"حالة اعتراف" تقود الى خيارات كارثية جديدة!

بعد وقت قصير من صدور كتاب الصحافي الشهير بوب ودوورد "حالة انكار"، أي انكار ادارة المحافظين الجدد لحقيقة الكارثة التي صنعتها في العراق، ها هو بوش يعترف! فقد وافق على تشبيه الصحافي في نيويورك تايمز توماس فريدمان للوضع في العراق بالوضع في فيتنام. والآن سيأتي تقرير لجنة الكونغرس برئاسة جيمس بيكر، والمكلفة منذ آذار الماضي بدراسة الموقف، سيأتي ليقرّ بوضوح تام بالفشل، ويقترح بدائل.

اضافة اعلان

والبدائل هي موضوع النقاشات الجارية في واشنطن الآن. فالبعض يفضّل الاقرار بان مشروع الديمقراطية لا يحقق نجاحا، وأن الأولوية لفرض الاستقرار على حساب الديمقراطية. وبعض آخر يريد الاقرار بفشل التعايش الطائفي، والقبول بالتقسيم كحلّ واقعي. وقد نجد النقاش يتركز على بديلين: الديكتاتورية والاستقرار، أو الديمقراطية والتقسيم. والخيار الأخير سيكون مرجحا، كحلّ يفرض نفسه على الأرض، دون ان تقول الادارة انه هو خيارها المفضّل.

يبدو ان ما سيترتب على الاعتراف بالفشل، ومغادرة حالة الانكار، هو التحول الى خيار يشكّل جريمة جديدة.

الادارة تريد ان تقول لنا الان ببساطة انها ازالت الديكتاتورية بالنيّة الحسنة لفرض الديمقراطية، لكنها اكتشفت ان شعب العراق عاجز عن ممارسة الديمقراطية والتعايش بين الطوائف والقوميات. يجب تفنيد هذا الإدّعاء!

فالتحول السلمي الديمقراطي، والحيلولة دون الاقتتال الطائفي، كانا ممكنين لو لم تسلك الادارة طريقا أخرى كانت بمثابة جريمة معلنة، حذّر كل العالم منها قبل وقوعها. صحيح أن احتلال العراق كان من الاساس بلطجة وتجاوزا على القانون الدولي، لكن وقد حصل ذلك، فلم يكن ضروريا ترك بغداد للنهب والحرق منذ اليوم الأول، ثم الإقدام على حلّ اجهزة الدولة والجيش، لتأتي مكانهما الميليشيات الطائفية والفساد والفوضى. وكان ممكنا، منذ اليوم الاول، تشكيل حكومة مؤقتة من قادة الدولة والجيش من غير مجموعة صدّام القيادية، لضمان النظام وتسيير شؤون البلد، ثم بدء عملية تحول تدريجي نحو نظام ديمقراطي. هذه الطريق لم تجرب ابتداء، لأن اسرائيل كانت تريد شيئا آخر.

اعتراف الادارة بالفشل لا يترتب عليه ان تقرر هي بدائل مثل التقسيم، بل ان تنهي تفردها بالقرار. وقد حان الوقت بعد هذا الاعتراف لتدخل عربي ودولي قوي لقيادة بدائل لمصلحة العراق، وهي بالطبع الوحدة والتعايش والديمقراطية. [email protected]