"حتى في خيمة أنا سأعيش على أرضي"

لا يوجد ضمير إسرائيلي على الإطلاق: حكومة وكنيسة وشرطة وجيش وقضاء وعند معظم اليهود في فلسطين. قلة من اليهود فيها وفي الخارج لديهم ضمير يرفضون به قوانين اسرائيل الصهيونازية وإجراءاتها المنتهكة لجميع حقوق الإنسان الفلسطيني. ويُتهم هؤلاء بكراهيتهم لأنفسهم ويُعاملون باستنكار ومقاطعة وحرمان. اضافة اعلان
لم يبق قانون أو إجراء أو شكل أو نوع من الاضطهاد الذي مارسته النازية ضد اليهود، إلا وفعلّوه وطبقوه وطوّروه كما ونوعا في اضطهادهم للشعب الفلسطيني، الذي لم يكن له يوما علاقة باضطهادهم عبر التاريخ.
لم يخطر على بال هتلر ما خطر على بال إسرائيل من تفنن في الاضطهاد، وإلا كان سيتحالف معهم في اضطهاده للنور والسلاف وغيرهم من الفئات في أوروبا.
عند كل انتخابات أو تشكيل حكومة يتنافسون في ابتكار المزيد والجديد من القوانين والإجراءات التي تفتك بالشعب الفلسطيني، ولكنه – ولسوء تقديرهم – يزداد عددا ويصمد أبدا ويثبت أرضا، وإلا أمن عقلهم أنهم يستطيعون طرد أكثر من ستة ملايين فلسطيني من وطنهم؟ إنهم حقا يعانون من قلق وجودي شديد جدا غائر في النفوس يعكسونه بجنون الأبرثايد أي بالعنصرية والاضطهاد على مدار الساعة للشعب الفلسطيني، فالذين يهجرون إسرائيل منهم يزيدون عن القادمين إليها. والذين يحملون جوازات السفر الثنائية منهم يزيدون عن ثلت السكان، وجاهزون للفرار في أي لحظة، لأن كل واحد منهم يعرف في قرارة نفسه انه مجرد مهاجر غير شرعي أو غازٍ، أو سارقٍ أو ناهب لحق فلسطيني. ومن ثم فإنه لا يضمن الاستقرار التام والسلامة الدائمة له ولسلالته في فلسطين. ان هدم بيوت الفلسطينيين أمنياً وسياسياً أو عقابياً تدمي القلوب ولكنها تزيد في صمودهم وتجعلهم أشد حقداً سيفرغونه فيهم عندما يدور الزمن وسيندمون لا محالة، أفلا يعقلون وعن ضلالهم يعودون؟!
في مقال لجاكي خوري في هارتس في (29/7/2019 وفي الغد 25/7/2019) يقول إسماعيل عبايدة من صور باهر في القدس في أثناء هدمهم لبيته. "لقد دمروا حلمي وحياتي. لقد أخرجونا من البيت ورمونا في الشارع. أنا أقف أمام بيتي المهدم تماماً". أما إدريس أبو طير الذي كان يملك مبنى من ثمانية طوابق ويتسع لأربعين أسرة، فقد وصف شعوره عندما فجروه بقوله: "لقد شعرت أن قلبي ينفجر في صدري". أما علاء عميرة فقد قال: "هم لا يعرفون أن كل طفل هُدم بيته الآن يعتبر من قام بهدمه عدواً". وأضاف: "هم يدمرون كل شيء ولكنهم لن يكسرونا حتى في خيمة سأعيش على أرضي".
وفي المقابل يتلذذ الإسرائيليون بالهدم والتعذيب والاضطهاد، لأنهم مصابون بمرض السادية الفتاك أيضاً الموروث جيلاً بعد جيل، حقداً على البشرية جمعاء، وإن لم يكن للشعب الفلسطيني أي علاقة بذلك.
يقول جعفر أبو حامد من صور باهر: "شاهدنا ضحك الجنود والضباط في الميدان وكأنهم حققوا نصراً باهراً "في ساحة المعركة" (أي يهدم البيوت) لقد وقفت قرب البيت المدمر عندما جاء ضابط كبير إلى المنطقة وأثنى على الجنود حين قال له أحدهم بابتسامة: "أحضر لنا المزيد من البيوت" (لندمرها) وأنت تشعر بأنهم مسرورون جداً بالهدم". هذا مثل طعنة في القلب".
وفي نهاية المطاف يقول أبو طير: "يتبين أنه لا يوجد عدل في المحكمة العليا. العدل فيها فقط يلائم نفسه [مجّير] مع جهاز الأمن والجيش" [الأكثر لا أخلاقية في العالم].
مقابل هذا الاضطهاد الإسرائيلي للشعب الفلسطيني الفريد في وحشيته "يجود" العرب على إسرائيل بالشجب، فهم أبناء يعرب بن يشجب. مجرد كلمات يطلقونها في الهواء في المناسبة. كلمات لا يسمعها العدو ثم يمضون، وعلى قاعدة: قل كلمتك وامش أي لا تقف عندها.