حكومة منتخبة 2020

بعض نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي تحولوا إلى شعار جديد هو "رئيس وزراء منتخب" والمقصود منتخب مباشرة من الشعب وهذه صيغة غير مألوفة في الأنظمة السياسية أكانت ملكية أم جمهورية، فرئيس الوزراء يتقرر من الأغلبية البرلمانية ويكلف من الملك أو رئيس الدولة بتشكيل الحكومة ثم يتقدم مع فريقه إلى البرلمان لنيل الثقة. وقد تكون الولايات المتحدة هي الاستثناء الوحيد وتتفرد بصيغة هجينة حيث لا يوجد رئيس وزراء لأن رئيس الدولة المنتخب هو نفسه من يترأس الجهاز التنفيذي أو الحكومة أو الإدارة كما تسمى وهو بالمناسبة الرئيس الدستوري لمجلس الشيوخ. وقد حدث مرة في إسرائيل أن تقرر اللجوء إلى الانتخاب المباشر لرئيس الوزراء من الشعب لتجاوز الخلافات الحزبية وعدم الاستقرار في الائتلافات الحكومية التي يبقى رئيس الوزراء أسيرا لها وبعد مرة واحدة تم التراجع عن هذه الصيغة. هذا الشعار الذي طرحه بعض نشطاء الحراك يعكس اليأس النهائي من مشاريع "الإصلاح المتدرج" ويطرح بديلا بالقفز عن كل ذلك والذهاب مباشرة إلى انتخاب رئيس الوزراء من الشعب مباشرة لأن التغييرات المتوالية على قوانين الانتخاب والأحزاب تعيد إنتاج نفس النوع من النيابة ونفس طريقة تشكيل الحكومات، وليس متوقعا أن يحدث غير ذلك في المستقبل أي تحقيق الهدف العتيد للإصلاح السياسي وهو الحكومات البرلمانية المنتخبة. هل فقدنا الأمل حقا في الإصلاح السياسي؟ هل ثبت عجز التغيير في التشريعات الخاصة بالانتخاب والاحزاب عن توفير شروط الحكومات البرلمانية المنتخبة أي وجود برلمان يتكون من كتل حزبية رئيسية؟ أو كما قال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية أننا جربنا كل الانظمة الانتخابية المعروفة بلا جدوى؟! أنا أدعي أن ثمة مدخلا لتحقيق اختراق. ولو قررنا من الآن أننا نريد من مجلس النواب القادم (العام 2020) حكومة برلمانية فعلا فإن فترة السنتين القادمتين أكثر من كافية لتطبيق خريطة طريق لتفرز الانتخابات القادمة كتلا نيابية تشكل حكومة برلمانية. لكن لن نركض وراء الحكومة لاقناعها فقد تعبنا من هذا. الآن ننتظر أن تأتي الحكومة لتقول بوضوح نعم نريد تجاوز الصيغة المأزومة لتشكيل الحكومات - كتبنا المقال الماضي عن "الأردن المأزوم بالتوزير" - ونريد التحول للصيغة المألوفة في الديمقراطيات البرلمانية فهاتوا ننظر في خريطة الطريق التي تمكن من الوصول إلى الهدف ! منذ عامين قلنا ان الأولوية باتت للإصلاح الاقتصادي والإداري فقد افرغنا ما في جعبتنا بشأن الإصلاح السياسي ولم يعد لدينا شيء نقدمه. لكن الاحتجاجات الجديدة تعيد طرح الإصلاح السياسي على الطاولة رغم ان محركها كان اقتصاديا. فلا الحكومة التي رحلت ولا الحكومة الراهنة ولا أي حكومة بديلة تملك عصا سحرية لقلب الوضع ورفع مستوى معيشة الناس والقضاء على البطالة، وسوف تستمر الضائقة المعيشية وسيكون إصلاح الإدارة والخدمات والارتقاء بالأداء مثل حفر الصخر بإبرة بينما الناس تحمل الحكومة المسؤولية ويجد المهمشون والمحبطون مناخا مواتيا للتعبير عن الغضب والتصعيد العنيد للاحتجاج، وعندما يفشل تغيير الحكومات والوزراء في حل الأزمة يطرح الحل السياسي نفسه تماما كما حصل في العام 89.اضافة اعلان