حقيقة غياب الجزء الثاني من المسلسل الأردني "أم الكروم"

مشاهد من الجزء الأول من "أم الكروم" - (أرشيفية)
مشاهد من الجزء الأول من "أم الكروم" - (أرشيفية)

سوسن مكحل

عمّان - منذ 19 عاماً لم تلتفت الجهات المعنية للسؤال بشكل مباشر عن بقاء الجزء الثاني من مسلسل “أم الكروم” طيّ الأدراج، العمل الذي حقق في الجزء الأول في نهاية التسعينيات استحساناً جماهيرا وحظي بقبول الشارع الأردني لما أولاه من سرد حقيقي ودراميّ لسيرة المواطن الأردني.اضافة اعلان
الكاتب الاردني صاحب رائعة “أم الكروم” الدكتور الأكاديمي في جامعة اليرموك والمخرج المسرحي والمنفذ مخلد الزيودي أشار في حديثه إلى “الغد” إلى ما حلّ بالجزء الثاني للمسلسل الذي توقف إنتاجه أكثر من 19 عاماً، كما وأشار إلى المرحلة المهمة في تاريخ الأردن التي يتحدث عنها العمل.
ويوضح قائلا “آخر ما قيل لي كان قبل عامين، حين طلبت نقابة الفنانين الأردنيين من التلفزيون الأردني بدء إنتاج الجزء الثاني من مسلسل “ام الكروم” وعلمت حينها أنه تأجل حتى العام 2015”.
مسلسل “أم الكروم” كتبه الزيودي في العام 1998 ومنذ ذلك التاريخ ولغاية اليوم أعيد عرضه عشرات المرات، وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت شخصيات المسلسل نموذجاً شعبياً يتم الاستشهاد بها واقتباس حواراتها وتوظيفها في الحياة اليومية، فجاء ربما، نموذج مغاير لما طرحته الدراما الأردنية التي تناولت الريف الأردني على أهميتها، إذ نجح المسلسل في التعبير عن هموم المواطن الأردني ولامس وجدانه من خلال الحكاية والشخصيات بالأساس في ظل التحولات التي شهدها المجتمع الأردني في نهاية سبعينيات القرن الماضي، هذه الفترة التي شهدت قفزة اقتصادية واكبت ارتفاع أسعار النفط وما تبع ذلك من ارتفاع في أسعار الأراضي، وحالة الجنون التي أصابت الأردنيين من خلال اندفاعهم نحو بيع الأراضي التي ورثوها بالأساس عن الآباء والأجداد، وغياب التشريعات الحكومية التي تضبط عملية البيع وتدمير الأراضي الزراعية من خلال تجزئتها وتحويلها إلى أراض سكنية. 
ويضيف الزيودي “عندما تسلم فيصل الشبول إدارة التلفزيون طلب مني كتابة الجزء الثاني من المسلسل وتمت كتابة الملخص والحلقات الأولى، حيث تدور أحداثه في مرحلة ما بعد حرب الخليج الثانية وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية على الأردن، وتطور الوعي لدى أبناء أم الكروم جيل الشباب الجدد وانخراطهم بالعمل السياسي والبحث عن فرص عمل واستثمار لتعويض ما خسره الآباء، وتنتهي الأحداث برحيل الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه ليصاب أهل أم الكروم بنكبة جديدة فتتحول بيوتهم إلى بيوت عزاء يبكون ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم”.
ويؤكد قائلا “حينها تمت إجازة المسلسل من أجل السير بإجراءات إنتاجه، ومنذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا فشلت الجهود كافة لإنتاج الجزء الثاني وأنتج مقابل ذلك عشرات الأعمال بدون سبب حقيقي واضح لماذا لم ينتج حتى اللحظة”.
مدير البرامج في التلفزيون الأردني مهند الصفدي أكد في حديثه لـ”الغد” أن مسلسل “أم الكروم” يعتبر من أهم الإنتاجات التي حققت جماهيرية كبيرة وقت عرضه في التسعينيات، إضافة إلى ارتفاع نسب مشاهدته حتى بعد إعادة عرضه على شاشة التلفزيون الأردني قبل مدة قصيرة.
ويضيف أن كم الأعمال الهائل والتي تقدمت للتلفزيون الاردني لإنتاجها تحكمها موازنات وموافقات من لجان متخصصة يتم اختيارها من خارج مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، مما أخّر العمل بالجزء الثاني من مسلسل “أم الكروم”.
ويعلل الصفدي أن انخفاض نسب المشاهدة للأعمال الاردنية التي انتجت يرتبط بالإنتاج الهائل لمؤسسات الإنتاج العربي والفضائيات التي سحبت بعض مشاهدين القنوات المحلية لصالح أعمال بإنتاج ضخم.
وحول “أم الكروم” الجزء الثاني قال الصفدي “العمل مدرج ليتم إنتاجه بالفترة القادمة ما بعد رمضان الحالي بالدورة الإنتاجية القادمة قبل رمضان المقبل، وسيجرى إنتاجه بشكل مميز وتسويقه للخارج”.
الجزء الثاني من العمل، وفق الزيودي، يتناول حقيقة ما مرّ فيه المواطن الأردني نتيجة حرب الخليج وتداعياتها على المنطقة والدول المجاورة، وكيف تعامل الأردن مع هذه الأزمة ودور النقابات وصعود التيارات السياسية، ومنها الإسلامية بشكل مباشر ومعالجة درامية مستوفية لشروط العمل الدرامي.
ويذكر أن مسلسل “أم الكروم” الجزء الأول كتبه الدكتور مخلد الزيودي وكلف المخرج سعود الفياض بإخراجه، وشارك في ذلك الفنان الممثل محمد العبادي ونخبة مميزة من الفنانين الأردنيين وهم؛ عبدالكريم القواسمي، شايش النعيمي، محمد العبادي، خليل مصطفى، نادرة عمران، عادل عفانة، هشام حمادة، حابس حسين، إبراهيم ابو الخير، علي عبدالعزيز، جميل براهمة والممثلة العراقية سناء عبدالرحمن وآخرون.
الفنان والموسيقي نصر الزعبي يعتبر أن الجزء الأول من مسلسل “أم الكروم” بالجزء الأول تفوق على الخيال بالفن من خلال نقل واقع فوتوغرافي عن الشارع الأردني آنذاك يتناسب مع الهموم التي تقاسموها بتلك الفترة.
وأضاف الزعبي أن المسلسل ما يزال حتى اليوم يحظى بحفاوة، ويعتبر طوق نجاة مهم في الدراما الأردنية، تثبت أن الفنان الأردني قادر على طرح مواضيع واقعية معاشة ومعالجتها دراميا إلى جانب الأمور الفنية الأخرى وتقديمها بشكل يروي عطش المواطن الأردني للدراما المحلية.