حقوق الإنسان: مطالب غير مكلفة

عندما غادر رئيس المركز الوطني لحقوق الإنسان أحمد عبيدات، موقعه انتصبت علامة سؤال كبيرة حول استمرارية دور المركز.

من يقرأ تقرير المركز الذي أشهر أمس في مؤتمر صحافي، يطمئن إلى أن المركز استوى مؤسسة مهنية لا تتأثر كثيرا بمغادرة مسؤول وقدوم آخر، خصوصا أنّ مفوض المركز محيي الدين توق مثل استمرارية للمبادئ التي أسس عليها المركز، ولم يكن ثمة تعارض بينه وبين رئيس المركز عدنان بدران.

ومع أن المركز مؤسسة ممولة من الحكومة، إلا أن تقاريرها لا تقل جرأة عن تقارير المنظمات الأخرى مثل هيومان رايتس ووتش وأمنستي والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، ولا نبالغ إذا قلنا إن التقرير يزيد عليها شمولا وعمقا، وقد يعود ذلك إلى وجود كادر متفرغ وإدارة متخصصة ذات خبرة على تواصل وانفتاح مع مؤسسات المجتمع والدولة.

من حيث الشكل يقع التقرير في 194 صفحة من القطع الكبير، وتشكل الأرقام والجداول الإحصائية حيزا كبيرا فيه، ويتناول مواضيع ذات حساسية عالية، مثل التعذيب في السجون، والجنسيات، والحق في تأسيس النقابات والجمعيات في سياق منهجي ملتزم بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، من دون انتقائية أو تحيز في محاولة لتشويه الصورة أو تلميعها.

لم يتحدث المركز عن إنشاء نقابة للمعلمين فقط، وإنما أوصى بتأسيس اتحاد عام للطلبة، غير أن هذه المطالب سواء كانت تشريعية أم سياسية تواجه بالمجمل "تجاهل الحكومة" من دون مبرر "مقنع". وبلغت نسبة التوصيات التي لم تأخذ بها الحكومة 85 في المائة، ولم يستغرب التقرير تدني مرتبة الأردن في تصنيف "بيت الحرية" من دولة "حرة جزئيا" إلى فئة دولة "غير حرة".

تخطئ الحكومات عندما تعتبر المركز شركة علاقات عامة، تظهر أن في الأردن هامش انتقاد واسع، وعليها أن تتعامل مع المركز مثله مثل ديوان المحاسبة، فحقوق الإنسان التي تهدر أغلى كثيرا من المال، والأسوأ من ذلك اعتبار المركز "جهة معادية" تفتري وتشوه وتسيء، وفي الطبقة السياسية الأردنية من لا يؤمن بحقوق الإنسان، ويعتبر المطالبة بها مؤامرة على البلاد.

صدر تقرير المركز بعد تقرير مبادرة الإصلاح العربية الذي صدر في بيروت، ونال فيه الأردن الترتيب الأول عربيا، وعقب تقرير بيت الحرية الذي اعتبر الأردن بلدا "غير حر".

اضافة اعلان

تستطيع الحكومة أن تعمل للتقرير المقبل، وإحقاق حقوق الإنسان غير مكلف ماديا، ولا يحتاج إلى موازنة. فالمركز طالب باتحاد طلبة ونقابة معلمين، وقانون انتخابات. هذه المطالب الثلاثة ليست عدمية ولا مستحيلة، وإن أنجزتها الحكومة ستدخل التاريخ.

[email protected]