حلّ المجلس ليس الحلّ!

يفسر أحد الأصدقاء النواب موقف المواطنين من المجلس النيابي ويقول التالي: أنا نجحت بأصوات 15% من أبناء دائرتي الانتخابية ونسبة كبيرة ممن يقولون أنهم انتخبوني لم ألب طلباتهم فلن أستغرب اذا كان 90% من أبناء دائرتي ضدّ مجلس النواب.

اضافة اعلان

المحتوى التمثيلي للمجلس متواضع بالفعل، فنسبة الناخبين لا تزيد كثيرا عن نصف من يحق لهم الاقتراع، وعدد قليل من النواب يمثل دوائر كثيفة السكّان, ثم بعد ذلك فإن حوالي ثلاثة ارباع الأصوات تذهب للخاسرين أي هدرا، فكم يمثل النواب من السكان فعليا؟!

لكن هذا يفسر "جزئيا" ظاهرة ضعف تحصيل مجلس النواب في استطلاعات الرأي العام؛ فهناك ما يتصل بسمعة المجلس وأداء النواب، وقبل ذلك كله تموضع المجلس النيابي ومكانته في النظام السياسي الأردني، ففي وعي المواطن اذا اردنا الصراحة يعتبر مجلس النواب الى درجة كبيرة شيئا فائضا عن الحاجة، وعندما يسمع عن مصاريف النواب ورواتبهم وامتيازاتهم يستشيط غضبا، وهو بالأساس يعتقد أن النيابة ليس لها من أهمية سوى منح فرصة للطامحين بالتصدر.

لم يكن الأمر كذلك عام 89 عندما بدأت الحياة النيابية مرحلتها الديمقراطية، لكن عاما بعد عام تدهورت الثقة بأهمية المجلس وأهمية النائب وأهمية الصوت في جعل المواطن صاحب قرار، وتراجعت مكانة النيابة حتّى انتهينا الى ما نحن عليه اليوم.

نعم؛ لقد ساهم الإعلام بتضخيم الصورة السلبية، ومن جهتي كنت دائما ضدّ تبخيس قيمة المجلس وتبهيت صورته والسخرية منه، فهذا يفتح الباب للحطّ من مكانته وتبرير الاستغناء عنه أي الاستغناء عن الديمقراطية، هذه هي النتيجة الخطيرة التي باتت ترد على الألسن.

وهذا شيء يختلف عن النقد الطبيعي للمجلس وأعضائه على مواقف أو أداء معين, فهذا جزء لا يتجزأ من الحياة الديمقراطية, ومع الأسف كان أعضاء المجلس وقيادته يخلطون بين الأمرين ولم ينجحوا كفاية في بناء علاقة ايجابية مع الإعلام. ونقدّر موقف النائب بسام حدادين في مقاله أمس الذي عارض رفع دعوى ضد صحافي أو كاتب, ودعا الى قبول النقد مهما قسا، وحسب عنوان المقال "لماذا يكرهوننا؟" فالبحث عن الإجابة هو الأجدر بالتفكير.

النواب ضحايا واقع مسبق لم يصنعوه، بل هو صنعهم، صحيح أن امتيازات مثل السيارات والمياومات والسفريات يجب ان تحظى بالانتباه مع قضايا عديدة اخرى لتخفيف الصورة السلبية للنواب، لكن هذا كله يبقى هامشيا، وبعد تجربة عام ونيف بإمكان (من رغب منهم) أن يستخلص الدرس لنفسه وللوطن وللمستقبل.

الإصلاح السياسي هو الحلّ وعندما نتحدث عن الإصلاح نتحدث عن انقاذ البلد من هذا التدهور الذي رأينا نموذجه الصارخ في آخر انتخابات نيابية.

[email protected]