حسب نظرية النُّظم

حسب هذه النظرية لا تختلف أي حكومة أردنية جديدة عن الحكومة القديمة، لأن النظم العامة والفرعية في الدولة ثابتة على ما نشأت عليه وتكرست، والحكومات عابرة طريق، وأي اختلاف بينها هو شكلي أو موضعي. ولذلك تدور جميعها في حلقة مفرغة. وكل مرة تبدأ من الأول، ففي سنة 1989 اعتقدنا أن التغيير الإيجابي انطلق ولن يوقفه أحد، ولكن ذلك لم يحدث.اضافة اعلان
إذا أردت أن لا تفهم بالإشارة فارجع إلى دراسة أدبيات هذه النظرية الأعظم في الإدارة... فبواسطتها يمكن أن تفهم أو تفسّر ما يدور، وأن تتوقع ما يأتي، إلا إذا جاءت حكومة وانقلبت عليها أو قلبتها وأنشأت نظماً جديدة كما فعل دونالد ترامب أميركياً ودولياً، ولكن إلى الأسوأ.
أصل الإدارة أو علم الإدارة بيولوجي، فالكائن الحي من أجل أن يبقى تنشأ فيه نظم أو وظائف وأعضاء تؤديها، فحاجة الحيوان إلى الحركة أدت لبروز الأرجل، وحاجته للرؤية أدت لبروز الأعين، وحاجته للسمع أدت لبروز الآذان، والحاجة إلى الأمن في المجتمع أدت لوجود الحكومة، وهكذا. ولكن المشكلة تحدث عندما تُختلق أعضاء ليس لها وظائف مثل وجود أذن ثالثة، أو أكثر من خمس أصابع في اليد أو الرجل.. وعليه فإن تشكيلة أي حكومة  (Organs) يجب أن تتماثل مع الوظائف (Functions) التي تنشأ في الدولة/ المجتمع. وليس اختلاق أعضاء لوزارات أو مؤسسات ودوائر لا وظائف لها.
وعندما تنشأ حاجة إلى الدمج أو الإضافة أو الحذف يجب أن نسأل: هل توجد وظيفة أو قضية (عضوية) بيئية في الأردن لإنشاء وزارة للبيئة– مثلاً –  وضرورة تعيين عضو/وزير مستقل لتأديتها؟ وهل توجد وظيفة أو قضية (عضوية) شبابية أو ثقافية... بحاجة إلى عضو / وزير مستقل لتأديتها؟ وهل يستطيع عضو واحد تأدية وظيفتين كالبصر والسمع معاً؟ وهكذا، فالتوفير المالي لا يأتي من تقليص العدد بوزير أو بوزيرين، بل من الضرورة. ولما كان الأمر كذلك فإن الوزراء المحترمين سينشغلون بالدمج أكثر من انشغالهم بالوظيفة لكل من الوزارتين.
كنا نتوقع أن تصبح وزارة الثقافة وزارة للثقافة والفنون، ووزارة الشباب وزارة للرياضة والشباب لأنه توجد حاجة ماسة (وظيفة) إلى ذلك. كما استغرب إلحاق وزارة التربية والتعليم بوزارة التعليم العالي، لأن التعليم العام وظيفة بارزة في الجسم الأردني، ومن ثم فهو بحاجة إلى عضو/وزير مستقل يديره بكفاءة وربما لوزيرين: واحد للتعليم الإلزامي، وآخر للتعليم الثانوي،. كان يجب إلغاء وزارة التعليم العالي لأنه ليس لها لزوم مرتين: مرة لأن الجامعات شبه مستقلة أو يجب أن تكون مستقلة بوظائفها وأعضائها (مجالس الأمناء) فهي ليست مدارس؛ وأخرى لأن العضو الأكبر موجود وهو مجلس التعليم العالي.
كان المتوقع إلغاء نظام القبول في الجامعات القائم على القوائم والكوتات والاستثناءات والإقصاءات وجعله تنافسياً تماماً، وعلاج الفروق التعليمية المدرسية مسبقاً لا لاحقاً، لأن علاجها لاحقاً غير سهل لأنه يأتي بعد فوات الأوان.
لقد صار التعديل الوزاري في الأردن نظاماً يختلف في كمه ونوعه وتوقيته بين رئيس وزراء وآخر، فألفه الناس وصاروا يتوقعونه أو حتى يطلبونه لإزالة الرتابة من الحالة العامة، مع أنه في كثير من الأحيان ليس سوى محاولة لتصحيح الغلطة في المحاصصة الفتاكة في المجتمع.
والتعديل كلمة مهذبة بديلة للطرد مراعاة لمشاعر المُعَدّلين، مع أن الحالّين محلهم ليسوا دائماً أفضل منهم. إنني وإن كنت أحيي المُعَدّلين المحترمين أخاف على مصير الباقين والداخلين، وأتمنى أن تنتهي لعبة التعديل باستقالة الحكومة كلها إذا تبين لرئيسها أنه لم يحسن الاختيار أو الأداء.