جرش: كورونا تتسبب بتراجع عدد العاملين بصناعة الألبان %40

صابرين الطعيمات جرش – فيما تساهم صناعة الألبان الجرشية في تسويق المدينة محليا، والتي يروج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمهرجانات والمناسبات والأنشطة والبازارات، تراجع عدد العاملين في هذا القطاع بنسبة 40 بالمائة بسبب ظروف جائحة "كورونا". واكد عاملون في قطاع الألبان، والذين لا يقل عددهم عن 2000 عامل في المحافظة، أن صناعة الألبان بمختلف أصنافها التي يطلبها الزوار من كافة محافظات المملكة تضررت بسبب ظروف الجائحة وتراجع كميات الإنتاج وعدد العاملين في القطاع. وبين أصحاب معامل ألبان أن هذه الصناعة تتعرض حاليا لعدة مشاكل وعوائق، من أهمها ضعف تسويق المنتج بسبب تراجع الحركة السياحية ومعظم المناسبات والمهرجانات التسويقية، ما ينعكس سلبيا في حجم مبيعاتهم وكميات الإنتاج التي يصعب تخزينها لفترات طويلة. ويخشون من أن تواجه صناعة الألبان في المحافظة "مخاطر الغش من بعض التجار الذين يستغلون سمعتها وشهرتها، وحركة التسوق التي بدأت بالتعافي تدريجيا في مرحلة التعافي من جائحة كورونا، في سبيل تحقيق أرباح أكبر ومواجهة ارتفاع مدخلات الإنتاج والضرائب وأجور العمال، لاسيما وأن الجمعيات الخيرية والتعاونية والمؤسسات الشعبية والأهلية في جرش تتجه بنشاط للعمل في صناعة الألبان"، بحسبهم. ويبلغ عدد معامل الألبان، بمختلف صنوفها، في كافة القرى والبلدات ما يزيد على 75 معملا تعمل فعليا في الوقت الراهن، فيما تعد هذه المعامل ملجأ اللجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية والسياحية لتوفير مصادر رزق ثابتة لأعضائها، لا سيما خلال مناسبات معينة كمهرجان اللبنة الجرشية الذي كان يقام سنويا قبل الجائحة، خصوصا وأن العديد من المهن الأخرى لا تجد أسواقا رائجة وتتعرض للفشل بعد تشغيلها بمدة قصيرة. إلى ذلك، قالت العاملة في صناعة الألبان منذ 25 عاما أم صفاء العياصرة، أن مهنتهم التي ورثوها عن آبائهم تواجه "خطر تشويه سمعة المنتج من بعض المعامل التي تقوم بغش الألبان ومنتجاته، بهدف تحقيق أرباح أكثر بمدخلات إنتاج غير مكلفة"، مؤكدة أن كثيرا من زوار وسكان محافظة جرش "بدأوا يشتكون من هذا الغش". وزاد الطلب في الآونة الأخير على ألبان جرش ومشتقاتها من جميع مناطق المملكة لإرسالها إلى الأهل والأصدقاء المغتربين في مختلف الدول لجودة هذه المنتجات ووفرة كمياتها وانخفاض أسعارها، وفق العياصرة. واعتادت الحاجة سمحية بني يونس على شراء مونة بيتها من الألبان ومشتقاتها سنويا من محافظة جرش تحديدا، خصوصا في هذا الوقت الذي تصنع فيها أجود أنواع الزبدة والسمنة البلدية والجبنة بمختلف أنواعها، واللبنة التي تخلل بزيت الزيتون، لا سيما وأن كمية إنتاج حليب المواشي أكثر جودة للألبان خاصة التي يتم تخزينها. غير أن بني يونس فوجئت بأن اللبنة التي تخلل بالزيت هذا العام أصبحت غير قابلة للحفاظ على شكلها، بل تذوب مباشرة، ويتميز طعمها بحموضة كبيرة، مؤكدة، وبحكم خبرتها التي لا تقل عن 25 عاما في تخزين مونة بيتها، أن تلك اللبنة "مغشوشة". ويتوجه المئات من سكان جرش لشراء الألبان ومشتقاته سنويا من البيوت مفضلين إياها على المحال التجارية، وفق الحاج موسى عضيبات. وقال عضيبات إن المئات من الأسر الجرشية تعتاش على تربية المواشي في حدائقها والاستفادة من منتجها من الحليب لتصنيعه وبيعه يدويا، معتبرا أن هذا العمل هو من المشاريع الريادية للأسر ذات الدخل المحدود. كما اعتاد كل حي من أحياء بلدات جرش على شراء مستلزماته من سيدة واحدة، لتميزها بنظافة المنتج ومخافة الله في البيع والشراء، وجودة منتجاتها في تحمل أوقات التخزين أو السفر الطويل، وعدم تغير طعمه أو رائحته، بعكس منتجات بعض المحال التجارية. بدوره، أكد أحد مربي الثروة الحيوانية محمود الزعبي، أن إنتاج الحليب من الماعز والغنم يبدأ من شهر كانون الأول (ديسمبر) حتى نهاية نيسان (إبريل) وتستغل هذه الفترة لصناعة الزبدة واللبنة والجبنة، بالإضافة لصناعة اللبن بمختلف أشكاله وأصنافه والسمنة البلدية، ويقوم بتخزين ما يمكن تخزينه من المنتوجات لبيعها بأسرع وقت خلال فصل الصيف للزوار والمغتربين، وبهدف المشاركة في المهرجانات والبازارات التي تسوق المنتج الجرشي، لاسيما وأن هذه المنتوجات لا تحتمل التخزين فترات طويلة. وأوضح أن مربي الثروة الحيوانية يعتمدون على الأبقار أكثر من الأغنام في توفير الحليب، وهو المادة الخام التي تستخدم في صناعة الألبان بمختلف المنتوجات. وتشرح الخمسينية نبيلة عبدالله أولى طرق الغش، متمثلة "بخلط الحليب السائل مع حليب بودرة خاص وناشف، عن طريق أجهزة تجانس خاصة، وهذه الأجهزة تحدد كمية الحليب التي يجب أن تخلط لضمان صناعة ألبان جيدة، ولا تفسد بسرعة وتتحمل السفر عدة أيام، وهذه الطريقة تضمن توفير الإنتاج وبيعه وتحقيق ربح أكثر". أما الطريقة الثانية فتكمن في "خلط اللبن مع مادة النشا لزيادة كثافته ووزنه وضمان تجانسه، وبيعه بنفس السعر"، وأما الطريقة الثالثة فتتمثل "بخلط حليب البقر مع حليب الماعز والغنم نظرا لتوفر حليب البقر، وهو أقل ثمنا من حليب الغنم، ويباع على أنه حليب غنم صاف". وأكدت أن جميع مشتقات الألبان "قابلة للغش"، فيما تتمثل طرق التعرف على المنتجات المغشوشة من خلال اللون، حيث يكون لون اللبن المغشوش شديد البياض أو قوامه مطاطيا، أما اللبنة فيصعب أن تتخذ شكل الكرة عند وضعها في الزيت، وأما الجبنة فتتفتت عند غليها في الماء الصافي". ووفق بيانات مديرية صحة جرش فإن عدد معامل الألبان يزيد على 70 معملا موزعة بين مختلف القرى والبلدات، وتتم مراقبة هذه المحلات ومتابعتها على مدار الساعة من قبل مراقبي الصحة للتأكد من نظافتها وجودتها وصلاحيتها، لا سيما وأن مادة اللبن ومشتقاته تتعرض للتلف السريع، ومدة صلاحيتها لا تتجاوز عدة أيام، وتجري مراقبة مدى صلاحيتها في المحال التجارية على مدار الساعة، حرصا على صحة وسلامة المواطنين. وتتلف المديرية بشكل شهري كميات من الألبان المغشوشة، وأبرز طرق الغش هي خلط اللبن بمادة النشا التي يستطيع مراقبو الصحة، بحكم خبرتهم، اكتشافها عن طريق العين المجردة، من خلال كثافة اللبن وطعمه وقوامه، ثم يتم بعدها إرسال عينة إلى مختبرات مديرية الصحة والتأكد من الغش، وإتلاف الكميات المغشوشة، إضافة إلى تحرير مخالفة بحق التاجر أو تحويله للقضاء أو إغلاق المحل. وأكد مصدر مطلع في مديرية زراعة جرش أن سبب تميز المحافظة بصناعة الألبان ومشتقاتها هو ضخامة أعداد المواشي والأبقار الموجودة، وارتفاع عدد مربي الماشية من أرباب الأسر، ذلك أن المستهلك يثق دائما بنظافة وجودة المنتج الذي يخرج من المنازل. وبين أن عدد الماعز والضأن في جرش حتى نهاية العام الماضي بلغ 65050 رأسا، فيما بلغ 1632 رأسا من الأبقار، فيما قامت مديرية الزراعة بتحصين 116490 جرعة العام الماضي. وتشير أرقام المديرية إلى ترخيص 97 مزرعة دواجن، و11 مزرعة أبقار، و3 مزاع أغنام، و5 مناحل، فيما تميل معظم معامل الألبان إلى استخدام الحليب المنتج في جرش.اضافة اعلان