حملة وطنية لاسترجاع مسلة ميشع من متحف اللوفر إلى موطنها في ذيبان

مجسم لمسلة ميشع - (أرشيفية)
مجسم لمسلة ميشع - (أرشيفية)

أحمد الشوابكة

مادبا –  يطلق مركز ميشع للدراسات وحقوق الإنسان خلال الأيام المقبلة حملة وطنية لاسترجاع مسلة ميشع من متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس، إلى موطنها في ذيبان بمحافظة مادبا، حيث بدأ نشطاء بالتحضير لعقد اجتماع شعبي حاشد لتشكيل لجنة تحضيرية لاستعادة المسلة إلى مكانها الطبيعي.
وتعتبر مسلة أو حجر ميشع التي تعود للملك ميشع ملك مؤاب، والتي ظهرت في وسط وجنوب الأردن في القرن التاسع قبل الميلاد، من أقدم المسلات التاريخية في بلاد الشام، حيث كتب عليها تاريخ المنطقة وانتصارات ميشع على اليهود في تلك الفترة، واكتشفت المسلة في ذيبان/ محافظة مادبا عاصمة المؤابيين في العام 1868 ميلادي على يد أحد الرهبان الألمان العاملين في القدس وتم سرقتها ونقلها الى باريس  وهي محفوظة الآن في متحف اللوفر.
وبحسب  النص المكتوب على مسلة الملك ميشع العام 835 قبل الميلاد تقريبا، والمقتبس بعد الترجمة من مسلة ميشع التي تركها الملك ميشع الذي انتصر على اليهود وطردهم من شرق الأردن: "أنا ميشع بن كموشيت ملك مؤاب الدْيباني، أبي ملك على مؤاب ثلاثين سنة، وأنا ملكت بعد أبي ، وأنشأت أهراما، لكموش، ولقد بنيت ذلك لأن كموش أعانني على قهر كل الملوك، ولأنه أشمتني بكل أعدائي المبغضين، أما (عمري) ملك إسرائيل، فقد اضطهد مؤاب طويلاً، ذلك لأن كموش أضحى مكروهاً بأرضه، وخلف عمري ابنة فقال هو الآخر سأضطهد مؤاب أجل، لقد قال شيئاً كهذا الكلام، ولكن كموش جعلني أراه مهزوماً من أمامي، هو وإلهه، وبادت إسرائيل، بادت إلى الأبد".
وقال رئيس المركز الدكتور ضيف الله الحديثات" إن الحملة الوطنية لاسترجاع المسلة تأتي في سياق باكورة نشاط المركز لاستعادة تراث الأردن وذاكرته الوطنية، حيث سيقوم المركز بتوفير كل أشكال الدعم للجنة التحضيرية والمكتب التنفيذي الناجم عنها.
وأشار الحديثات إلى أن المركز وضع خطة شاملة للوصول الى استراد المسلة بالتعاون مع جميع أبناء الأردن المخلصين، قائلا إنه "لا يترك بابا في الداخل والخارج إلا ويطرقه من أجل استعادة هذا الرمز الذي يؤكد على عمق جذور الحضارة الأردنية الممتدة الى فترة قبل الميلاد".
ودعا جميع أبناء المجتمع الأردني الى التعاون مع المركز لإعادة هذا المسلة التاريخية، بعيدا عن الانفعالات التي قد تعكس صورة غير إيجابية عن المجتمع الأردني.
إلى ذلك، يستغرب العديد من المهتمين والعاملين عدم اهتمام وزارة السياحة والآثار بهذه التحفة الأثرية التاريخية التي هي من حق الأردن، مشيرين إلى التهاون الحكومي بعدم استرجاع المسلة، ما جعل أهالي المحافظة يصرون على المطالبة بحقهم من نكثيف جهودهم الرامية لإطلاق حملة وطنية لاسترجاع المسلة إلى موطنها الأصلي ذيبان.
وأكد وزيرالزراعة ووزير الشؤون البرلمانية الأسبق  شراري الشخانبة أهمية تاريخ ما كتب على  حجر ميشع، لما لذلك من أهمية تاريخية وتحديداً لمحافظة مادبا ولوائها ذيبان، داعيا جميع الجهات الى الوقوف إلى جانب المطالبة الشعبية التي أطلقها المركز الذي يحمل اسما له دلالات تاريخية "ميشع".
ودعا الشخانبة المسؤولين في وزارة السياحة والآثار إلى التفكير الجاد لاعتماد المواقع السياحية في لواء ذيبان وترويجها وتسويقها عالمياً، لتكون ثالوثا سياحيا مع مادبا وجوارها لجذب الأفواج السياحية، مشيراً إلى أنه يجب أن تتوحد الجهود الشعبية لتقديم المطلب الرئيس باسترجاع مسلة ميشع إلى الحكومة والمسؤولين فرنسا.
وأبدى نقيب المحامين الأردنيين المحامي سمير خرفان، استعداد النقابة لإعداد دراسة موسعة في الجانب القانوني المعني باسترحاع المسلة إلى موطنها، مشيراً في السياق نفسه إلى أن بعض الدول العربية كمصر استعادت آثارها المسلوبة، إذ من الممكن استعادة هذا الإرث التاريخي الأردني.
ويؤكد رئيس جمعية تطوير السياحة والمحافظة على التراث في مادبا سامر الطوال، أهمية إعادة حجر مسلة ميشع من متحف اللوفر بفرنسا، داعياًَ إلى تطوير متحف مادبا الشعبي ليرتقي إلى أهمية المدينة الدينية والتاريخية، وأن يضع حجر المسلة في موقع يليق بمكانته التاريخية، مما يتطلب وضع بنى تحتية وإنشاء متحف يتوفر فيه التقنيات الحديثة التي من شأنها جذب السياح.
وأكد على دور منظمة اليونسكو في مجال حماية الأملاك والأماكن الثقافية وعقد اتفاقيات بهذا الخصوص، حيث تستطيع الدول العربية بمقتضاها استرجاع آثارها الموجودة في المتاحف الأوروبية خاصة من الدول التي وقعت على تلك الاتفاقيات.
وقال المستثمر في قطاع السياحة شارل الطوال إن هذه المطالب هي الاساس في تطوير عمل السياحة في مادبا والارتقاء بها لتأكيد وجود مادبا التاريخ والحضارة على خارطة السياحة العالمية.
وأضاف أن "حجر ميشع يؤرخ لانتصارات الملك المؤابي على اليهود، وهو موجود في متحف اللوفر بباريس بعد ان اشتراه القنصل الفرنسي في القدس (كانو) بثمن بخس من أهالي منطقة ذيبان ونقله إلى اللوفر العام 1868، فهذا الحجر لنا وهو رمز لوطنيتنا، والقوانين العالمية لصالحنا من أجل استرداد مسلة ميشع".
ويعتقد أن الحكومة الفرنسية لن تمانع بإعادته، شرط الالتزام بالقوانين والأنظمة العالمية، وهناك حركة شبابية في المحافظة تسعى إلى إعادة الحجر، لكنها تتوقف أمام عدم توفر الشروط المطلوبة.
ويؤكد مدير سياحة مادبا وائل الجعنيني، على ضرورة استرجاع كافة المقتنيات الأثرية إلى موطنها بالأردن، وخصوصاً حجر مسلة ميشع لما له من تاريخ يتربط بالوطن، وبخاصة ذيبان، مشيراً إلى أهمية أن تأخذ هذه المطالبة قنواتها الرسمية.

اضافة اعلان

[email protected]

 ataleb@