جرار يكشف في كتابه الجديد عن جوانب منسية من الحضارة الأندلسية

الغلاف - (من المصدر)
الغلاف - (من المصدر)
عزيزة علي عمان - صدر كتاب "جوانب منسية من الحضارة الأندلسية" لوزير الثقافة الأسبق د. صلاح جرار، عن دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي؛ حيث تقف الدراسة، كما ورد في الكتاب، بالكشف عن نصوص أندلسية مقتبسة عن المصادر الأدبية والتاريخية، حيث تمثل شواهد موثوقة. يناقش الكتاب قضايا عدة منها: القبة الفلكية التي أقامها عباس بن فرناس، وما سنّه محمد بن جهور زعيم قرطبة، من إجراءات اقتصادية لخدمة الرعية، وما سنه الأندلسيون من قوانين للمحافظة على البيئة ضمن قوانين الحسبة، وأن الأندلسيين قد سبقوا الأوروبيين بأكثر من قرن من الزمن في استخدام المدافع والبارود في حروبهم، وأن رياضة مصارعة الثيران المشهورة في إسبانيا كان للأندلسيين فضل كبير في تطويرها وتهذيبها، وأن الأندلسيين عرفوا خيال الظل ومارسوا لعبته قبل منتصف القرن الخامس الهجري. في مقدمة الكتاب، يقول جرار إنه يهدف من هذا الكتاب إلى "تسليط الضوء على جوانب خفية أو منسية من الحضارة الأندلسية لم يتعرض لها الباحثون إلا عرضا أو لم يلتفتوا إليها، وهي مما ورد متفرقا في المصادر التاريخية والأدبية، وكان له صدى باهت أو واضح أحيانا فيما وصل إلينا من النصوص الأدبية من شعر ونثر وموشحات، وهي جوانب يمكن أن تغني صورة الحضارة الأندلسية وتزيدها جلاء، كما أنها تعزز وظيفة مهمة من وظائف الأدب، وهي وظيفة تصوير حياة المجتمعات والشعوب عن قصد أحيانا وعن غير قصد في أحيان أخرى". ولكن جرار يبين أنه وقف خلال تطوافه في مصادر التراث الأندلسي الأدبية والتاريخية والفقهية وسواها على كثير من الأخبار المتفرقة والإشارات المتناثرة التي تميط اللثام في حال جمع المتشابه منها عن جوانب مجهولة أو مطوية من الحضارة الأندلسية، مما دفعه إلى تتبع هذه الأخبار والإشارات ورصد هذه الجوانب الحضارية في هذا الكتاب الذي يتناول مباحث عدة يختص كل واحد منها بجانب خفي أو منسي من جوانب الحضارة الأندلسية. وفي خاتمة الكتاب، يوضح جرار أن اعتماد هذه الدراسة على النصوص الأدبية الشعرية والنثرية يفتح الباب أمام مزيد من الأبحاث التي تسعى إلى اكتشاف صور من الحضارة الأندلسية، كما أن اكتشاف مخطوطات أدبية أو تاريخية جديدة وتحقيقها ونشرها قد يكشف عن جوانب لم تكن معلومة من الحضارة الأندلسية. ويرى جرار أن إمعان النظر في النصوص الأندلسية المحققة والتعمق والوقوف على دلالات الألفاظ والمصطلحات والرموز والإشارات من شأنه أن يضيء لنا كثيرا من الزوايا والجوانب المعتمة في الحياة الأندلسية بعامة والإنجاز الحضاري الأندلسي بخاصة. ويشير المؤلف إلى أن ضياع الكثير من المصادر التراثية الأندلسية خلال الحروب والفتن التي عصفت بالأندلس حرم الدارسين من الاطلاع على جوانب خفية قد تكون مهمة من حياة الأندلس وحضارتهم وأن ما تم الكشف عنه من تلك الحضارة ما هو إلا غيض من فيض من المنجزات الحضارية الأندلسية. وفي تقديمه للكتاب، يرى المفكر والمؤرخ والكاتب العراقي المتخصص في تحقيق المخطوطات بشار عواد معروف أن هذا الكتاب "يعد عبرة لمن اعتبر وفكرة لمن تفكر، يذكر النابتة بالمجد المؤثل الذي كان عليه الأجداد، ويدفع به وغل الشعوبيات ومتاهات العولمة، ويوقظ الراقدين الغافلين عن مآثر قومهم، وينبه ذاهلهم، فيكشف لهم عن غرة الحقيقة الخافية عليهم رغبة منه في اصطفائهم إلى الاعتزاز بتلك المآثر والمفاخر والمكار التي يغبط بها ويفتخر بحيازتها". ويذكر أن د. صلاح جرار هو أستاذ في اللغة العربية ومختص في الأدب الأندلسي عُين لأعوام عدة أميناً عاماً لوزارة الثقافة الأردنية حتى 2002، أصبح بعدها نائبا لرئيس الجامعة الأردنية في عمّان، ثم شغل منصب وزير الثقافة الأردنية في حكومتي الخصاونة والطراونة العام 2012. حصل على درجة الدكتوراه في الأدب الأندلسي من جامعة لندن- كلية الدراسات الشرقية والإفريقية- العام 1982، الماجستير في الأدب الأندلسي من الجامعة الأردنية العام 1978، الدبلوم في التربية وعلم النفس من الجامعة الأردنية العام 1975، بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من الجامعة الأردنية العام 1974. صدر له العديد من المؤلفات منها دراسات أدبية ولغوية وتحقيق: في مجال والشعر صدر له "ترويدة الغيم والشفق"، "في طريقي إليك"، في مجال الدراسات اصدر "دراسات جديدة في الشعر الأندلسي"، "مدينة مالقة: أردن الأندلس، صفحة مجهولة من تاريخ الأردن"، "ولادة بنت المستكفي"، "زمان الوصل: دراسات في التمازج الحضاري والتفاعل الثقافي في الأندلس"، "صلاة في أروقة الزهراء- قراءة في المشهد الحضاري الأندلسي في القرن الرابع الهجري"، المثقف والتغيير: قراءات في المشهد الثقافي المعاصر".اضافة اعلان