حوارات الحكومة ورفع الدعم!

إن "مكوكيات" الحكومة وما تقوم به من حوارات ولقاءات، سواء أكانت مع كتل نيابية أو نواب أو أعيان أو أكاديميين، لشرح التحديات الاقتصادية وأولويات عملها خلال المرحلة المقبلة، تؤكد أننا مقبلون لا محالة على رفع الدعم عن سلع أساسية أهمها الخبز، الذي هو قوت الشعب الأساسي.اضافة اعلان
فالحكومة لا توفر فرصة أو مناسبة إلا وتؤكد فيها بأنها ماضية بكل ما أوتيت من قوة لرفع الدعم عن السلع الأساسية، بذريعة أنها تنوي توجيه ذلك الدعم إلى المواطن بدل السلعة.
ورغم تأكيد رئيس الوزراء هاني الملقي، خلال لقاءاته وخصوصًا الأخيرة، بأن حكومته ستعمل على إنشاء شبكة أمان اجتماعي يتم من خلالها الاستمرار بإيصال الدعم لمستحقيه، إلا أن الأردنيين لا يطمئنون إلى مثل هذه الأحاديث، وبالأخص أن لهم تجارب مريرة مع حكومات سابقة ، كما حصل إبان دعم المحروقات ومن قبلها "كوبونات" الحليب والأرز والسكر.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك فجوة عمقية بين الحكومة والمواطنين، فلو كان هناك على سبيل المثال مكتب أو دائرة متخصصة في شرح سياسات وإجراءات الحكومة، ما كانت الأخيرة تحتاج إلى كل تلك الجولات لشرح سياسة معينة أو إجراء ما أو إيصال معلومة، لكن عدم الثقة الذي يعود سببه لحكومات متعاقبة، يؤدي إلى كل تلك التكلفة.
نعم، لو كان هناك مثل تلك الدائرة، لكانت على الأقل عملت على طمس فجوات واقعة ما بين المواطن والحكومة، وخففت من مخاوف الشعب، ونقلت لهم الحقائق والتحديات سواء أكانت داخلية أو خارجية، بلا نقصان أو زيادة أو تجميل.
وعودة إلى موضوع رفع الدعم، فلو تمعنت الحكومة قليلًا، في تحقيقين نُشرا يوم الأحد الماضي، الأول للزميل جلال أبو صالح في صحيفة الدستور حول "تزايد ظاهرة بيع راتب التقاعـد"، والثاني للزميلة حنان الكسواني في "الغد" بعنوان "جبل النصر: هزائم معيشية متكررة لأسر تصارع الفقر والجوع والمرض.. وحكومات تتجاهل معاناتهم"، لتوقفت كثيرًا قبل الإقدام على النيل من قوت المواطن، في سبيل توفير ما يُقرب من الـ550 مليون دينار.
ألم تسأل حكومتنا نفسها، لماذا أصبح هناك من يقبلون على بيع رواتبهم التقاعدية؟. المواطن لم يقدم على هذه الخطوة في سبيل سفرة استجمام إلى شواطئ قبرص وتركيا، أو لاقتناء سيارة أصبحت بالوقت الحالي حاجة ملحة خصوصا أننا نفتقر لشبكة مواصلات عادية، بل أقدم على ذلك لدفع أقساط جامعية لأحد أبنائه، أو سداد ديون تلبسته بفعل سياسات حكومية غير عادلة.
ألم تلحظ حكومتنا بأن منطقة جبل النصر، التي يبلغ عديد سكانها حوالي 350 ألف نسمة، يعاني أهلها من فقر مدقع وفيها منازل آيلة للسقوط.. والغريب أن هذا الأمر يحدث في إحدى مناطق العاصمة.. وليس في محافظات الأطراف ولا في قُرانا التي تعاني الأمرين ولا في بوادينا التي تفتقر إلى الكثير.
أما آن للحكومة أن توقف استنزاف المواطن!