"حوارات احسان عباس" آراء جريئة في الشعر والنقد معا

"حوارات احسان عباس" آراء جريئة في الشعر والنقد معا
"حوارات احسان عباس" آراء جريئة في الشعر والنقد معا

     يضم كتاب د. يوسف بكار "حوارات احسان عباس" الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ثمانية عشر حواراً مما اجري مع الموسوعي الراحل احسان عباس بدءاً من العام 1970 وانتهاء بعام وفاته 2003 . ويرى د. بكار ان هذه الحوارات تغص بآراء احسان عباس الصريحة الجريئة في جوانب شتى من المعرفة وتلقي اضواء ساطعة على قضايا مهمة في الشعر الحديث والشعر في فلسطين وعلى الرواية العربية عامة وفي فلسطين خاصة ،لا سيما عند غسان كنفاني واميل حبيبي وسحر خليفة وجبرا ابراهيم جبرا ورشاد ابو شاور، وعلى النقد الحديث وترجمة الشعر والاطار الثقافي للشاعر والحداثة التي ركز فيها على حداثة ادوارد سعيد "الذي لا حداثي سواه" في حين ان الاخرين مترجمون.

اضافة اعلان

     وتشتمل حوارات عباس على جملة من الآراء في الشعر والنقد يتطرق فيها الى توقفه عن كتابة النقد وابتعاده عن الشعر الحديث ليقول: الحقيقة انني لا استطيع ان اسمي ما تم من شعر منذ اربع سنوات حتى اليوم انحطاطاً لانك حتى تحكم على الشيء لا بد ان تواكبه وقد واكبت انا الشعر الحديث بمحبة قوية دفعتني الى تحدي اكاديميتي احياناً حتى اتهمني بعض اصدقائي من المحافظين بانني اضع قواعد لشيء لا يستحق التقعيد.

     كما يتطرق عباس الى النقد الذي نقرأه للنقاد الشباب والشعر الذي يكتب في هذه المرحلة بقوله لا استطيع ان اقيمه لان هناك فجوة طالت وهي ليست بالقليلة اما النقد فاني اتابعه واقرأه انما كما قلت عندما كتبت الكتيب الذي مثل تحولا في حياتي النقدية "اتجاهات الشعر العربي المعاصر" بانني اقرأ نقداً لا افهمه ولا ادري الى من يتجه هذا كما لا ادري ما الفائدة من ان اكتب قصيدة عندما انقد قصيدة اكتب في مقابلها قصيدة نقدية . هذا النقد لم اتعوده ولم آلفه ولا ادري مدى اثره في نفوس الاخرين انما في نفسي لا اقول ان النقد في ازمة ولكن اقول انه ليس هناك اي نقد .

    ويركز عباس على النقد بقوله ان النقد دراسة متكاملة لكل ظاهرة شعرية كانت عند شاعر او جزء من شعر عن شاعر او ظاهرة شعرية في وطن ما او في الوطن العربي عامة

وفي سؤال حول الحدود التي ضاقت بين الشعر والنثر وانه يمكن توليد الشعر من النثر يرى عباس انه في المنظور العام يحسب ان الكلام القائم على التصوير يمكن ان يسمى شعراً ما دام يقوم على التصوير مشيراً الى ان مشكلتنا فيما ننشئ في العالم العربي اننا نضع الشعر في غير موضعه بمعنى اننا نستعمل التصوير في النقد ونستعمل التصوير احياناً في الكتابة العلمية : انا اقول هذا لا يجوز اطلاقاً ان اكتب دراسة علمية عن المتنبى بلغة شعرية . لا يجوز ان اكتبها بالدقة العلمية التي تصل الى الاخرين دقيقة تماماً وانا مسؤول عن كل كلمة فيها . المشكلة اتية من اين ? لا ادري . اقول ما هو اكثر من ذلك انا لا استطيع ان اقرأ قصة مكتوبة باسلوب شعري.
 
     وحول شروطه في الشعر وما هو الشعر وما هي مستلزمات الشعر وكيف يشعر بانه في حضرة الشعر? يقول عباس هذا السؤال من اصعب ما يمكن فعلى مدى القرون يطرح ولا يستطيع احد ان يجيب عنه بسهولة ان الامر يختلف بين عصر وعصر. ما كان يعبر عنه الشاعر قديماً ليس من الضروري ان يعبر عنه اليوم او في المستقبل. من الصعب ان احدد ما الذي اتطلبه من الشعر لكني عندما اقرأ قصيدة واتفاعل معها احس انها اصبحت جزءاً من العوامل التي توجه تفكيري وحياتي .

    المثل هنا قبل القاعدة . عندما توجد قصيدة كيف توجد لا ادري لاني لست شاعراً ولكن عندما توجد وانا احس انني اصبحت جزءاً منها او هي اصبحت جزءاً مني وانه رغم ملكيتها لشاعر اخر استطيع ان ادعي انني ايضاً صاحبها لانني دخلت عالمها ودخلت هي عالمي وتمازجنا عندئذ اقول: هنا وجدت شعراً انما المتطلبات ابتداء ?؟ ...لا ادري .

    لا استطيع ان اضع حدوداً, وقواعد لما اتطلبه ويمكن ان اقول ان الشعر عالم مستقل . هو من داخل اللغة وهذا العالم المستقل له مواضعاته وله وجوهه الخاصة وبمجرد ان ابدأ اتنفس نوعاً من الهواء اقول ان هذا الهواء شعر وبمجرد ان ابدأ أن اشتم نوعاً من الازهار اقول ان هذه الازهار شعر واشعر انه لا بد من ان نفرق بين شيئين : ان هذا الشعر اما ما نسميه شعراً قد خدم مرحلة انية في تطور شعب ما وفي قضية ما او ان هذا الشعر تجاوز هذه المرحلة واخذ صورها وتجاوزها حتى يستطيع ان يقرأه الانسان بعد خمسين سنة فيحس شيئاً جديداً من التجاوب معه