"حبس المدين".. سلبيات وإيجابيات (2-1)

يحق للأردن والأردنيين أن يفخروا بمبادرة أو حملة "فزعة # سامح"، التي أطلقها مجموعة من النشامى، بُعيد إقدام المواطن التاجر عبدالله العمري على مسامحة عدد من المدينين بما مجموعه 93 ألف دينار. لا مبالغة عندما يتم وصف هذه المبادرة بـ"عظيمة"، فقد وجهت صفعة محرجة إلى حكومة "النهضة"، صاحبة السلطة التنفيذية، والتي كان يتوجب عليها أن تُبادر لعمل شيء إيجابي للمواطن الأردني، وخصوصًا في الوقت الراهن. وبعيدًا عن الذين يشككون بتلك الحملة، أو أولئك الذين يؤكدون إيجابيتها، إلا أن ما سربه نواب من معلومات حول وجود اتفاق مبدئي على التعديلات على مشروع قانون التنفيذ الجديد، أو بما عُرف بـ"قانون حبس المدين"، يضع الكثير من علامات الاستفهام، التي يحتاج بعضها إلى شرح واف وتعليل مقنع، وبعضها الآخر لا يخلو من أهداف غير بريئة، نخشى أن تؤثر سلبًا على الوطن ككل. الكل عنده يقين، بأن حبس المدين لا يُجدي نفعًا بالنسبة للدائن، فهو لن يتحصل على أمواله، عندما يتم سجن الأول، فضلًا عن أن أسرته قد تتعرض للضياع أو الانحراف.. لكن من العدل أن يكون هناك عقوبة ضد كل من يخالف القانون، وليس من الإنصاف تحديد السجن بـ60 يومًا عن كل القضايا التي ترفع ضد المدين خلال عام واحد. ثم ما هي فائدة رفع الصفة الجزائية عن الشيكات واستبدالها باستخدام عقوبات إلكترونية أو عقوبات مجتمعية بديلة، عندما تكون قيمتها أقل من عشرة آلاف دينار، بمعنى آخر أن القيمة التي تقل عن هذا المبلغ، ستكون بلا جزاء أو عقوبة رادعة، إذا جاز أن نطلق عليها كذلك، إلا إذا كان للمشرع رأي آخر. من مثالب القانون الجديد، التعديل الذي يتعلق بموضوع استثناء حبس المعيل الوحيد للأسرة، أو ذلك الشخص الذي تجاوز عمره الـ50 عامًا.. إن هذا الأمر يدعو للاستغراب، فتقريبًا كل أردني معيل لأسرة، وأكثر من ثلث الأردنيين أعمارهم تبلغ 50 عامًا فما فوق. نعم، قد تُظلم الأسرة عندما يتم سجن معيلها الوحيد، لكن ليس من العدل أيضًا أن يتم التغاضي عن أولئك الذين "يمتهنون" النصب والاحتيال، رغم أن هناك الكثيرين قد "تعثروا"، وفي نيتهم السداد وعدم أخذ مال الناس بالباطل، إلا أن الظروف حالت دون الالتزام بما يترتب عليه من مطالب. نعلم، أن التجار "الصغار"، إن جاز التعبير، وأولئك أصحاب المنشآت التي تُعتبر "صغيرة"، يتعاملون فيما بينهم من خلال شيكات، لا تتجاوز قيمتها الشهرية الـ10 آلاف دينار، باستثناء قلة منهم. هذه الفئة، وبعد إجراء التعديلات على ذلك القانون، كيف ستضمن حقها؟، وما هي الطريقة الصحيحة لتحصيل أموالها؟، أو كيف ستصل إلى قناعة بأن أموالها مضمونة؟، فالقيمة الجزائية للشيك تُجبر الشخص على بذل كل الجهود من أجل تحصيل المبلغ المستحق عليه، وبعكس ذلك ستكون النتيجة انخفاض قيمة التداول بين التجار "الصغار"، وذلك بسبب عدم الثقة بتحصيل أموالهم. من جهة ثانية، فإن البنوك ومؤسسات وشركات القروض الجهة الوحيدة التي لن تتأثر سلبًا بقانون التنفيذ الجديد، فهي ضامنة لحقها بأكثر من طريقة ووسيلة، فإما ترهن عقارا أو أرضا مقابل ما تعطيه من قروض للشخص، فضلًا عن اشتراطها الإتيان بكفيل أو كفيلين.. بمعنى آخر هي خارج الحسابات السلبية لهذا القانون. بل على العكس، قد تزيد أرباحها، فالمعلومات المُسربة تشير إلى أن البنوك ستلزم لحصول تاجر ما على دفتر شيكات، أن يضع مبلغًا من المال، كي يحصل على ذلك.. وللقارئ أن يتخيل كم ستربح البنوك جراء هذه الخطوة، وكله طبعًا على حساب المواطن. كما قد يؤثر القانون سلبًا، على المواطنين الذين يسكنون بالأجرة الشهرية أو الربع سنوية أو النصف سنوية.. فأصحاب الأملاك سيفكرون أكثر من مرة قبل أن يقوموا بإيجار ما يخصهم، إلا إذا ضمنوا حقهم مائة بالمائة، ولهذا جانب سلبي يتمثل بأن نسبة ليست قليلة قد "تتعثر" بالحصول على مسكن، وكذلك جانب إيجابي يتمثل بتخفيض أجرة البيوت الشهرية. نشك بأن أحدًا قد يستطيع أن يُفسر بدقة إيجابيات أو سلبيات تجديد جوازات السفر لـ"المتعثرين"، وما هي الفائدة من ذلك، أو يعلم آلية وطريقة تحميل البنوك جزءا من المسؤولية عن إصدار الشيكات، التي تضمنتها مواد القانون. وللأمانة، يجب أن نقول بأن للقانون إيجابيات، أهمها: اتباع التبليغ الشخصي بدل اللصق أو النشر، وإلغاء الربع القانوني أو تخفيضه، وإلغاء حبس الكفيل في ظل حبس المدين، وكذلك إلغاء الفائدة القانونية أو تخفيضها، وتفعيل قانون الربح الفاحش، وتخفيض رسوم المحاكم بخصوص المبالغ.اضافة اعلان