حرب من نوع آخر

يشهد العالم حاليا حربا غير تقليدية، فرضها انتشار وباء كورونا في مختلف دول العالم، وتسبب بإصابة نحو مليون ونصف إنسان ووفاة نحو 80 ألف انسان.. إنها “حرب الكمامات”، حيث سعت دول كبرى لقرصنة شحنات من الكمامات وأجهزة التنفس الصناعي وتجهيزات طبية أخرى وتغيير وجهتها الأصلية، تارة بالقوة وتارة أخرى بإغراء الشركات الصانعة بدفع أسعار أعلى من تلك التي دفعتها دول، لم تقدر على المحافظة على شحناتها، بعد أن ساد مبدأ “القوة حق” بدلا من “الحق قوة”.اضافة اعلان
رياضيا كان ثمة تنافس يجري بين أندية كبرى للحصول على توقيع هذا النجم أو ذاك.. الأندية الكبيرة كانت تكسب المعركة لأنها كانت قادرة على دفع مبالغ خيالية ثم تضع شروطا جزائية قاسية أمام الأندية الأخرى، في حال أرادت شراء اللاعب، والنتيجة كانت مليارات من الدولارات واليورو تدفع في كل موسم، لكن الأندية والعالم بأسره لم تحسب حسابا لـ”جائحة كورونا” ولـ “يوم أسود ينفع فيه القرش الأبيض”.
ما من شك أن ما كان يحدث في سوق انتقالات اللاعبين سيكون من الماضي، وكما يقول المثل “زمان أول حوّل”، فالجميع اليوم فقيرا كان أم غنيا، يضرب كفا بكيف، ويرفع شعار “شدوا الحزام”، لأن الخسائر المالية كارثية ولا مجال للانفاق ببذخ كما كان يحدث سابقا.. لم تعد مئات الملايين من الدولارات متاحة لشراء توقيع نجوم حتى بوزن ميسي ورونالدو ونيمار ومبابي وهازارد وغيرهم.. لم يعد بإمكان الأندية دفع تلك الرواتب الكبيرة، وهامش المراوغة عند اللاعبين سيتضاءل حجمه كثيرا، طالما ان العالم بأسره يخشى ركودا وانهيارات في قطاعات اقتصادية، لن يجعل في مقدور شركات البث التلفزيوني والشركات الراعية دفع المليارات، بل أصبح العالم مقتنعا بتوجيه بوصلة الإنفاق نحو القطاعات الصحية، التي انهار كثير منها حتى في الدول المتقدمة، والتي عجزت عن الصمود أمام هجوم فيروس كورونا.
لا أحد غير الله يعلم متى وكيف تنتهي جائحة كورونا وحجم الأضرار التي ستخلفها؟، لكن من المؤكد أن المرحلة ستشهد فوضى رياضية تعجز أمامها التشريعات الحالية، طالما أن ثمة عقودا أبرمت في وقت سابق بين الأندية واللاعبين.. و”العقد شريعة المتعاقدين”، ما لم يتحل اللاعبون بشيء من المروءة والايثار نحو أنديتهم والعاملين فيها، حفاظا على وظائف ملايين الموظفين الذين قد يجدون أنفسهم على قارعة الطريق ومن بين طابور طويل من ضحايا كورونا.
“فيفا” يريد من الأندية واللاعبين الوصول إلى صيغة تفاهم ودية، لأن ثمة معارضة متفاوتة الحجم يرفض فيها لاعبون التنازل عن بعض حقوقهم المالية، ولا تستطيع الأندية الإستمرار في مشوارها كما كان عليه سابقا.
دعونا ننتظر “إذا كتبت لنا الأعمار” لمتابعة ماذا سيجري وكيف سيكون الحال بعد “كورونا”؟.