حوادث الميناء منذ سنوات.. رسائل تحذيرية لم تقرأ عن غياب "السلامة العامة"

احمد الرواشدة "حادثة الغاز" في ميناء العقبة، هي الأكبر في حجمها، غير انها ليست الأولى في سجلات حوادث الميناء التي وقعت خلال السنوات الماضية، والتي شكلت رسائل لم تحمل حسن النوايا بل تحذير بغياب وسائل السلامة العامة، كان من المفروض قراءتها عوضا عن تجاهلها لتفادي ما حدث. في مراجعة لحوادث الميناء، والتي راح ضحيتها عدد من العمال والموظفين، سواء في الموانئ القديمة والتي تم بيعها لمشروع مرسى زايد أو في الموانئ الجنوبية الجديدة والتي تتبع لشركة العقبة لادارة وتشغيل الموانئ، تكشف هذه المراجعة عن تكرار وقوع الحوادث المرتبطة بغياب عنصر السلامة العامة والذي ظل مهملا رغم العديد من التحذيرات والمطالبات العمالية بضرورة الالتفات له. ولحين وقوع "حادثة الغاز"، الأسبوع الماضي، لم يتبع الحوادث السابقة وقفة لمراجعة وتقيم الاداء في منظومة الموانئ، فيما ردات الفعل التي اعقبت كل حادث ظلت بمعظمها محصورة ضمن دائرة الاحتجاج العمالي وتوجيه الاتهامات، والتي سرعان ما كانت تنتهي تدريجيا بعد عدة أيام، بينما تجاهل رسائل التحذير ظل متواصلا. هذا الوضع يعاينه عمال بالميناء كانوا دائما في قلب الحدث والأقرب من الخطر، طالما عاشوا لحظات من الموت قبل أن يحالفهم الحظ والنجاة من حوادث وقعت أمام اعينهم راح ضحيتها زملاء لهم لم يحالفهم الحظ. يقول عاملون في الميناء، "عنصر السلامة العامة مطلب ننادي به منذ سنوات، الا أن الإدارات المتعاقبة لم تستمع الينا حتى وقع حادث تسرب الغاز وراح ضحيته 13 شخصا وأصيب أكثر من 400 آخرين". مشهد "حادثة الغاز" كان لا يمكن إخفاؤه، بالنظر لحجم انتشار الغاز لحظة انفجار الصهريج الذي ملأ أجواء رصيف الميناء باللون الاصفر السام، بينما قابله انفجار عمالي عكس حجم الاحتقان لديهم بسبب إهمال مطالبهم المستمرة بخصوص توفير كافة عناصر السلامة العامة بالميناء. وفي أول ردة فعل على الحادثة، بدأ عمال الميناء اضراباً مفتوحاً عن العمل، استمر لمدة أسبوع قبل أن يعودوا لعملهم في كافة ارصفة وساحات الشركة يوم أمس. وقالت نقابة العاملين بالموانئ في هذا الخصوص ان "النقابة فكت الإضراب عن العمل ودعت جميع العمال للالتحاق بمكان عملهم بدءا من اليوم بعد تفاهمات مع المدير العام الذي عين صباح أمس". وقالت النقابة على لسان رئيسها احمد العمايرة إن "اجتماعا ضم أعضاء النقابة والمدير العام اسفر عن عودة جميع العمال إلى أماكن عملهم في كافة الأرصفة والساحات والمرافق"، مؤكدا انه "تم الاتفاق على تعزيز كافة المرافق وساحات المناولة بأدوات السلامة العامة إلى جانب الاتفاق على صرف 30 دينارا مع بداية الشهر الحالي وهي بدل روائح الى جانب صرف 3 % وهي بدل أرباح كل عام، وتأجيل النظر بباقي المطالبات الأخرى". قبل هذا الاتفاق كان العمايرة قد أكد في تصريح سابق ان "مطالب تطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية في الموانئ وتوفير أدوات وقائية عمرها سنوات، لكن دون استجابة". وأضاف أن "بيئة العمل خطرة جدا خاصة وان أرصفة الميناء المجاورة ترسو عليها بواخر النفط والغاز والمواد الخطرة الأخرى". وقال العمايرة، "العاملون معرضون للإصابة في أي وقت، ويفتقرون منذ سنوات لأدوات السلامة الشخصية مثل القفازات والستر الواقية والخوذ، فضلا عن الآليات القديمة والمتهالكة التي يعملون عليها". بالعودة الى الوراء، في عام 2014، توفي شخص يعمل مخلصا إثر غرقه مع مركبته بعد ان سقطت في البحر، أثناء عمله في الميناء الرئيس، وفي وقت انتشل صيادون حينها الجثة، قامت كوادر الدفاع المدني بانتشال المركبة، وهو حادث وقع في الميناء الرئيس القديم قبل الانتقال الى منظومة الموانىء الجنوبية الجديدة، وبينما قيد الحادث في سجلات حوادث الميناء، بقي التساؤل كيف دخلت مركبة خاصة الى الميناء لحد اقترابها من الارصفة وسقوطها في البحر؟. وفي العام 2016 ، قضى شاب في الميناء الجديد وتحديدا في موانئ الصوامع نتيجة سقوطه من مرتفع وتوفي على الفور. العام الماضي، توفي شاب في الميناء الرئيس نتيجة سقوط انابيب عليه أثناء عملية المناولة وهو على رأس عمله، الحادث تبعه اعتصام نفذه عمال الميناء للمطالبة بتحسين ظروف عملهم، كما اشعل الحادث موجة احتجاجات بين موظفي الموانئ الذين اتهموا المسؤولين بالتقصير في اتباع إجراءات السلامة العامة. قبل ذلك، وفي حادثة اليمة، راح ضحيتها 7 أشخاص وأصيب آخرون، اثناء عملية "تفجير الصوامع" لإزالة مبناها وانشاء آخر جديد في شهر أيار (مايو) عام 2019، حيث تسببت عملية التفجير بانفجار خط غاز لعدم اتخاذ إحدى الشركات التي تعمل على تنظيف الصوامع لكافة إجراءات الحيطة والتقيد بعناصر السلامة العامة قبل عملية "التفجير". وبدأ ميناء العقبة نشاطه في عام 1939 وفي عام 1952 تم تأسيس ميناء العقبة رسميا بإرادة ملكية سامية، جرى بعدها عدة تغييرات قانونية شملت المهـام والمسميات مثل المؤسسة البحرية ودائرة ميناء العقبة، حتى جاء عام 1979 عندمــا صدرت الإرادة الملكية السامية بدمج المؤسسة البحرية ودائرة ميناء العقبة تحت مسمى مؤسسة الموانئ، وفي 2017 قرر مجلس الوزراء الموافقة على تحويل مؤسسة الموانئ إلى شركة مساهمة محدودة مملوكة بالكامل للحكومة تحت اسم شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ ACPOM.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان