حظر اليومين.. التزام على أمل تخفيف الإصابات وخوفا من امتداد المدة!

Untitled-1
Untitled-1

منى أبوحمور

عمان- حرصت الجهات المختصة بإدارة ملف "كورونا"، ومنذ بداية الجائحة على اتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقائية بهدف منع نتشار هذا الوباء، والتقليل من عدد الإصابات، وشملت هذه الإجراءات توقف العمل في معظم المؤسسات لفترات طويلة، إضافة إلى تطبيق الحجر الصحي للمصابين، وفرض حظر التجول الشامل لعدة مرات، ومنع التنقل بين المحافظات بالسيارات، إضافة إلى فرض الحظر الجزئي لبعض المناطق.اضافة اعلان
خبراء ومتخصيون أكدوا في تصريحات صحفية سابقة لـ"الغد" أن عودة العمل للقطاعات المختلفة، واستقرار الوضع الوبائي، وتسجيل حالات صفرية لفترات طويلة بعثت حالة من الطمأنينة لدى المواطن بانتهاء الوباء، وتزامنت مع تصريحات متتالية حول تأكيد هذا الأمر، مما دعا الى إقبال البعض للتعامل مع الجائحة باستهتار وتراخ في تطبيق الإجراءات الاحترازية، الأمر الذي تسبب بنكسة وبائية أوصلت الأردن إلى مرحلة التفشي المجتمعي.
الارتفاع المتتالي في الإصابات جعل الخيارات أمام الحكومة محدودة، كان أهمها العودة إلى الحظر التدريجي، الأمر الذي أثار مخاوف العديد من المواطنين الذين يخافون لحظة الرجوع إلى الحظر الشامل الذي سيكون الضربة القاضية بالنسبة لهم، وفق خالد التميمي صاحب أحد المحلات التجارية.
إلى ذلك فإن الوضع الوبائي الصعب الذي يمر به الأردن يتطلب من جميع الأردنيين أن يكونوا على قدر المسؤولية والالتزام بالإجراءات الوقائية، بحسب التميمي، لافتا إلى أنه وبالرغم من صعوبة قرار الحظر الشامل الذي فرضته الحكومة منذ ليلة الجمعة، وحتى صباح الأحد كإجراء احترازي؛ لكسر سلسلة العدوى، إلا أنه سيلتزم وعائلته بهذا الإجراء.
ويقول "هذه المرة لن نتذرع بأي سبب كان للتحايل على الحظر ولن أخرج من باب البيت"، مضيفا، لعل الارتفاع الكبير في حالات الإصابات والمتوفين بفيروس كورونا يدفع الأردنيين للتفكير جديا في الالتزام بالحظر الشامل نهاية الاسبوع، ولعل في ذلك الحظر نجاة من الانتشار المجتمعي، رغم تأكيد العديد من الخبراء بأنه "غير مجد".
يتفق معه أمجد البدارين بقوله، "محاولة وإن كانت غير أكيدة بتراجع أعداد الإصابات، وعلى الجميع أن يلتزم في الحظر، لسنا بحاجة لبدع لكسر الحظر بأي شكل من الأشكال، منوها إلى أن أي محاولة غير مسؤولة قد توصلنا إلى كارثة صحية واقتصادية في الوقت ذاته.
من جهة أخرى أشارت نسبة إشغالات الفنادق إلى عزوف الأردنيين خلال عطلة نهاية الأسبوع، التي تخللها حظر شامل في مناطق المملكة كافة، عن الذهاب إلى الفنادق في الأماكن السياحية مثل: العقبة والبحر الميت والبترا، وحتى في العاصمة عمّان.
وكشف رئيس جمعية الفنادق عبد الحكيم الهندي، في تصريح صحفي أن نسبة حجوزات الفنادق في المناطق السياحية بالمملكة سجلت نسبا قليلة جداً وصلت إلى الصفر، خلال حظر التجول الشامل يومي الجمعة والخميس.
وأوضح الهندي، أن نسبة حجوزات الفنادق في البحر الميت، كانت الأعلى بين المناطق السياحية، اذ سجلت نسبة إشغال وصلت إلى 50 % خلال عطلة نهاية الأسبوع.
في المقابل لم تشهد العاصمة عمان، نسبة إشغال كبيرة، بحيث كانت الحجوزات بين 2-3 % في الفنادق بين 3 إلى 5 نجوم، بينما في الشقق الفندقية كانت النسبة أقل من ذلك، وفق الهندي.
وبيّن أن نسبة الحجوزات في مدينة البترا السياحية، كانت "صفرا"، في حين أن نسبة حجوزات الفنادق وصلت إلى 50 % الساعة الثالثة من عصر الخميس.
بدوره يشير أخصائي علم الاجتماع مفيد سرحان إلى العديد من السلوكيات المجتمعية الخاطئة التي أدت مؤخرا إلى تزايد أعداد الإصابات سواء من خلال المعابر الحدودية أو التهاون في تطبيق أوامر الدفاع التي تمنع التجمعات الكبيرة والالتزام بالحجر الصحي للمصابين.
ويتابع، إضافة إلى ما يشاع عن تأخر فحص بعض المشتبه بإصابتهم، وتأخر ظهور نتائج هذه الفحوصات، مما يسبب انتقال العدوى لأعداد إضافية بسبب اختلاط المصابين الذي لم يتم إبلاغهم بالإصابة بعدد من الأشخاص سواء من الأهل أو زملاء العمل.
هذه الأمور وغيرها أدت إلى قناعة الغالبية العظمى بعدم عودة تطبيق الحظر الشامل، وفق سرحان، وأن الجميع مسؤولون، والمواطنون أدركوا عدم جدوى الحظر الشامل بالنظر إلى تبعاته وآثاره الكبيرة على مختلف القطاعات.
ويبين سرحان أن مرحلة الانتشار المجتمعي تتطلب إجراءات أخرى، والتزاما شخصيا من الجميع والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، وهي عملية تحتاج إلى جهود كبيرة ليس فقط من الجهات الرسمية، بل من جميع مؤسسات المجتمع المدني، وأن يكون للإعلام بمختلف أنواعه دور توعوي موجه ومحفز للالتزام وتحمل المسؤولية. ويعتبر سرحان صدور قرار فرض الحظر الشامل يومي الجمعة والسبت الذي كان مفاجئا وغير متوقع عند الكثيرين، وجاء قبل يومين من موعد تطبيقه، مما أدى إلى حدوث حالة من الإرباك على مستوى الأفراد والأسر والمؤسسات، خصوصا أن كثيرا من الأسر تعتمد نهاية الأسبوع للقيام بالعديد من الواجبات والمتطلبات الأسرية، إلا أن الوضع الوبائي الذي يمر فيه الأردن يستلزم الشعور بالمسؤولية والواجب تجاه هذه القرارات.
إلى ذلك فإن مثل هذا القرار الذي يؤثر على حياة المجتمع عامة، بحسب سرحان وعلى عمل الكثير من المؤسسات بحاجة إلى أن يكون أكثر وضوحاً في مبرراته بالاعتماد على التجارب السابقة.
ويؤكد سرحان على ضرورة عدم فهم الحظر انه تقييد للحرية، لأن الثقة بأي قرار من أهم مقومات نجاحه، خصوصا عندما يمس شريحة كبيرة، وحتى يتعاون الجميع في تطبيقه وإنجاحه، فعدم القناعة تعمق الشعور بعدم الثقة، فالتعامل مع وباء قد يستمر لفترة طويلة، وبحاجة إلى تضافر جميع الجهود الرسمية والشعبية.
ويستدرك سرحان أن الثقة والقناعة تؤدي إلى الالتزام الذاتي، وهو أكثر فعالية من القوانين، كما تؤدي الى تغيرات في سلوكيات الأفراد والمجتمع، وهو ما ينبغي التركيز عليه لإحداث التغيير الاجتماعي الإيجابي، خصوصا أن مواجهة هذا الوباء تتطلب تغير عادات اجتماعية متأصلة في المجتمع، وهي جزء أصيل منه. ومنها تقليل أعداد المشاركين في حفلات الزفاف واقتصارها على أسرتي العروسين، وعدم إقامة بيوت العزاء والاكتفاء بالتعزية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وعدم المصافحة والتباعد بين المصلين في المساجد.
ويرى سرحان أن المجتمع الأردني بحاجة الى رفع المعنويات وتجديد النشاط والترفيه، وهي عوامل مهمة في تحسين الصحة النفسية للجميع كبارا وصغارا، مما يساهم في زيادة القدرة على التحمل وتحسين المناعة والمقاومة، فالعوامل النفسية والاجتماعية ضرورة يجب عدم إغفالها. فالانسان ليس آلة أو ماكنة يعمل "بكبسة زر"، وعليه تقع نتائج القرارات، مما يتطلب مشاركته في اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية.