حوادث أم اعتداءات إسرائيلية .. انفجارات متعددة تطال مواقع إيرانية حساسة

طهران- تتفاوت التكهنات بشأن أسباب أربعة حوادث دوت فيها عدة انفجارات وهزت مواقع مختلفة في العاصمة الايرانية طهران في أوقات مختلفة بدءا من الخامس والعشرين من الشهر الماضي وآخرها كان يوم أمس.اضافة اعلان
وفيما ينسب بعض الإيرانيين تلك الحوادث كـ"أعمال تخريبية إسرائيل مسؤولة عنها؟ تقول القيادة الايرانية أنها أحداث تسببت بها أخطاء بشرية".
وبعض النظر عن السبب فقد خلفت تلك الحوادث الغامضة خسائر بشرية ومادية كبيرة.
حادث أمس طال مصنعا بجنوب طهران وأودى بحياة شخصين على الاقل، بحسب وكالة ارنا الايرانية الرسمية، التي عزت "الحادث إلى خطأ بشري".
وحادث آخر مطلع الشهر الحالي خلف أضرار بالغة في عدة مواقع إيرانية سببه انفجاريين متعاقبين في أولى ساعات الثاني من الشهر الحالي أحدهما طال مباني مجمّع نطنز النووي، فيما الآخر وقع قرب موقع عسكري في طهران.
وكان الحادث الثالث وقع نهاية الشهر الماضي، وقُتل خلاله 19 شخصا على الأقل جراء انفجار قوي هز مركزا طبّيا في شمال طهران، ونفى قائد شرطة طهران حسين رحيمي أن يكون الحادث ناجما عن عمل "تخريبي".
السلطات الإيرانية أعلنت عقب انفجارين وقعا في الثاني من الشهر الحالي أنه "حادث"، قبل أن تشير إلى أنّها لن تكشف أسباب الحادث في الحال "لاعتبارات أمنية".
وبالنسبة لانفجار أمس فقد طال "مصنع أوكسيجين في مدينة باقر شهر التي تبعد حوالي 20 كيلومترًا جنوب طهران، وأدى إلى اندلاع حريق، وفق ما ذكر الناطق باسم جهاز الطوارئ الوطني لوكالة فرانس برس.
وأشار الجهاز إلى سقوط "قتيلين وثلاثة جرحى، نقل اثنان منهم إلى المستشفى".
ونقلت ارنا عن محافظ المدينة أمين باباي أن المصنع يقع في منطقة صناعية، بدون أن يحدد أنشطة المنشأة.
وأوضح أن الحادث وقع "بسبب إهمال العمال لدى تعبئة أسطوانات الأوكسجين" مشيرا إلى أن "رجال الاطفاء حضروا إلى مكان الحادث على الفور ومنعوا انتشار الحريق".
وأضاف باباي أن "الانفجار كان قويا لدرجة أن جدران مصنع سايبا بريس (لقطع غيار السيارات) القريب دمرت أيضا"، ما يشير إلى وقوع أضرار جسيمة بالمصنع.
الحادث الرابع كان في الخامس والعشرين من حزيران (يونيو) الماضي، حين انفجر خزان غاز صناعي في بارشين، قرب مجمع عسكري في طهران بدون وقوع ضحايا. وتمكن رجال الإطفاء من السيطرة على الحريق وتم فتح تحقيق لتحديد أسباب الحادث.
وأصدرت منظمة الطاقة النووية الإيرانية بعد ظهر أمس بيانا ردت فيه على أسمته "مزاعم وصفتها بالكاذبة من قبل عناصر معادية للثورة في وسائل الإعلام حول انفجار في مجمع الشهيد رضائي نجاد النووي في أردكان" وهي بلدة تقع على بعد 450 كيلومترا جنوب شرق طهران.
ونفى البيان "حدوث شيء" في مصنع إنتاج مركزات اليورانيوم، بدون أن يكون ممكنا تحديد المعلومات الصحفية التي كان يشير إليها.
ورأت المنظمة أن ليس لهذه المعلومات أي غرض سوى "إحداث بلبلة" وبث "يأس" في البلاد ودعم حملة "الضغط الأقصى للشيطان الأكبر" على إيران، في اشارة الى الولايات المتحدة.
ورغم تأكيد مسؤولين إن الانفجارات كانت حوادث، الا أن العديد من الإيرانيين يشتبهون بأنها نتيجة عمليات إسرائيلية سريّة.
وتتهم إسرائيل والولايات المتحدة إيران بمحاولة تطوير قنبلة ذرية، وهو أمر لطالما نفته الجمهورية الإسلامية، وسبق أن استهدفتا منشآت نووية إيرانية في الماضي.
وذكرت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في بيان غامض صدر عنها بعد ساعات من حادث نطنز (نحو 250 كلم جنوب طهران) أنه "حادثة" تسببت بأضرار في مستودعات قيد الإنشاء في الموقع.
وأكد المتحدث باسم المنظمة بهروز كمالوندي للتلفزيون الرسمي عدم سقوط أي ضحايا وعدم وجود "مواد نووية (في الموقع) أو احتمال حدوث تلوث بيئي".
ونشرت المنظمة صورة تظهر المبنى المتضرر، وهو عبارة عن بناء من الطوب من طابق واحد فيه بعض الفتحات، ويظهر جزء من جداره الخارجي متفحما جراء حريق وقسم من سقفه منهارا بينما تبدو الأبواب وكأنها انفجرت من الداخل.
وبث التلفزيون الرسمي عدة صور من خارج المبنى لكن دون أي لقطات من داخله.
ومساء الأحد الماضي، أقرّ كمالوندي لوكالة "إرنا" الرسمية أن الحادثة تسببت بـ"أضرار مادية جسيمة"، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
لكنه أوضح أن المبنى المتضرر كان مصمما لتصنيع "أجهزة طرد مركزي متطورة"، ملمحا إلى أن عملية تجميعها كانت بدأت قبل "الحادث".
ويعد المجمّع أساسيا بالنسبة لبرنامج إيران النووي ويخضع لإجراءات أمنية مشددة.
وبموجب بنود اتفاقها الذي أبرمته العام 2015 مع القوى الكبرى، وافقت طهران على وضع سقف لعمليات تخصيب اليورانيوم التي تقوم بها، والتي تقاس بوجود نظير اليورانيوم المشع (يورانيوم-235) عند 3,67 %.
كما حدد الاتفاق النووي عدد أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول لتخصيب اليورانيوم عند 5060.
لكن بعد عام على انسحاب واشنطن بشكل أحادي من الاتفاق وإعادة فرضها عقوبات قاسية على طهران، بدأت إيران التخلي تدريجيا عن التزاماتها.
ومنذ منتصف العام 2019، رفعت إيران إنتاجها من اليورانيوم المخصّب إلى 4,5 % وهي نسبة تستخدم في المفاعلات لكنها أقل بكثير من المستوى الضروري للاستخدامات العسكرية وقدره 90 %.
كما أعلنت طهران أنها تعمل على تطوير أجهزة طرد مركزي أكثر فعالية ودون حدود.
والجمعة الماضي، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أنه تم تحديد "أسباب الحادث" في نطنز "بدقة"، الا أنه امتنع عن نشر تفاصيل "لأسباب أمنية".
يذكر أن "إرنا" نشرت مقالا مساء الثاني من تموز (يوليو) حذرت فيه خصوم إيران من القيام بأعمال معادية، مشيرة إلى أن حسابات إسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي ذكرت أن الدولة العبرية تقف خلف الحادثة.
وحذّر المقال إسرائيل والولايات المتحدة من أي هجوم على "أمن" و"مصالح" إيران.
وجاء في حساب على "تويتر" مرتبط بمحلل إسرائيلي بتاريخ 1 تموز (يوليو) أن إسرائيل هاجمت محطة إيرانية لتخصيب اليورانيوم.
وذكرت خدمة شبكة "بي بي سي" الفارسية، والتي تعتبرها السلطات الإيرانية معادية، أنها تلقّت بيانا "قبل ساعات" على الحادثة من مجموعة تطلق على نفسها "الفهود الوطنية" أعلنت مسؤوليتها عن الحادث.
وعرّفت الجماعة عن نفسها بأنها مجموعة من "المعارضين ضمن أجهزة الأمن الإيرانية" وذكرت أنه تم استهداف الموقع نظرا لأنه ليس "تحت الأرض" وبالتالي لا يمكن للجمهورية الإسلامية نفي وقوع الهجوم المفترض.
وقال رئيس منظمة الدفاع المدني الإيرانية العميد غلام رضا جلالي للتلفزيون الرسمي ليل الخميس الماضي أن أي هجوم إلكتروني يتم إثباته ضد إيران سيقابل "برد". بدوره، بدا وزير الدفاع ورئيس الوزراء الإسرائيلي بالإنابة بيني غانتس غامضا حيال الأحداث.
وقال الأحد الماضي إن "إيران تهدف لتطوير أسلحة نووية، ولا يمكننا تركها تحقق ذلك". لكنه أضاف "ليس بالضرورة أن يكون كل حدث يجري في إيران مرتبط بنا".-(أ ف ب)