خبراء: أزمات المشهد الجيوسياسي بالمنطقة تهمش قضايا المياه

إيمان الفارس عمان - تقارع أزمات المشهد الجيوسياسي دول العالم العربي والإسلامي، ومن ضمنها الأردن، ما أفقد تلك الدول القدرة على بناء حلول استراتيجية جادة لقضية المياه، وما جدد أيضا طرح جدوى العمل وفق مفهوم دبلوماسية المياه والتشارك الإقليمي. وانطلاقا من تحديات واقعية باتت تهدد تلك الدول وسط مخاوف مواجهتها في القريب العاجل، حذر مختصون في قطاع المياه، من خطورة مواجهة تبعات قضايا المياه الحساسة، ومن أهمها المياه في الأحواض المشتركة فيما بينها. وشددوا في حديثهم لـ"الغد"، على ضرورة تبني دول العالم العربي والإسلامي الحلول اللازمة، وأخذها بمحض الجدية على أرض الواقع، تجنبا لوقوع صراعات تتعلق بما يسمى بـ"حروب المياه" القادمة. كما اعتبر المتخصصون أن التعاون الإقليمي في قضايا المياه، إجراء لا محالة فيه، مبينين أن الحل الأمثل لمواجهة التحديات المائية المستقبلية؛ هو الإدارة التعاونية لموارد المياه المشتركة. ولا يمكن إغفال النظر عن تداعيات التغيرات المناخية والجيوسياسية، والتي نبه المدير التنفيذي للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه، والمستضيفة لمؤتمر الشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه المنعقد مؤخرا، مروان الرقاد، مما تشكله تلك التغيرات من ضغوط إضافية على مصادر المياه، لا سيما أن الشح المائي لا يعترف بالحدود السياسية. وفي ظل التسارع المستمر للحاجة إلى المياه واستنزاف المصادر المائية، أوضح الرقاد أن الأزمة المائية تتعاظم بوجود النزاع على المياه في الأحواض المشتركة، محذرا من ازدياد ملامح خطورتها، في ضوء غياب التوافق السياسي على إدارتها. وفيما رفع الرقاد من شأن وأهمية بلوماسية المياه بجعل المياه أداة للتوافق والتعاون لا للصراع والتنازع، حذر مؤسس ورئيس منتدى الشرق الأوسط للمياه وزير المياه والري الأسبق، حازم الناصر، من مخاطر تبعات قضايا المياه المسجلة حتى العام 2020، والتي تركزت في مشاكل الأحواض المائية المشتركة، حيث تقع معظمها في إطار دول العالم الإسلامي والعربي في الشرق الأوسط. وانطلاقا من هذه التحديات، أوضح الناصر أن اتباع نهج دبلوماسية المياه، يتطلب خططا طويلة الأمد للتنسيق والاجتماعات والتفاوض ودمج السياسيين بقضايا متعلقة بالقطاع، وسط إشراك مؤسسات بحثية، وبناء قدرات لتحسين البيئة الدبلوماسية والعمل المشترك، بهدف تطوير عمل الدبلوماسية المائية، لافتا لاعتمادها على الأبحاث والاستقصاء والتوسط بين الدول. واقترح الناصر حلولا من شأنها تسريع بدء التعاون، عبر اتباع استراتيجية في مناطق دول العالم الإسلامي، من أبرزها جمع وتبادل المعلومات، وإجراء دراسات إقليمية بالإضافة لدراسات تتعلق بكيفية الحماية من الفيضانات، وصياغة مواصفات موحدة لعمل وأجهزة المياه، وذلك إلى جانب تبني حلول المياه الذكية، وخطط لانتاج الطاقة الشمسية والمائية، وانتقال مراكز البحث والتميز في بعض دول العالم الاسلامي والاستفادة من كل منها وصولا لاستراتيجية شاملة للأقاليم، يتم العمل على تبنيها من قبل الدول. وتعزيزا لدور الدبلوماسية، ذهبت الأمين العام الأسبق في وزارة المياه والري، ميسون الزعبي، لضرورة إعداد جيل من الدبلوماسيين القادرين على حل مشكلات المياه، مؤكدة أهمية دور الزعماء السياسيين والبرلمانيين والمسؤولين الحكوميين والقادة الإعلاميين والخبراء خاصة في المناطق التي تواجه نزاعا سياسيا. وبينت الزعبي دور هذه المجموعة بتمهيد الطريق لإنشاء مجالس تعاون إقليمي وصولا لإدارة مستدامة للمياه العابرة للحدود، ومساهمتها بتسهيل المراقبة المشتركة للتدفقات المائية، وتوحيد المعايير لقياس المياه والمؤشرات المناخية، وذلك إلى جانب التفاوض حول المخططات الاستثمارية المشتركة في المشاريع الكبرى المرتبطة بالمياه، ومناقشة المبادلة بين المياه والسلع العامة الأخرى. واتفقت الأمين العام الأسبق في وزارة المياه مع سابقيها حيال تعزيز التنمية العلمية والتكنولوجيا بغرض تحديد التحديات المائية وتعزيز الحوكمة الكفء لموارد المياه، مشيرة لأهمية تشجيع استعمال المياه لتعزيز السلم وحماية البيئة البشرية. وأعربت الزعبي عن أملها بالشروع في تطبيق هيكلة قانونية مقبولة على الصعيد العالمي، وآليات حوار وشبكة سلام أزرق تغطي جميع أنحاء العالم، مركزة على دور المبادرة الاقليمية "مبادرة السلام الأزرق في الشرق الأوسط". وأوصت بضرروة اعتماد توصيات مؤتمر الشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه، وتحديد النشاطات الداعمة لها، بهدف تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء، بما يضمن إغناء المعرفة والخيارات المتاحة لديها وإمكانية تبادلها، عبر التزام كافة الدول الأعضاء بهذه الرؤية حيث توفر إمكانات حقيقية للتصدي للعديد من التحديات الراهنة والمستقبلية.اضافة اعلان