خبراء: قرارات تطوير القطاع العام مستنسخة

مبنى مجلس الوزراء في جبل عمان -(ارشيفية)
مبنى مجلس الوزراء في جبل عمان -(ارشيفية)

عبدالله الربيحات

 عمان- اعتبر خبراء اداريون أن حزمة القرارات المتعلقة بالإصلاح الإداري وتطوير أداء القطاع العام، التي أعلنت عنها وزيرة الدولة لتطوير الأداء المؤسسي مجد شويكة قبل أيام، “لم تأت بجديد على الاطلاق، ذلك أنها منسوخة عن معايير جائزة الملك عبدالله الثاني لتميز الأداء الحكومي والشفافية، وأُعيدت صياغتها”.اضافة اعلان
وبينوا لـ “الغد” أن مجالس الوزراء السابقة أصدرت الكثير من القرارات المماثلة لقرار الحكومة الأخير، ونسب بها وزراء تطوير عام سابقون دون التقيد بها، مشيرين إلى أن تطوير القطاع العام وتحسين أدائه، “لا يمكن أن يتحققا بالقطعة وإنما من خلال استراتيجية واضحة ومحددة ودقيقة تنبثق عنها خطة تنفيذية ذات مؤشرات أداء واضحة ودقيقة وعمليات قياس فاعلة”.
وكانت شويكة أعلنت عن تفاصيل حزمة القرارات المتعلقة بالإصلاح الإداري وتطوير أداء القطاع العام، واعتبرتها خطوات فورية على طريق تنفيذ أولويات الحكومة للعامين المقبلين.
وأوضحت شويكة أن هذه القرارات ترتبط بعشرة محاور أساسية، هي “التعاقدات، الحوكمة المؤسسية، الدوام الرسمي، الاستخدام الأمثل للموارد البشرية، تحديد وإعادة توزيع الفوائض، أهداف الوحدات التنظيمية، الإحلال والتعاقب، الخدمات الحكومية، المتسوق الخفي، وتعزيز التواصل مع المواطنين من خلال المنصة الإلكترونية الحكومية (بخدمتكم)، ودور وحدات التطوير المؤسسي في المؤسسات الحكومية”.
رئيس ديوان الخدمة المدنية السابق هيثم حجازي، تساءل: “عما إذا كان هذا القرار تمت مناقشته بشكل معمق من قبل مجلس الوزراء”، لافتا إلى أن “القرار لم يأت بجديد على الإطلاق، لأن المحاور التي تضمنها منسوخة بالكامل عن معايير جائزة الملك عبدالله الثاني لتميز الأداء الحكومي والشفافية، لكن أُعيدت صياغتها بشكل أو آخر”.
واضاف ان ما ورد بالقرار عن تقييم التعاقدات مع الموردين ومزودي الخدمات موجودة أصلا ضمن “معيار العمليات والخدمات” الوارد في الجائزة، وتقوم الغالبية العظمى، إن لم يكن كلها من الوزارات والمؤسسات الحكومية بإعداد ما يسمى (مصفوفة الموردين) التي تتضمن المعلومات الواردة في قرار مجلس الوزراء.
كما أن الحوكمة المؤسسية، نص عليه “معيار القيادة” بالجائزة، والذي حدد أبرز الممارسات التي يجب على القيادة الادارية القيام بها لجعل الحوكمة ممارسة يومية في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وكذلك بالنسبة للاستخدام الأمثل للموارد البشرية الذي عالجته الجائزة ضمن معيار “إدارة الأفراد”، إضافة الى توصيات ديوان الخدمة المدنية بهذا الشأن.
وقال حجازي إن خطط الإحلال والتعاقب “هي الأخرى ضمن “معيار ادارة الأفراد” بالجائزة، والأمر نفسه ينطبق على ما ورد في قرار مجلس الوزراء فيما يتعلق بتحديد أهداف الوحدات التنظيمية المرتبطة بالأهداف الاستراتيجية، أما فكرة المتسوق الخفي فقد خصص لها في جائزة الملك عبدالله الثاني للتميز، 15% من العلامات للمؤسسات التي تقدم خدمات للمواطنين.
وأضاف، إن هذا “الاستنساخ يعني إما أن هناك ازدواجية، أو أن هناك نية خفية لإلغاء مركز الملك عبدالله الثاني للتميز لتحل هذه الوحدة مكانه كما حدث مع إلغاء وزارة تطوير القطاع العام”.
وراى حجازي ان جميع ما ورد في القرار المذكور من بنود موجودة أصلا ضمن معايير الجائزة المعتمد أساسا على أنموذج التميز الأوروبي، والمركز معتمد من قبل المؤسسة الاوروبية لإدارة الجودة، كما أن جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية، وهي جميعها تقريبا مشاركة بهذه الجائزة، تقوم بتطبيق هذه المعايير ولكن تنقصها عمليات المراجعة والتحسين المستمر.
واضاف ان المركز يقوم بتزويد الوزارات والمؤسسات الحكومية بتقرير في أعقاب اعلان نتائج الجائزة يتضمن نقاط القوة الموجودة في المؤسسة وكذلك فرص التحسين المطلوبة وسبل تحقيق ذلك. وهنا يأتي دور القيادات الادارية العليا في الأخذ بما ورد في هذا التقرير.
 وتابع ان تحقيق تحسن ملحوظ في أداء القطاع العام لا يمكن ان يتحقق الا من خلال وجود قيادات ادارية عليا تدرك تماما تركيبة القطاع العام وتمتلك المعرفة الكافية فيه وبآليات عمله، ولتصبح لدينا موارد بشرية مؤهلة قادرة على إحداث النقلة النوعية المطلوبة لتطوير القطاع العام وتحسين أدائه.
بدوره، بيّن مدير عام معهد الإدارة العامة السابق راضي العتوم ان الحكومات ركزت في تسعينيات القرن الماضي على انشاء وحدات للتطوير الاداري بكل دائرة ترتبط بالأمين العام أو المدير العام لتقوم بمهام الاصلاح والتطوير، وكانت التجربة نسبيا جيدة.
وأشار الى الاهتمام بالتطوير توقف بعد منتصف التسعينيات، واستؤنف في منتصف 2000 بإنشاء وزارة تطوير القطاع العام، التي تبنت برنامج اعادة هيكلة للقطاع العام دون أن تحقق نجاحا كبيرا، موضحا أن الاختلال الاداري بالمؤسسات، حمل الخزينة أعباء مالية اضافية دون فائدة تذكر.
واكد العتوم النهوض بالقطاع العام وتطويره “مرهون بالقائد القدوة”؛ أي تعيين القائد المختص، الأمين على العمل، المخلص  والقادر على فهم واستيعات واقع العمل العام وسلوك الموظف، والامتثال للعمل.
وبين العتوم ان من حزمة القرارات المتعلقة بالإصلاح الإداري هناك أربعة محاور تعتبر حيوية وأساسية وهي: الحوكمة المؤسسية، وتوفير الخدمات الحكومية، وتعزيز التواصل مع المواطنين خلال المنصة الإلكترونية (بخدمتكم)، أمّا ما يتعلّق بالأهداف الستة الأخرى فهي “بحكم واجبات صاحب القرار ومفروغ منها وبديهية، والمسؤول الذي لا يعمل على تنفيذها يجب أن يعاقب ويحاسب”.
وفيما يتعلّق بالتعاقدات الحكومية، بين العتوم ان الوزارة افترضت أن التعاقد هو لإنجاز خدمات للحكومة فيما ينبغي أن ينصب الاهتمام على تقديم الانتاج (السلع) أكثر من الخدمات.
 وبخصوص أهداف الوحدات التنظيمية، والدوام وخطط الاحلال والتعاقب، ووضع معايير تقديم الخدمة، ومؤشرات قياس فعالية وكفاءة وجودة هذه الخدمات فقد اشبعت حديثا والنتيجة كما نرى، “لا نتائج ملموسة تعي مصلحة مؤسسات الحكومة، وستبقى في مكانها”.
وقال العتوم ان العمل على تحقيق الحوكمة يزيل الكثير من الشوائب أمام تطوير وتحديث أساليب عمل القطاع العام، وهذا يحتاج الى جهود كل وزارة ومؤسسة في تطبيق معايير شفافة لإنجاز المهام والواجبات الموكولة لها وفقا لتشريعاتها من قوانين وأنظمة سارية المفعول، واستخدام شبكة انترانت (نت داخلي) وانترنت (نت خارجي) في آن معا، لتكون الدولة بكافة مؤسساتها مربوطة بحزمة متكاملة من الخدمات العامة المقدمة للجمهور والمتعاملين الآخرين.