حان الوقت ليكشف أوباما عن

الرئيس الأميركي أوباما محاطاً بشعار التقدم بأميركا خلال حملته الرئاسية -(أرشيفية)
الرئيس الأميركي أوباما محاطاً بشعار التقدم بأميركا خلال حملته الرئاسية -(أرشيفية)

ديفيد إغناتيوس - (الواشنطن بوست) 29/12/2011

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

اضافة اعلان

لعل مما يقول الكثير، بعد ثلاثة أعوام من رئاسة باراك أوباما، أن الكثير من المحادثات مع مسؤولي الإدارة ما تزال تبدأ باستهلال حول كم كانت الأمور سيئة في ظل إدارة جورج دبليو بوش. ومن المعلوم أن فريق أوباما واجه حربين أجنبيتين، وتنظيماً عدوانياً هو القاعدة، وعدم ثقة معمقة بين الحلفاء، واقتصادا أميركيا مهزوزا. لقد ورثوا عالما من الويلات.
والآن؟ يتلو مسؤولو أوباما نجاحاتهم مثل الخلاصات الدينية: فأسامة بن لادن قتل؛ وتنظيم القاعدة هارب؛ والقوات الأميركية تعود من العراق؛ بالتدريج، وإنما بلا تهاون ترجع إلى الوطن من أفغانستان؛ وقد أصبحت الولايات المتحدة أكثر شعبية فيما وراء البحار. لقد عبرت الأمة المنعطف. لقد انتهت سنوات بوش العجاف.
وهو سجل مؤثر في العديد من الطرق. ومن الممكن أن تكون السياسة الخارجية للرئيس أوباما قوية في الحقيقة عندما يدشن حملته الانتخابية في العام المقبل، لكن ثمة تحذيراً لمسؤولي البيت الأبيض: إن أوباما لن يخوض الانتخابات في مواجهة بوش. ولا يكفي ذبح وحوش الماضي. إن ما يهم فعلاً هو المخاطر والتحديات الجديدة.
لطالما هنأت الإدارة نفسها طويلاً بالسياسة الخارجية التي انتهجتها حيال الماضي، لكنها كانت مقصرة في تبيان الوضوح الاستراتيجي تجاه المستقبل. وبدلاً من قياس نفسه مقارنة مع سابقه، ينبغي على البيت الأبيض الحالي النظر إلى العام 2012 وما وراءه: كيف لأوباما أن يشكل العالم خلال فترة رئاسة ثانية؟ وما الرؤية الاستراتيجية التي تحرك سياساته؟
فيما يلي المناطق الثلاث التي يجب على أوباما العمل فيها على ما وصفه جورج أتش دبليو بوش (الأب) بأنه "الشيء الرؤيوي". وسوف تعلو هذه المشاكل الأجندة الكونية بعد انتخابات العام 2012، ويجب على أوباما أن يبدأ بتفسير الكيفية التي سيتعامل معها بها:
أولاً: "الصحوة السياسية الكونية"
كان زبغنيو بريجنسكي المستشار السابق للأمن القومي الأميركي وصاحب البصيرة، قد استخدم هذا المصطلح في العام 2008 لوصف تمكين المواطن في عصر الإنترنت. والآن، تنتشر هذه الحركة بوتيرة سريعة؛ والعام الذي بدأ بالربيع العربي يرحل مع سخط مفتوح في روسيا ضد فلاديمير بوتين. وقد اختارت مجلة تايم الأميركية "المحتج" ليكون شخصية هذا العام.
لكن، وكما هو الحال في أي ثورة، من غير المؤكد ما إذا كانت هذه الانتفاضات ستفرز انفتاحاً وحرية أكبر، أو حكم رعاع تتبعه موجة جديدة من النزعة السلطوية. وثمة درس من التاريخ الأميركي مؤداه أن الثورات الناجحة يجب أن تعزز بدستور قوي وقانون حقوق يحميان الأفراد والأقليات. وآمل أن يجعل أوباما من هذه الأمور ثيمة للعام 2012.
ثانياً: "إعادة تشغيل العلاقة" مع باكستان
أدرك أوباما، محقاً، أن الحرب في أفغانستان كان يجب أن تربط مع الاستقرار في الباكستان، لكن طريقته تنطوي على آثار سلبية -حيث تبدو الباكستان المعسكرة سائرة لأن تصبح أول دولة نووية في العالم تصبح "دولة فاشلة". وقد كشف مصدر باكستاني عن النص المخيف بتاريخ 30 تشرين الثاني (نوفمبر) لبلاغ قيادة من الجنرال أشفق برفيز كاياني، رئيس أركان الجيش، لقواته. ووصف ذلك البلاغ الضربة الحدودية في 26 تشرين الثاني (نوفمبر)، والتي كانت قد أفضت إلى مقتل 24 جنديا باكستانياً، بأنها كانت عملاً أميركيا عدوانياًً مقصوداً، وحذر من "أننا لن نسمح للمعتدين بتحقيق الانتصار السهل".
وعندما تتحدث الباكستان وكأنها في حالة حرب مع أميركا، فإن ذلك يعني وجوب ضغط زر الإطفاء وإعادة التشغيل. ويبج بناء البداية الجديدة للبلدين على أكثر تطور إيجابي في المنطقة: التحسن الأخير في العلاقات الهندية الباكستانية، والمصلحة المشتركة في تجنب اندلاع حرب أهلية في أفغانستان. وستصبح باكستان تتاجر أكثر مع الهند أكثر ازدهاراً وأكثر ارتباطاً بالصحوة السياسية الكونية، وأكثر أمناً من الناحية العسكرية، وأكثر قدرة على الاستدامة كديمقراطية.
ثالثاً: استراتيجية عاقلة وشاملة تجاه إيران
ما فتئ المرشحون الجمهوريون يطلقون تهديدات متهورة بشن عمل عسكري ضد طهران. وللتصدي لهم، يحتاج أوباما إلى نهج بديل واضح لردع برنامج إيران النووي.
وفيما يلي استراتيجية خاصة بإيران، والتي ستكون شديدة لكنها ليست مجنونة: فرض عقوبات من شأنها أن تعرقل بشكل تدريجي قدرة إيران على تصدير النفط، بحيث تجبر طهران على الاختيار بين أن تكون قوة نفطية أو قوة نووية؛ ووضع خطة أميركية طارئة لإعادة فتح مضيق هرمز في أقل من أسبوع في حال أقدمت إيران على محاولة إغلاقه؛ وتحضير حذر مع الحلفاء في أوروبا وآسيا والخليج بحيث لا يتفجر الاقتصاد العالمي المهزوز أصلاً بفعل تضييق الخناق على إيران.
كانت الإدارة تعمل على هذه الاستراتيجية البراغماتية حول إيران، ويجب على الرئيس أن يعبر عنها بالكلام قريباً. وفي ذلك يكمن الجواب الشافي على الدعوات المرتجلة من جانب نيوت غينغريتش وغيره من الجمهوريين لقصف إيران.
يستطيع أوباما أن يخوض حملته كرئيس سياسة خارجية، وإنما فقط في حال بين خططه على نحو أكثر وضوحاً -لا أن يخوضها ضد سجل جورج دبليو بوش بعد الآن، وإنما أن يشرح ما الذي سيفعله إذا فاز بفترة رئاسة ثانية.

*نشر هذا المقال تحت عنوان:
For Obama, time to unveil the vision thing