حرب الزيتون تشتعل بالأراضي الفلسطينية المحتلة

جنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي- (أرشيفية)
جنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي- (أرشيفية)

برهوم جرايسي

القدس المحتلة- تعيش الأراضي الفلسطينية المحتلة في مثل هذه الأيام من كل عام، حالة من التصعيد الإرهابي لعصابات المستوطنين، تتحول فيه حقول الزيتون إلى ساحات حرب يومية بين المزارعين الفلسطينيين وعصابات المستوطنين، الذين يعملون على قطع وحرق وسرقة محصول الزيتون تحت سمع وبصر وحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يبذل كل ما بوسعه لتسهيل عمليات السرقة. وذلك من خلال منع الفلسطينيين من الوصول الى أراضيهم تحت عناوين وذرائع مختلفة. اضافة اعلان
وعلى الرغم من إجراءات الاحتلال التعسفية، وعربدة المستوطنين وإرهابهم المنظم والمدعوم من قبل الجيش الاسرائيلي، يبدي المزارعون الفلسطينيون شجاعة وإصرارا رائعا في تمسكهم بأرضهم وصمودهم عليها، من خلال توجههم إلى زيتونهم لرعايته وقطفه غير آبهين بتلك المخاطر ومتحدين الاحتلال وجيشه ومستوطنيه، تأكيدا على أنهم أصحاب الحق الشرعيون. 
  و‘ضافة الى ما يشكله الزيتون من رمزية للصمود والتحدي ، فهو ركن اساسي في الاقتصاد الفلسطيني، حيث يساهم بنسبة تصل الى 20 % من مجمل الانتاج الزراعي السنوي، ولذلك يتعرض زيتون فلسطين ومزارعوها لتلك الاعتداءات المنظمة، الى جانب الاعتداءات الأخرى المتمثلة في التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي وتهويد القدس وعمليات التطهير العرقي، وهدم المنازل، إلى جانب عمليات القتل والقمع والاعتقال.
 وكانت وزارة الزراعة الفلسطينية، قد أعلنت أن يوم غد الجمعة، بداية موسم قطاف الزيتون،  وتشغيل المعاصر، إلا أن عائلات كثيرة وأصحاب كروم، ليس لديها البحبوحة الاقتصادية، لانتظار موعد أفضل لقطف الزيتون. تبدأ عملية قطفها مبكرا، فيما يتخوف آخرون من اعتداءات المستوطنين التي تبدأ من سرقة الثمار وقطع الأشجار إلى حرقها، أو إتلافها بفتح المياه العادمة عليها وتحديدا أشجار الزيتون في الارضي القريبة من المستوطنات والبؤر الاستيطانية، وباتت كروما كثيرة، واقعة داخل مستوطنات؛ حرم على أصحابها الوصول اليها إلا لفترات قصيرة في السنة بتصاريح محددة. وفي كثير من الأحيان يصلها المزارعون ليجدوها منهوبة. 
من جهة أخرى وبفعل البوابة الحديدية التي ينصبها الاحتلال على أراضي المواطنين في قرية "إسكاكا"، وقيامه بتسييج الأرض لمنع أصحابها من استغلالها، والاستيلاء عليها مستقبلا، يشهد أكثر من 700 دونم من أراضي القرية إهمالا شديدا لشجر الزيتون، الذي يحتاج إلى عناية كبيرة، ما يقلل إنتاجيته وكبد المزارعين خسائر فادحة على مدار السنوات السابقة.
يقول المزارع الفلسطيني محمد حرب لـ"وفا"، قبل المستوطنات كنا نزرع القمح والشعير ونعتني بأشجار الزيتون ونحصل على كل خيرات الأرض، لكننا اليوم نمنع حتى من حراثة الأرض، وفي موسم الزيتون يسمح لنا بالدخول إلى أراضينا خلف الجدار يومين فقط، في حين تحتاج إلى ما يقارب 10 أيام على الأقل، فنضطر لترك ما يتبقى من حب الزيتون على أمه، وفي بعض المناطق نمنع نهائيا من الوصول إليها، وجعلوها مسرحا لخيولهم وحيواناتهم التي يطلقونها لترعى وتمرح في أرضنا.
وأضاف، منذ العام 1965 وأنا أخدم الأرض، خرجت من المدرسة وأنا في سن الثانية عشرة، وبدأت بحراثتها ومساعدة والدي في تقليم أشجار الزيتون وسقايتها، حتى جاء الاحتلال وأهدر تعبنا، ففي السنة الماضية "عندما يكون الحمل غزيرا"، أخسر ما يزيد على 50 تنكة زيت بفعل منعنا من الوصول إلى الأرض.
وفي ظل سياسة التصعيد الإجرامية التي يمارسها المستوطنون ضد المزارعين الفلسطينيين، اقتلع عشرات المستوطنين أمس العشرات من أشجار الزيتون في أراضي قرية ترمسعيا شمال مدينة رام الله. وحسب أهالي القرية، فإن مستوطني مستوطنتي "عادي عاد" و"عامي حاي" المقامتين على أراضي قرى ترمسعيا، والمغير، وأبو فلاح، اقتلعوا أكثر من 40 شجرة زيتون في منطقة الزهرات. وقالوا إن المزارعين في القرية يتعرضون دائما إلى مضايقات من قبل المستوطنين، بهدف تهجيرهم والاستيلاء على أراضيهم.
كما أحرق حارس مستوطنة أمس، حقلا للزيتون في قرية اللبن الشرقية جنوب نابلس، مساحته ثلاثة دونمات، تقع بمحاذاة الطريق الواصلة بين رام الله ونابلس، ما أدى لاحتراق العشرات من أشجار الزيتون.
الاثنين الماضي، اقتلعت عصابة مستوطنين عددا من أشجار الزيتون في منطقة الحمرا شرق يطا جنوب الخليل. وقال أهالي القرية، إن اقتلاع أشجار الزيتون في المنطقة تكرر عدة مرات خلال الأعوام القليلة الماضية، بهدف تهجير السكان الفلسطينيين من أراضيهم لتنفيذ مخططات استيطانية جديدة ولتوسيع المستوطنات المقامة على أراضي المواطنين وممتلكاتهم.
وفي محاولة لتقليص أضرار جرائم المستوطنين المدعومة من الاحتلال، تنشط السلطة الفلسطينية، وأطر مجتمعية، وحركات سلامية من العالم، وحتى إسرائيلية، في مساندة المزارعين، بشتى الوسائل، من بينها مساعدة المزارعين على القطف بأسرع وقت، فقد أطلقت الهيئة الفلسطينية لمقاومة الجدار والاستيطان، هذا الأسبوع، حملة "الخان الأحمر" لقطف الزيتون في المحافظات الشمالية للضفة، بالشراكة مع القنصلية البريطانية وبالتعاون مع المحافظات والمؤسسة الأمنية وأقاليم حركة فتح.
وقال مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في الشمال مراد اشتيوي، إن الحملة تأتي في اطار برنامج تعزيز الصمود الذي تنفذه الهيئة في كافة الاراضي بشكل عام ومناطق "ج" بشكل خاص، مشيرا الى أن الحملة ستشمل اليوم محافظات الضفة الشمالية، وسيتم بالمرحلة الأولى تقديم المساعدات العينية للمزارعين ليتم العمل لاحقا على المرحلتين الثانية والأخيرة المتمثلتين بتوفير متطوعين لمساعدتهم وتثبيت وتسجيل أراضيهم قانونيا.