حقيبة لا تفضي إلى أي مكان

حقيبة لا تفضي إلى أي مكان
حقيبة لا تفضي إلى أي مكان

 

معاريف –  ابراهام تيروش 

منذ سنين تسود هنا بدهية تقول ان عمل وزير الحرب ضمان لجمع شعبية وخشبة قفز مضمونة الى رئاسة الحكومة. لكنه لا مستمسك لذلك في الواقع. بل على العكس من ذلك، لم يبلغ أي وزير حرب بعد ان عمل في هذا المنصب رئاسة الحكومة، وكل وزير حرب ينهي ولايته في الوزارة بسلام، بغير عزل او استقالة غاضبة يجب ان يحمد الله.

اضافة اعلان

ان ايهود باراك هو البرهان الساطع على دحض هذه البدهية وسنعود اليه بعد. لكن هلم قبل ذلك نقف لحظة عند التاريخ: لقد عمل 16 شخصا وزراء حرب منذ اقامة الدولة بعضهم أكثر من مرة واحدة. كم منهم فعل ذلك مع رئاسة الحكومة، سواء كمنصب دائم (بن غوريون واشكول ورابين وباراك) او "مغلقي ثقوب" لفترة قصيرة بعد ان استقال وزير حربهم (بيغن بعد استقالة عيزرا وايزمن واريل شارون وشامير بعد استقالة رابين على اثر "الحيلة النتنة"). كان ثمانية وزراء حرب فقط من الجنرالات: ديان، ووايزمن، وشارون، ورابين، ومردخاي، وباراك، وبن اليعزر وموفاز. اما الباقون فمدنيون فيهم وزراء ناجحون مثل اشكول وأرينز وبيريز فضلا عن بن غوريون.

لم ينه نصف وزراء الحرب عملهم انهاء طبيعيا بل عزلوا او استقالوا او اضطروا الى الانصراف على اثر ظروف نشأت ومضوا الى بيوتهم منكسري القلوب. فقد اضطر بنحاس لافون الذي حل محل بن غوريون في استقالته الأولى (1953) الى الاستقالة بعدما سمي "العمل المخزي" في مصر. وكذلك موشيه ديان على اثر حرب يوم الغفران، واستنتاجات لجنة اغرينات وضغط عام اتى على اثر ذلك. واستقال عيزرا وايزمن بعد خلاف في الرأي مع بيغن حول تطبيق اتفاق السلام مع مصر. وعزلت لجنة كوهين اريل شارون على اثر احداث صبرا وشاتيلا. واضطر رابين الى الاستقالة مع حزبه من حكومة شامير بخلاف رغبته بعد الحيلة النتنية (1990)، التي حاول فيها بيريز اسقاط شامير. واقال نتنياهو اسحاق مردخاي لانه كان على علاقة بحزب المركز. وعزل حزب عامير بيرتس اياه عن رئاسته وعن وزارة الحرب.

لم يبلغ اي وزير، خلافا للمتوقع، رئاسة الحكومة في اعقاب خدمة ناجحة في عمله. ولم يكن بلوغ شارون هذا المنصب بسبب انه كان وزير الحرب قبل ذلك بنحو 18 سنة. وكان رابين رئيس الحكومة (74 – 77) قبل ان يتولى وزارة الحرب، وان كان من المنطقي ان نفترض ان ولايته الناجحة لوزارة الحرب في حكومة الوحدة في الثمانينيات قد ساهمت في فوز شامير في انتخابات العام 1992.

لنعد الان الى باراك. لقد كان سلفه عامير بيرتس برهانا ساطعا على ان الطريق الى رئاسة الحكومة لا تمر بوزارة الحرب ولا قريبا منها. باراك كما قلنا آنفا برهان ساطع. انه وزير حرب مقبول عند الرأي العام وفي استطلاعات الرأي، وثمة من يقولون انه ناجح ايضا، ومع ذلك كله فهو مرفوض وغير مقبول تماما كمرشح لرئاسة الحكومة. وأي تورط آخر له في شؤونه الخاصة وسلوكه الشخصي يبعده اكثر عن المنصب الجليل وعن مشايعة الجمهور. ويبدو انه هو نفسه اصبح يعلم انه لن يبلغ هذا المنصب. لا تعجب اذا رأيتموه في الانتخابات المقبلة يشترك مع نتنياهو في قائمة واحدة كي يظل في وزارة الحرب فقط.

تورط وزير الحرب السابق موشيه أرنس منذ زمن قريب بقوله "ليس كل غبي يستطيع ان يكون وزير الحرب"، وكاد يكون هو نفسه غبيا برغم انه بعيد عن ذلك، بمحاولته ان يقنع انه لم يقصد عمير بيرتس. ان ايهود باراك يبرهن على ان غبيا من نوع ما – لا أبله – يستطيع ان يتولى وزارة الحرب ايضا.