حماية شركات المساهمة العامة

يتكاثر انعقاد الهيئات العامة للشركات خلال هذه الفترة وتتسابق الشركات في الإعلان عن نتائجها المالية وتشكيلة مجالس إدارتها، في صورة تعكس هيمنة كبار المساهمين وتجيير إمكانيات الشركة لصالحهم.

اضافة اعلان

 اجتماعات الهيئات العامة لشركات المساهمة العامة تنطوي على العديد من المسلكيات غير المقبولة والتي تشي بهدر المال العام واستنزاف حقوق صغار المساهمين وتجيير خيرات الشركات لخدمة الإدارات العليا في كثير من هذه الشركات.

ويأتي على رأس هذه المسلكيات، التي يشتكي منها صغار المساهمين بالذات، كيفية منح وتحديد مكافآت ورواتب للعاملين في أعلى السلم الوظيفي في هذه الشركات، حيث تخصص مجالس الإدارة مبالغ كبيرة لرؤسائها.

اللافت في هذه المسألة المغالاة في تقدير قيمة هذه الرواتب والمكافآت والتي تصل في كثير من الأحيان إلى أرقام خيالية تعكس اللامبالاة في إدارة وإنفاق أموال هذه الشركات.

والتقارير السنوية لشركات المساهمة العامة تتضمن أمثلة كثيرة حول المغالاة في تقدير أجور ورواتب المراكز العليا في شركات المساهمة العامة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر قيام احد مجالس إدارات البنوك بتحديد مكافأة رئيس مجلس إدارته بمبلغ نصف مليون دينار للعام 2008، وهو رقم ضخم لا سيما وان هذا البنك نفسه مني بتراجع أرباحه للعام الماضي نتيجة الأزمة المالية العالمية وتشدد البنوك في منح التسهيلات.

 غير المقبول في مثل هذا القرار انه يأتي بعد الأزمة المالية، وفي وقت قامت حكومات اقتصادات كبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية بتحديد مكافآت مسؤولي البنوك لديها بحيث لا تتجاوز مبلغ 200 ألف دولار وهو مبلغ اقل بكثير من التقديرات المحلية السخية لهذا البنك.

المشكلة أن تحديد المكافآت لا يخضع لأسس محددة, بل متروك لمزاجية زمرة محددة من الأفراد ممن يسيطرون على القرارات، بحكم تملكهم لأغلبية الأسهم.

وللتخلص من هذه المزاجية يتطلب وضع قانون يحمي حقوق صغار المساهمين ويضع محددات لهذه التجاوزات التي يسمح بها القانون المطبق حاليا والذي يغفل حقوق صغار المساهمين ويجير مقدرات الشركات لغايات محددة فقط. يتيح التشريع المفعل الموافقة على اتخاذ القرارات بالحصول على موافقة الأغلبية التي يتحكم بها كبار المساهمين وهم ذاتهم المستفيدون من هذه المزايا.

ومن الأمور التي تسترعي الانتباه عند التمحيص في تقارير الشركات تلك المرتبطة بقرارات بعضها شراء أراض وتسجيلها باسم رئيس مجلس إدارة الشركة وليس باسم الشركة نفسها للالتفاف على القانون وعدم دفع رسوم نقل الملكية التي ينص عليها القانون والمقدرة بمعدل 10% من قيمة الأرض.

 الخوف من هذه الخطوة يكمن في إمكانية ضياع حقوق المساهمين في حال وفاة رئيس المجلس أو الشخص الذي سجلت الأراضي باسمه، ما يتطلب التدقيق في مثل هذه القرارات ووضع عقوبات تحول دون اتخاذ مثل هذه القرارات التي تنم عن عقلية احتيالية تهدف إلى تجاوز القانون والتنصل من الرسوم التي يفرضها القانون.

حالة أخرى تؤكد، ما سبق وهي منح احد أعضاء مجالس إدارات الشركات الخدماتية مبلغ 750 ألف دينار للعام 2007/ 2008، فيما تعاني الشركة اليوم من تدني سعر سهمها، وتراجع أرباحها.

 على وزارة الصناعة والتجارة، ودائرة مراقبة الشركات، متابعة أداء هذا النوع من الشركات، والتدقيق في قدراتها على تحقيق غاياتها، حيث تشير المعلومات إلى أن مساهمي إحدى الشركات التي أسست قبل عام، دفعوا مكافأة لأحد المسؤولين فيها مقدارها 150 ألف دينار، رغم أن الشركة لم تنجز شيئا من خططها وأهدافها ولم تحقق أي أرباح.

التمادي في هذه المسلكيات، وترك الباب مفتوحا لها، قد يخلق مشاكل لدى بعض الشركات لدرجة لا يمكن تلافي سقوط بعضها وضياع أموال مئات آلاف من المساهمين، في وقت لا ينفع فيه الندم بعد ذلك.