حكايتي مع الأحزاب

وقعت في الخامسة عشرة من عمري؛ العام 1976 طلب انتساب للحزب الشيوعي الأردني، حاولت قراءة كتاب رأس المال لماركس، لم افهم منه شيئا وتبين للرفاق آنذاك أني لا أملك الغضب اللازم لتبني مفهوم الصراع الطبقي، كما انهم لم يتفهموا اني مؤمن وأحب تلاوة القرآن في الاصطفاف الصباحي. في الجامعة كنت قريبا من اليسار، ضبط أحد الزملاء المخبرين منشورا لهم معي، على إثر ذلك سحب جواز سفري ومنعت من العمل في القطاع العام، كما منعت من السفر أيضا، واذكر أني سافرت لرحلة شهر العسل "بواسطة ثقيلة" ولسفرة واحدة فقط. دخلت في سبات حزبي حتى 2011، حيث حاولت مع مجموعة نبيلة من الشباب تأسيس حزب التجمع الحر. فشلت هذه التجربة لاسباب بعضها شخصي يعود في اغلبه لاعتقاد معظمنا أن العمل الحزبي يقوم بين أشخاص يتطابقون في الأفكار والسلوك، وهذا خطأ فادح، ولكن السبب الاهم في فشل التجربة يعود إلى عقل الدولة لم يكن مقتنعا لا بالأحزاب ولا بالحزبيين. وفعلا ولاسباب قانونية تمثلت في انسحاب بعض أعضاء الحزب قبل يوم واحد من قرار لجنة الاحزاب رفض تسجيل حزب التجمع الحر. بعد فوز قائمة معا في الانتخابات الأخيرة ساهمت في جولتين متتابعتين لتأسيس حزب سياسي يقوم على مبادئ الدولة المدنية آخرها حزب التحالف المدني، قد اثلج صدرنا يوم أمس إعلان وكالات الانباء عن الموافقة على تسجيل حزب التحالف المدني رسميا واتأمل أن نستلم كتاب الموافقة الخطي اليوم. حزب التحالف المدني لن يكون حزبا لشخص ولا لشخصية معينة بل هو حزب يسعى إلى التأثير في الحياة السياسية عن طريق الاحزاب التي تصل للبرلمان باعتبار ذلك استحقاقا دستوريا ومنطقيا لازما لتشكيل حكومة برلمانية فاعلة. التحالف المدني يسعى لترسيخ مبادئ الدولة المدنية الديمقراطية في نطاق الدستور الذي أسس الأردن كنظام نيابي ملكي وراثي، في ظل سيادة القانون دون استثناء، ويؤمن بمساواة الأردنيين أمام القانون دون تمييز في الدين أو العرق أو اللغة أو الجنس. يأمل الحزب أن يكون فاعلا على الأرض ببرامجه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تخدم الوطن والمواطن، وتحمى حرية المواطنين في نطاق القانون وفي نطاق عدم وصاية أي طرف على الاخر وصاية اخلاقية أو اجتماعية وذلك لتفعيل ممارسة قبول الاخر التي هي حجر الاساس في محاربة خطاب الكراهية. يدعو الحزب لنهضة اقتصادية تقوم على مكافحة الفساد وتشجيع المنافسة المشروعة ومحاربة الاحتكارات وتركز الثروة، واساس تحقيق ذلك كله السعي نحو تكافؤ الفرص وخاصة في مجال التعليم والصحة والمواصلات. هذا الحزب ليس معاديا للدين ولا للمتدينين كما أنه يعارض التوسل بالدين لأهداف سياسية أو شخصية، يؤمن بحرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر جميعها كما نص عليها الدستور الأردني، ويسعى الحزب للحفاظ على هوية الأردن والأردنيين الجامعة المتنوعة ومقاومة كل اشكال تهديد الأردن هوية وارضا. الوحدة الوطنية اساس عمل حزب التحالف المدني وقضية فلسطين هي قضية استراتيجية للأردن. أولوية الحزب هي هموم المواطن الأردني الاقتصادية والمعيشية، وهي شغل الحزب الشاغل وبرامجه التي تسعى نحو تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة للأردن والأردنيين. في الحزب اطياف متعددة ضمن الفهم العام لمبادئ الدولة المدنية وأنا شخصيا اختلف مع مواقف وطروحات شخصية لبعض منتسبي الحزب ولكن موقف الحزب هو موقف يصنعه من يدخل في الحزب وليس من يبقى خارجه. في حديثه للصحفيين يوم الأحد وضع الملك الكرة بخصوص العمل الحزبي في ملعب الحكومة والقوى السياسية، اقترح على الحكومة والدولة واجهزتها أن تلتقط الرسالة، وقد تكون الحكومة محتاجة لخلوة لتصبح جميعها على فهم واحد لرسالة الملك.اضافة اعلان