"جلاس".. نهاية تخالف التوقعات لثلاثية "البطل الخارق"

Untitled-1
Untitled-1

إسراء الردايدة

عمان- في فيلم "جلاس" يطرح المخرج هندي الأصل إم نايت شياملان أسئلة عديدة منها: هل يتقبل العالم وجود أشخاص يتمتعون بقوة خارقة بينهم؟ وهل البطل الخارق حقيقي أم مجرد رسومات كرتونية تحكي عن تلك البطولات الخيالية لشخصيات وهمية، وبين هذا وذاك تبقى الإجابات غير واضحة حتى النهاية.اضافة اعلان
الأحداث منذ بداية الفيلم تستعيد الأجزاء السابقة من خلال ربط الشخصيات ببعضها بعضا ضمن سلسلة من المشاهد التمهيدية التي تنكشف شيئا فشيئا لتشكل صورة عامة واضحة عما سيجري لاحقا.
بعد 19 عاما
فيلم "جلاس"، يختتم ثلاثية انطلقت في العام 2000 بفيلم Unbreakable تلاه فيلم Split في العام 2016، من المخرج نفسه الذي أتقن تقديم أفلام الإثارة والغموض على غرار فيلم The Sense Sixth في العام 2000.
ويجمع شياملان في "جلاس" بين أبطال أفلامه الثلاثة في عمل واحد، بدءا من فيلم Unbreakable العام 2000 الذي كان بطله "دان" ولعب دوره الممثل بروس ويليس الناجي الوحيد من حادث قطار سببه اليجا برايس أو "جلاس"، ولعب دوره الممثل صامويل ال جاكسون.
ويتمتع إليجا (الشخصية المحركة للأحداث) بقدرات الذهنية العالية، وسمي الفيلم باسمه "جلاس" لأنه يعاني من هشاشة عظام حادة؛ حيث إن أدنى حركة تسبب له كسرا عميقا ويتفتت، ويسعى لإثبات نظرية وجود أبطال خارقين.
أما الشخصية الثالثة فهي التي شاركت بفيلم شياملان الأخير "Split" وقام بدوره الممثل جيمس ماكفوي ويملك 23 شخصية حبيسة بداخله، وأيضا يتمتع بقوى خارقة بقدرته على القفز والتحرك كحيوان وحشي، لتكتمل تلك السلسلة بتواجدهم معا في مكان واحد وسعيهم لإثبات تلك النظرية وتقديمها للعالم، فيما يحاول آخرون التغطية عليها.
المخرج يدفع بتلك الشخصيات الثلاث لتشكل تحالفا فيما بينها، باستخدام قواها الخارقة، ويعمل الفيلم على تحفيز قوة العقل والتحليل على حساب العاطفة، مخاطبة الفكر وليس استثارة العاطفة التي تندرج تحت صراع الخير والشر الأزلي.
وتغدو الشخصيات الثلاث وسيلة لأجندات خاصة في أجواء غامضة مع الطبيبة النفسية إيلي (سارة بولسون) التي وضعها شياملان في منطقة رمادية خاصة، ولعبت دورا كبيرا في نهاية الفيلم والصراع نفسه.
نظرية البطل الخارق
الفيلم الذي أراده شياملان أن يكون مختلفا عن أفلام الأبطال الخارقين الأخرى، يتعلق بفكرة كون البطل قادما من شخصيات الكتب الهزلية، وفيما المشهد السينمائي للأبطال الخارقين قد تغير فهو يقدم صورة مغايرة لتلك التي ألفها الجمهور على الشاشة مثل XMEN وغيرهم.
والطريقة التي قدمها هو فيها حرص وسعي للتأكيد أن البطل الخارق شخصية حقيقية، وإن امتلأت مشاهده بأفكار مشتتة عن الإيمان بالنفس والقدرات والتعافي من الصدمات والإمكانات البشرية للأشياء الاستثنائية.
شخصية ايليجا (الممثل صامويل ال جاكسون) تمثل رجلا محبا للحياة رغم كل انكساراته التي وجد فيها نفسه من خلال قصص البطولات الخارقة بالاعتماد على أن الكوميديا تعد من أشكال التاريخ الإنساني، وتلك القصص التي لا تخلو من المواقف وتعود للتاريخ بالكتابات التصويرية التي بدأت في مصر القديمة.
وتأتي كل من شخصية دان وكيفين لتكمل النظرية أنهم جميعا وظاهريا غير قابلين للكسر وخارقون، واسم الفيلم الذي يعني "الزجاج" يرتبط بهشاشته وفي الوقت نفسه الصورة التي يعكسها ما يراه الآخرون وفقا للزاوية التي ينظر منها.
وحين تصطدم الشخصيات الثلاث مع بعضها بعضا وتتناثر بالنهاية، تصبح فرصة إيليجا أقوى ليقدم حجته بالأبطال الخارقين ووجودهم خارج تلك الكتب الهزلية عبر تشكيل عرض للعالم ليراهم، ويمرر رسالته التي تدعو لإيقاظ القدرات الخارقة للناس في كل مكان.
وينجح هذا من زاوية معنية، لأن الجميع في النهاية يلتقط ما حدث وينفي فكرة أن البطل الخارق ليس وهما، فالمواجهة تُظهر الوحش بداخل كل فرد، لأنه يهرب من حقيقته، وكل حجة يقدمها اليجا تتعلق بفكرة واقعية أن البطل الخارق حقيقي.
ويستغل شياملان هوس الجمهور بكل ما يتعلق بالقوى الخارقة المستوحاة من كتب هزلية تعمق تلك الجذور في نفوسهم وحاجتهم لفكرة البطل نفسه، ليدخل في متاهة أنهم مجرد أفراد عاديين يحاولون الهرب من بؤس حياتهم اليومي، ومحاولة التفريق بين البطل والشرير أيضا في المكان ذاته.
أراد المخرج من خلال التوتر الذي يولده الفيلم أن يُظهر المواجهات بين الأبطال أو الأشرار بحسب المشاهد التي لا تحمل مؤثرات خاصة أو مشاجرات مدمرة، ما أسهم بتضخيم حجم التفاعل والتوقعات التي تبنى على ذلك، وهذا السبب نفسه الذي جعلهم عاديين، فيما الكوميديا المتولدة من هذه المشاهد غريبة ومضحكة الى حد كبير؛ أي تلك التقلبات التي كانت جزءا من بناء الشخصيات الكاريكاتيري لتولد صراعا دراميا.
الشخصيات لم تتحرك من مكانها في الصراع الذي تعيشه، ولم تنمُ أو تتطور، وإن امتلكت مقياسا للعطاء الإنساني من خلفية المعاناة التي عاشتها والروح المكسورة بداخل كل واحدة منها. لكن التخبط واضح في محاولة استحضار الكلاسيكية الخارقة، وافتقارها للعمق والتطور الذي يشد الانتباه، وتغييب رحلة البطل في إيجاد قوته، والعودة للحياة، بحيث إن الأبطال الخارقين في الأفلام الأخرى كان عليهم أن يفقدوا شيئا كي يعثروا على قوتهم الحقيقية فيما هنا الأمر عكسي.