حتى لا يفقد المواطن قوت يومه

بعد نحو ثلاثين يومًا من قرار تعطيل الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية والخاصة، لمجابهة فيروس كورونا المستجد، أقدمت الحكومة على إلغاء زيادات واقتطاعات على رواتب موظفي الجهازين المدني والعسكري… ما يعني أن الحكومة بدأت "تحس" بسخونة الأوضاع المالية والحاجة إلى تأمين سيولة، الأمر الذي جعلها تُقدم على تلك الخطوة.اضافة اعلان
هذه الكلمات، مقدمة لتسليط الضوء على معاناة المواطنين الأردنيين جراء الأوضاع الحالية، وأصبحوا "يئنوا" أكثر من الأول.. فهناك قطاعات، تشغل مئات الآلاف، "عُطلت" بالكامل، ما قد يُنذر بأن يُقدم أصحاب تلك القطاعات على "تسريح" موظفين أو الاستغناء عنهم، بالإضافة إلى مئات الآلاف ممن يعملون بالمياومة، أي يعيشون كل يوم بيوم.
الحكومة، بكل ما تملك من قوة مادية وأدوات تستطيع من خلالها إقرار قوانين تعود بالنفع عليها، لم تستطع التحمل أكثر من شهر واحد، وبدأت بالاقتطاعات وإلغاء الزيادات على رواتب الموظفين، وكذلك إنشاء صناديق تبرعات والدعوة في كل وقت إلى التبرع لهذه الصناديق، فما بالك بالمواطن ذي الخيارات المحدودة، خصوصا ذلك الذي لا يملك دخلًا سوى راتبه الذي يتقاضاه من منشأته التي يعمل بها.
عندما تدفع أسرة من الطبقة المتوسطة، ليست معوزة ولا فقيرة، بأحد أطفالها إلى بيع معقمات ومناديل في الأحياء السكنية أو على الإشارات الضوئية، فهذا دليل ساطع على أن الأسرة الأردنية، لم يعد بمقدورها تحمل الوضع الراهن.
ليس في الأمر مبالغة، عند القول بضرورة عودة المؤسسات والدوائر، حكومية كانت أو خاصة، إلى عملها، مع ضرورة التأكيد على تأمين وسائل الصحة والسلامة المهنية، فالأوضاع المادية لأغلبية الشعب الأردني، باتت سيئة، وإذا كان المواطن باستطاعته أن يتحمل تبعات الشهرين الحالي والمقبل، فحتمًا لن يستطيع أن يتحمل يومًا واحدًا بعد ذلك.
ويجب التأكيد هنا، على ضرورة استمرار إغلاق المدارس بالذات، ومنع إقامة التجمّعات، والدعوات بمختلف أشكالها، سواء كان ذلك خلال شهر رمضان المبارك، أو حتى في الأشهر المقبلة.
وإن قال قائل بأن الأمور قد تسير باتجاه عكسي، لا قدر الله، في حال تم الإقدام على هذه الخطوة، وخصوصًا بأن المملكة تتهيأ لاستقبال أكثر من عشرين ألفا من الطلبة العائدين من الخارج. يكون الرد على هذا القول بأننا لن نصل إلى ذلك، في حال تم أخذ الاحتياطات اللازمة، وكان هناك سيطرة تامة على الوضع، بحيث لا نقوم باستقبال ذلك العدد بالكامل في غضون أيام. في الأردن، الإصابات بذلك الوباء، قليلة جدًا، ونسبة الشفاء مرتفعة جدًا، لذلك ينبغي وقف إغلاق القطاعات.
نقطة ثانية، ضرورية جدًا، ما المانع من إنشاء مستشفيات ميدانية، لاستقبال المرضى في حال زاد عددهم، لا قدر الله، خصوصًا أن للخدمات الطبية الملكية باعا طويلا في هذا الموضوع يشهد له القاصي والداني… فقد أكدت رسالة ماجستير بعنوان "دور القوات المسلحة الأردنية في عمليات حفظ السلام والتنمية الدولية منذ انتهاء الحرب الباردة (1990-2015)"، للباحث معاذ دهيسات أن الأردن استطاع إنشاء عشرين مستشفى ميدانيا ومحطات جراحية وعيادات طبية، بأكثر من منطقة في العالم، قدمت العلاج لأكثر من أربعة ملايين مريض في مختلف الحالات الطبية.