاصة الأخوة العرب منهم الذين أتوا إلى الأردن ليستثمروا في القطاع العقاري، أراض بأنواعها داخل التنظيم وخارجه، ومبان وشقق وفلل وقصور ومكاتب تجارية، ما أشعل فتيل أسعارها إلى الحد الذي لم يعد المواطن، ابن البلد حسب رأيهم، قادرا على شراء قطعة أرض أو شقة يسكن بها أو يستثمر بعض ماله في تأجيرها، وتعالت الأصوات حينئذ بضرورة وضع العلاج اللازم الذي يخدم البلد وأبناءه.

وجاءت الأزمة المالية العالمية ليكون القطاع العقاري في العالم أول ضحاياها، ولم يخرج القطاع العقاري الأردني عن النسق العالمي، إلى حد تراجع قطاع البناء خلال الأشهر القليلة الماضية بنسبة تقارب 50% حسب الارقام المعلنة، وبدأنا نسمع أصواتا تطالب الحكومة بدعم الشركات العقارية المتضررة، واتخاذ الإجراءات الضرورية للحيلولة دون مزيد من التدهور في القطاع العقاري مثل تيسير الحصول على القروض السكنية وغير ذلك.

ثم بدأت الحكومة تعلن استعدادها لتيسير أمور المستثمرين العرب خاصة الأخوة العراقيين، وبادرت دائرة الأراضي والمساحة إلى الترويج  بالإعلان عن "النافذة الواحدة" وعن نيتها اختصار إجراءات الموافقة إضافة إلى الاعلان عن تقديم تسهيلات لدخولهم.

هذا يجعلني أقول أن سياستنا لجذب الاستثمار لا تستند إلى استراتيجية طويلة الأجل نعتمد عليها ونرعاها لنجني ثمارها. ففي استراتيجيات الاستثمار هناك ما يعرف بالبلدان/ المناطق الطاردة للاستثمار كما أن هناك بلدانا جاذبة للاستثمار.

وكان العراق الشقيق خلال السنوات الست الماضية في حالة شبه نادرة. ففي الوقت الذي كان فيه المواطن العراقي الشقيق يشعر بعدم الأمان، كان العراق في نفس الوقت بلدا مولدا لثروات كبيرة بفعل الإنفاق الأميركي على إعادة بناء ما هدمه عدوانه، ما خلق ثروة هائلة أصبحت تبحث عن منفذ أمان واستثمار.

وكان الأردن بالنسبة للعراق في حالة شبه نادرة، يمكن إرجاعها في جملتها وتفاصيلها إلى عوامل تتعلق بتاريخه وبقيادته وموقعه الجغرافي وما يتمتع به من أمن واستقرار وبالفرصة الاستثمارية أيضا، ما جعله أحد المنافذ التي دخلها جزء من هذه الثروات، يحملها أو يرسلها المواطنون العراقيون بحثا عن الأمان وعن شبه الاستقرار وعن الفرصة.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل تسهيلاتنا للمستثمر العراقي أو عكسها ينبعان من استراتيجية حقيقية لجذب الاستثمار؟

يمكن رؤية مشروعية السؤال، لكي لا نضيع الفرصة على الجانبين، ولكي لا نساهم على الأقل في إطفاء عوامل التاريخ والجغرافيا وما يتمتع به الأردن من أمن واستقرار، خاصة أن العراق بات مطمعا لكثيرين يحملون معهم الأمن والاستقرار ونقيضهما.