حملة المالكي ضد الأردن

يخوض رئيس الوزراء العراقي السابق سيئ الصيت نوري المالكي، ونوابه في البرلمان، حربا ضروسا لتخريب العلاقات الأردنية العراقية الآخذة بالتطور.
بعد زيارة رئيس الوزراء د. هاني الملقي لبغداد قبل أسبوعين، استشاط نواب المالكي غضبا من التفاهمات المبرمة بين الشقيقين والجارين، وتناوب أزلام المالكي على إطلاق صيحات هستيرية بلغت حد التهديد بتمزيق الاتفاقيات الموقعة بين البلدين.اضافة اعلان
حجة المالكي في عدائه الأردن، أن الأخير يؤوي أفرادا من عائلة صدام حسين. إنها مجرد ذريعة مكشوفة؛ فالمالكي ونوابه يعرفون أن لا دور سياسيا لهؤلاء في الأردن ولا يمارسون أي نشاط ضد العراق انطلاقا من عمان، ووجودهم لا يتعدى الطابع الإنساني، وليس من بينهم من كان في موقع رسمي إبان حكم صدام حسين.
هي ذريعة. والحقيقة وراء هذا الهجوم على الأردن، هي العداء المتأصل عند المالكي وأزلامه لكل ما هو عروبي، والسعي الحثيث إلى سلخ العراق عن عمقه العربي، ليبقى كما يشتهي المالكي مجرد حديقة خلفية للنفوذ الإيراني.
هذه ليست تكهنات عن شخص غير معروف، بل حقائق مدعومة بمئات الأدلة عن سياسي حكم العراق لمدة 8 سنوات، فعل خلالها كل ما بوسعه لإبعاد العراق عن محيطه العربي، وتأزيم علاقاته مع كل جيرانه باستثناء إيران.
رئيس وزراء في سجل إنجازاته سياسات إقصائية لمكونات أساسية في المجتمع العراقي، كان من نتيجتها إعادة إحياء تنظيم "القاعدة" الإرهابي بنسخة أكثر وحشية، هي تنظيم "داعش" الإرهابي. وفي سجله أيضا كارثة الكوارث التي لم يسبقه إليها أحد، وهي السقوط المخزي لمدينة الموصل في يد الإرهابيين، من دون أي مقاومة تذكر من جيشه المقهور.
كارثة كلفت العراق والعراقيين نهرا من الدماء والتضحيات والأموال في معركة لتحرير المدينة ومدن أخرى لم تبلغ منتهاها بعد.
تولت لجنة نيابية التحقيق في ملابسات وظروف سقوط المدينة في قبضة الإرهابيين، وخلصت إلى إدانة 35 مسؤولا عراقيا بالتقصير والتورط في الكارثة، كان على رأسهم نوري المالكي.
لكن المتهم المثقل بأدلة الاتهام أفلت من العقاب، مثلما حصل من قبل بشأن كل ما ارتكبت حكومته من جرائم قتل وخطف ونهب للمال العام.
ومنذ مغادرته كرسي رئاسة الحكومة، تفرغ المالكي لحربه المقدسة في تجريد العراق من هويته العروبية، وتخريب علاقات حكومة حيدر العبادي مع الدول العربية. اشتغل أولا على دول الخليج، ونجح في تأزيم العلاقات مع جميع العواصم الخليجية؛ ثم مع الأردن، مسنودا بكتلة برلمانية همها الأول والأخير إفشال الحكومة العراقية، وتعطيل مشروعها لتحرير الموصل، ومنع المصالحة العراقية بأي ثمن، لتمهيد الطريق أمام عودة المالكي إلى سدة الحكم.
لا أظن أن أي جهد دبلوماسي أردني سينجح في ترويض جماعة المالكي، وكسب دعمها لخطوات التقارب بين عمان وبغداد؛ فهذا التيار صاحب مشروع معاد للعرب مهما كانت مواقفهم.
ومن المستبعد أن تمارس طهران أي ضغوط لثني المالكي عن مواقفه المعادية للأردن، حتى لو رغبت في ذلك، لأن المالكي يعتمد على دعم مؤسسات إيرانية لا تخضع لتوجيهات حكومة حسن روحاني التصالحية.
احتواء نفوذ وتأثير تيار المالكي لا يكون بغير تعزيز العلاقات مع حكومة العبادي، وترجمتها إلى مكاسب للطرفين لا يمكن التنازل عنها.