حبذا لو كان هذا صحيحا

معاريف البروفيسور آريه الداد 22/10/2019 قبل نحو اسبوعين اصيبت الناقلة الايرانية "سبيتي" بصاروخين على مسافة غير بعيدة من مدينة جدة في السعودية. ونقل عن عضو في مجلس الامن القومي في ايران قوله ان الكاميرات على دكة الناقلة اثبتت أن "اسرائيل، الولايات المتحدة " مسؤولة عن الهجوم الذي اعتبر كرد على شل نصف انتاج النفط السعودي في هجوم الصواريخ الجوالة والطائرات المسيرة الايرانية. يمكن التشكيك في هذا الاستنتاج. أما نحن، سكان صهيون، فليس لنا الا ان نأمل في أن يكون هذا الاتهام غير المسنود صحيحا. قبل اسبوع نشرت في هذه الصفحة مقالا يدعو اسرائيل لأن تساعد، عسكريا ايضا، الاكراد الذين يتعرضون لهجوم تركي في شمال سورية، حتى لو انطوت هذه المساعدة العسكرية على مس بالجيش التركي. راجعت ردود فعل المتصفحين الذين قرؤوا مقالي في موقع "معاريف". معظمهم اعتقدوا أني فقدت صوابي. فلماذا تحتاج اسرائيل لأن تتورط في حرب مع تركيا؟ سألوا. الا يوجد لنا ما يكفي من المشاكل في غزة. ومع التسلل الايراني الى العراق وسورية؟ لماذا نحتاج الى فتح جبهة اخرى؟ يخيل لي أن هؤلاء القراء فوتوا التغيير الواضح الذي حل في العقود الاخيرة في شكل النشاط الحربي في العالم. في 1 آب 2008 شنت جورجيا حملة عسكرية في اقليم اوستيا لقمع الانعزاليين المؤيدين للروس في الاقليم. بعد اسبوع من ذلك اجتاحت روسيا جورجيا كي تنهي النزاع بالقوة. ورغم اعترافها باستقلال الاقليم المتمرد – اضطرت الى الانسحاب من اراضي جورجيا بعد بضعة اشهر. الدرس من الصعوبة التي ينطوي عليها العمل العسكري العلني من دولة ما، حتى عند الحديث عن قوة عظمى مثل روسيا، تعلمته موسكو جيدا، وعندما شعرت روسيا بأن اوكرانيا توشك على أن تصبح دولة عضو في الناتو، حيث سينصب فيها سلاح غربي يهدد روسيا – نشبت في اوكرانيا حرب اهلية بين الحكومة المركزية وميليشيات الانفصاليين المؤيدين للروس. فقدت عمليا روسيا اساسا من خلال هؤلاء المبعوثين ولم تجتح اوكرانيا بنفسها. ولكن الرسالة كانت واضحة. عندما تعمل ايران عسكريا في العراق وفي سورية، وكذا في لبنان وفي غزة – فانها تفعل ذلك من خلال ميليشيات محلية تمولها، تسلحها وتدربها، وتنفذ العمليات وفقا لتعليمات مباشرة من الحرس الثوري. ما كان في الماضي يتدهور على الفور الى مواجهة شاملة بين جيوش نظامية للدول، واحيانا لقوى عظمى ايضا، يتخذ في العقود الاخيرة طابعا معتدلا اكثر، وان لم يكن اقل فتكا، لحروب اهلية وميليشيات مسلحة في داخل الدول. لا يوجد ما يدعو اسرائيل الى ألا تتبنى طريقة عمل مشابهة. عندما نريد أن نوقف التوسع الايراني فإننا لسنا ملزمين بأن نخلف توقيع "رفائيل" على الصواريخ التي نطلقها الى اهداف عسكرية ايرانية. واذا كانت العربدة الايرانية في الخليج تتعارض والمصلحة القومية الاسرائيلية وتمس بالسعودية، والتي هي في مجالات معينة شريكا استراتيجيا للحرب ضد ايران، فلا يوجد ما يدعو اسرائيل الى الا تعمل تجاه مصالح ايرانية ليس فقط على اراضي سورية والعراق، بل وايضا في الخليج. واذا كان الغزو البري التركي يتعارض ومصالح اسرائيل، لأن تركيا تدعم حماس وتحاول اكتساب مواقع قوة حتى في القدس – فلا يوجد ما يدعو اسرائيل الى الا تساعد عسكريا الاكراد كي يقوم هؤلاء بضرب الجيش التركي فيما نتأكد نحن بأن الاتراك يعرفون جيدا ان ليس فقط عرفنا كيف نحسن دباباتهم في عهد الصداقة والعلاقات العسكرية معهم – بل ونحتاج ايضا لأن نحسن القوات الكردية بل ومساعدتها مباشرة دون الظهور الى العلن. وبالتالي أقول لكل القلقين من ان أكون اروج لإنزال قوات اسرائيلية في شرقي تركيا، لأهدئ روعهم. ليس كل مساعدة عسكرية يجب أن تكون على الملأ، يكفي ان تؤلم العدو وان يعرف من آلمه ولماذا. يتبين لنا المرة تلو الاخرى بأنه اذا كانت اسرائيل تريد ان تواصل البقاء والازدهار في الشرق الاوسط – فلا يمكننا ان نكتفي بقوات الجيش الاسرائيلي وحرس الحدود لحماية حدودنا. نحن ملزمون لأن نكون كبارا وأقوياء ومشاركين في خريطة المصالح الاقليمية. يمكن أن نسأل: ماذا يهمنا اذا قتل الاكراد؟ اذا ضربت صناعة النفط السعودية؟ فماذا يهمنا هنا؟ لماذا نحتاج لأن نتدخل في حروب ليست لنا؟ الجواب البسيط هو ان تعزيز قوة اعدائنا لا يقاس فقط في عدد الدبابات والمدفعيات التي يدفعونا الى الحدود امامنا، بل وايضا في مواقع القوة والسيطرة التي يحققونها. مباشرة ام بواسطة المبعوثين، في دول المنطقة. محظور أن ننتظر الى ان يكون الايرانيون او الاتراك على الاسيجة. اعداء كهؤلاء يجب أن نصدهم حتى بعيدا عن حدودنا. وعليه فينبغي الامل ان تكون اسرائيل بالفعل مشاركة، بهذا الشكل او ذاك، في ضرب الناقلة الايرانية. واذا لم نكن مشاركين – فلا ينبغي أن نأسف على أن الايرانيين يعتقدون انه كان لنا ضلع في هذا الفعل. هذا يسمى الردع.اضافة اعلان