حينما "تعصف" المشاكل بين الزوجين.. هل يكون الطلاق حلا؟!

المشاكل بين الزوجين
المشاكل بين الزوجين
منى أبوحمور عمان - حالة من عدم الاستقرار النفسي وفوضى مشاعر لا تقوى خلود أحمد السيطرة عليها، فلم تعد تعلم إن كان الاستمرار في زواجها الذي تعصف به المشاكل منذ سنوات "أقل مصيبة" من اتخاذ قرار الطلاق. خوف الأربعينية خلود على أسرتها المكونة من أربعة أطفال، وقلقها الدائم على استقرار حياتهم، يدفعها في كل مرة إلى التراجع عن قرار الطلاق، رغم يقينها بأن الحياة مع زوجها أصبحت مستحيلة. تقول "في كل مرة أتخذ بها قرار الطلاق أتراجع عنه"، معطية فرصة جديدة للحفاظ على عائلتها واستقرار أطفالها، لكنها ومع مرور الوقت تيقنت أن الاستمرار في الزواج جريمة بحق أبنائها قبل نفسها. حالة الأمان والاستقرار التي يشعر بها أطفال خلود عند خروج والدهم من المنزل والتفافهم حولها في كل مرة يثور بها داخل المنزل، جعلها على يقين بأن "خروجه من المنزل أسلم للجميع". وابل من الإهانات وعنف بين الحين والآخر يعكر صفو أسرة دلال، جعل حياتها الزوجية "جحيما" لايطاق وزرعت في نفس أطفالها خوفا من أي صوت يعلو في المنزل. تقول " فور سماعهم جرس الباب يختبئون في الغرف، ذلك جعلني أعلم تماما أنني ببقائي مع زوجي أدمر أسرة بأكملها"، واصفة نظرات الخوف التي تسيطر على ملامح أبنائها الصغار، حتى عندما يكونون برفقة والدهم. تصف دلال خوف أبنائها من البقاء مع والدهم بالرغم من أنه يحاول كثيرا التقرب منهم، غير أن لحظات الشجار والعنف التصقت بذاكرتهم الصغيرة فأصبحوا يخافون ثورة أبيهم في أي لحظة. المعاناة لاتقتصر فقط على الزوجات، فهناك الكثير من الأزواج الذين منحوا أنفسهم فرصا كثيرة للحفاظ على الزواج من أجل الأطفال، إلا أن المحاولات باءت جميعها بالفشل. لم يمض على زواج الثلاثيني محمد جبريل سوى ست سنوات رزق خلالهما بطفلين، إلا أن مزاجية زوجته جعل الاستمرار في الزواج امرا مستحيلا. تفاصيل كثيرة تحيط بعلاقة جبريل بزوجته حرص على أن يطلع والديه عليها منذ البداية لعلهم يساعدونه في تجاوز هذه المشاكل او ربما يكون لديهم حلول تنقذ زواجه الذي ما يزال جديدا. "غيرة، شك وإهمال بأولادنا وإصرار على الخطأ في كل مرة.. حتى أصبح وجودها في المنزل يستفزني".. هكذا يقول جبريل الذي حاول مرارا وتكرارا التجاوز عن أخطائها والتماس لها العذر في كل مرة كانت تتطاول فيه على عائلته ورفضها زيارتهم أو حتى استقبالهم، إلا أن الأمر لم يعد صحيا حتى لأبنائه التي أهملتهم مؤخرا. ويقول جبريل "تقبلت كل شيء منها وتجاوزت عن الكثير إلا أنها تهمل الاولاد نكاية بي، حينها أيقنت أنها لاتستحق أن تكون أمهم ولا أن تكون زوجتي"، معلنا لعائلته مضيه في إجراءات الطلاق. غياب الشعور بالأمان في العلاقة الزوجية من ضرب، تهديد، ايذاء معنوي، نفسي او جسدي وتخويف دائم، وفق خبيرة العلاقات الزوجية الدكتورة سلمى بيروتي من أهم الأسباب التي تدفع الشريكين للتفكير في إنهاء العلاقة الزوجية. وتلفت بيروتي إلى أن وجود عنف أسري متكرر يشكل خطرا على الأسرة والزوجة والأولاد، حينها لابد من التدخل واتخاذ قرار الانفصال، ناصحة بضرورة لجوء الزوجين إلى استشاري أسري أو طرف ثالث خبير في العلاقات الزوجية عند وجود خلل يشكل تهديدا على أمن العائلة وسلامتها، فإذا امتنع أحد الطرفين عن الإصلاح والتغيير، حينها يكون الطلاق هو الحل. وتلفت إلى أن شعور الأمان بالعلاقة الزوجية من أهم الاحتياجات، وغيابه قد يستدعي الطلاق، لذلك لا بد من أن يكون البيت بيئة آمنه، تخلو من العنف لجميع أفراد العائلة فالزوجان نموذجان يقتديان به الأولاد. ويسبق الطلاق الفعلي بحسب بيروتي، طلاق عاطفيوهنا لابد من اللجوء الى الإرشاد الأسري، لحل المشكلة ومعالجة النمط السلبي السائد في العلاقة، واذا لم يفلح الأمر حينها، لابد من اتخاذ قرار الطلاق؛ فالاستمرارية أمر غير صحي للأسرة. وتقول بيروتي؛ وجود توافق نسبي بين الزوجين صحي للأبناء، مشيرة إلى أن استحالة الحياة الزوجية سببا لإعادة النظر في العلاقة وما تفتقده من تلبية للحاجات العلاقاتية من تقبل، ومودة، ورضا واستحسان، وتقدير واهتمام، ومواساة، واحترام، ودعم وتشجيع وأمان. تلبية هذه الحاجات العلاقاتية بحسب بيروتي، وبشكل متبادل، من الضروريات لاستمرارية روح المحبة والعطاء والشعور بالامتنان في مؤسسة الزواج، والابتعاد عن أجواء التوتر والغضب والاكتئاب الذي يؤدي الى اضمحلال العلاقة و"موتها نفسيا" ومن ثم الى اللجوء للطلاق. التربوية رولا خلف ترى أن غياب اتفاق الزوجين وغلبة الكراهية والحقد على العلاقة الزوجية، يؤدي إلى الدمار النفسي، وتزداد المشاكل يوما بعد يوم وتؤثر سلبا على حياة الأبناء وتسبب لهم الأذى النفسي وعدم الاستقرار وغياب الإحساس بالأمان، حينها قد يسلكون طريقا خاطئا ليبتعدوا عن جو المشاكل بين الوالدين. لذلك الحل الأمثل في هذه الحالة هو الانفصال في سبيل تحقيق حياة آمنة ومستقرة لأطفالهم. وتلفت أبوبكر إلى أن هناك جملة من الظروف إذا وجدت أحدها يكون الانفصال حلا بين الزوجين لعل أهمها الخيانة من أحد الطرفين لما لها من آثار نفسية كبيرة على جميع أفراد العائلة، كما أن تعرض الزوجة أو أبنائها للاهانة والاعتداء البدني بالضرب أو الاعتداء اللفظي والجنسي. وتجد أبو بكر أن اعتماد الزوج بشكل كلي على الزوجة في تحمل مسؤولية البيت كاملة والاولاد والانفاق عليهم، واتكاليته عليها بالقيام بكافة الواجبات الزوجية او البخل والامتناع قصدا عن الانفاق على البيت، يكون فيها الطلاق هو الحل الأمثل للزوجة والأبناء للتخلص من المشاكل التي قد يتعمد الزوج لخلقها بين الحين والآخر. وتنصح أبوبكر بضرورة أن يكون التسامح أساس التعامل مابعد الطلاق وليس الانتقام، مشيرة إلى العديد من الأزواج أصبحت علاقتهم إيجابية جدا بعد الانفصال، إذ يكون هنالك اتفاق بين الطرفين في التعامل مع الأبناء ليشعروا بحياة آمنة مستقرة على جميع الأصعدة.اضافة اعلان